الغوطة الشرقية بين صورتين

السبت، 10 مارس 2018 04:52 م
الغوطة الشرقية بين صورتين
محمد الشرقاوي

 

غارات لم تنقطع واشتباكات بين قوات النظام السوري وميليشيات إرهابية تحوم طلقاتها في هواء الغوطة الشرقية، تقصف كل رأس لم تأخذ ساترًا، وتأخذ بيد كل طفل غاب عن أبيه برهة إلى الآخرة، وكل إمرأة تنتظر قيامة زوجها من بين الأموات عله يحتضنها.

المشهد لا ينفك عن تلك اللقطات، تتكرر مشاهده بشكل يومي، بداية من العملية التي أطلقها الجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية لطرد ميليشيات جبهة فتح الشام – النصرة سابقًا ومعاونيها.

العملية التي بدأت في فبراير الماضي، حقق فيها الجيش السوري نجاحات عدة، في ظل اتهامات من الميليشيات للجيش باستخدام إستراتيجية "الأرض المحروقة"، في الوقت الذي تقول فيه مراكز دولية إنهم العناصر ذات الأيدلوجية الدينية – قريبة من تنظيم القاعدة – تنتهج تكتيكات حرب العصابات، والتمترس وراء المدنيين –اتخاذ المدنيين دروع بشرية.

resize
 

 

بعيدا عن الاشتباكات ومناطق القصف، وقف رجال يستلمون مساعدات أممية أدخلتها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في ظل هدنة ترعاها الأمم المتحدة تستوجب توقف القتال لمدة 5 ساعات يومية، بعد شح الغذاء والمستلزمات الطبية، فهناك أطفال يتضورون جوعا.

توقفت الهدنة أثناء عودة الآباء لذويهم، وعادت الاشتباكات بين المتنازعين سريعا، فكانت هناك قذائف طائشة صابت ملجأ ترك فيه أحد هؤلاء الرجال أبناءه.

syr-1
 

انفجار شديد هز أرجاء المنطقة، وبدت ملامحه للذكور على بعد كيلو متر حيث تركوا ذويهم، الجميع أسرع بما يحمل في يده، فإن لم ينقذهم من الموت سيشفع لهم من الجوع.

لم ينقذهم أو يشفع لهم، فوجد أحدهم أطفاله الصغار بين الحطام صرعى، ازداد نحيب الرجال ولم يجد أباهم ما يكفنهم فيه، غير أن أفرغ ما آتاهم منقذا من الجوع يزفهم فيها إلى الآخرة.

نشطاء من داخل الغوطة، نشروا صورة أظهرت جثماني طفلين، وضعا في كفنين عليهما شعار "مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة"، منددين بإخفاق الأمم المتحدة في حماية أطفال الغوطة من المعارك الدائرة على الرغم من الموافقة الأممية على هدنة يومية.

أطفال سوريا
 

الوضع الآن بحسب التلفزيون السوري الرسمي، فإن المجموعات الإرهابية المسلحة المتمركزة في الغوطة الشرقية تواصل منع أهالي الغوطة من الوصول إلى الممرين الإنسانيين وتهدد بقتل كل من يفكر بالخروج.

وفي بث مباشر لها من على معبر "جسرين المليحة" قال أحد شيوخ العشائر من مدينة دير الزور والعاملة في شؤون المصالحة السورية: هناك مفاوضات جارية لإخراج 600 مسلح من الممر الإنساني الجديد "جسرين- المليحة".

لافتا إلى أن لجان المصالحة السورية وبالتعاون مع الحكومة السورية قامت  قمنا بتجهيز الحافلات لنقلهم خارج الغوطة بعد خروجهم وتسليم أنفسهم.

اتوبيسات نقل المدنيين في الغوطة

 

في الوقت ذاته، قتلت امرأة وأطفالها الثلاثة بنيران المجموعات الإرهابية أثناء محاولتهم الخروج عبر الممر الإنساني المؤدي من جسرين إلى المليحة في الغوطة الشرقية.

وذكرت "سانا" أن "إرهابيين من تنظيم "جبهة النصرة" والمجموعات التابعة له المنتشرة في الغوطة الشرقية بريف دمشق أطلقوا قبل ظهر اليوم السبت، النيران على عائلات حاولت الخروج من بلدة جسرين باتجاه الممر الإنساني المؤدي إلى المليحة ما تسبب باستشهاد 4 أشخاص من عائلة واحدة".

وتمثل الهزيمة في الغوطة أسوأ تراجع للتنظيمات المسلحة في سوريا منذ طردها من شرقي حلب نهاية عام 2016، بعد حملة مشابهة للجيش السوري مدعوما بالطيران الروسي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق