كيف تحرق دم المستفزين فى السباق الرئاسى المحسوم؟

السبت، 17 مارس 2018 05:00 م
كيف تحرق دم المستفزين فى السباق الرئاسى المحسوم؟
محمد حسن الألفى يكتب:

ما أكثر هؤلاء اليوم، ليس فقط على المستوى الشخصى فى التعامل، بل أيضا على مستوى القضايا الكبرى، على أساس أن الأمية السياسية انتهت تماما، وأصبح فى مصر 100 مليون مفكر وخبير استراتيجى وزعيم إعلامى! وأكثر القضايا المستفزة حقا والتى لا يصلح معها أحد الحلين السابقين، قضية نزول الرئيس السيسى انتخابات الرئاسة دون منافس حقيقى، وأن المنافس المهندس موسى مصطفى موسى الذى دفع به فى الهزيع الأخير من النهار الانتخابى مقضى عليه، وخسران خسران.
 
فى تفاعلات الجدال حول مرشح سوف يكتسح، ومرشح بالضرورة خسران، يمكن رصد عدد لا بأس به من الرسائل السياسية، تنتشر وتتسلل وسط فيض الجدال والمناوشات الإعلامية، وفى الصالونات الثقافية، وفى دوائر المقاهى السياسية، ومن أخطر هذه الرسائل ترسيخ فكرة أن هذه الانتخابات محسومة، وبالتالى، يتقاعس الناخبون عن النزول والمشاركة، فتركز القنوات الفضائية، عالميا وعربيا وعملائيا، على الصناديق المهجورة، والقاعات الخاوية، والقضاة الذين يتصفحون الفيسبوك طردا للملل!
 
المطلوب إذن هو هذه الصورة، ومعناها الوحيد عزوف الناس عن الاشتراك فى استفتاء، وليست انتخابات حقيقية، ويترتب على شيوع هذا الانطباع، عدوى جماعية تستمر من اليوم السادس والعشرين حتى الثامن والعشرين، وتبدو مصر كأنها تخلت عن مرشحها، بدعوى أنه سينجح حتما.
 
المستفزون يجادلون بأنه كان من العقل توفير الأموال الطائلة التى أهدرت فى سرادقات إعلان الولاء والامتنان، وإنفاقها فى أعمال الخير، خصوصا أن هذه التجمعات بالأداء المسرحى المشتعل فيها مفرخة ومفرزة حقيقية لطبقات المنافقين، والمنتفعين بالتمنى حتى.
النقطة الجدلية الأخيرة هذه، يمكن أن ترد عليها بالتعالى أو بالحجة، وفى الحالين لن يجدى الرد ولن يؤثر، لأن الذين ينفقون على هذه المؤتمرات هم اختاروا المناسبة للتعبير عن عرفان وعن أجواء انتخابية هى بطبيعتها احتفالية بل كرنفالية.
 
لكن النقطة الجدلية الأولى وهى إظهار قاعات الاقتراع خاوية لإحراج المرشح الذى سيفوز بعد الفرز، أو إظهار المشهد كأن المرشح السيسى ينافس المرشح السيسى، هى حقا ما يستحق التعامل معها بأسلوب مختلف تماما، فلا الرد بالحجة يفلح ولا الرد بالاحتقار وتسديد نظرات الرثاء إلى المستفزين سوف يهز فى جبلتهم شعرة.. الحل الوحيد هو استخدام طريقتهم، استفزازهم، أن نهز الرءوس ونقول:
نعم، هو استفتاء واحنا عايزينه استفتاء وعاجبنا الاستفتاء، وحنختار السيسى فى الاستفتاء، اتفلقوا واخبطوا رءوسكم فى البلاط أو الحيط!
احرق دمهم، لأنك إن اهتممت بالرد وبعقلانية سيفجرون فيك شرايين القلب، فأصبهم أنت بمنطقهم، واذهب يوم الاقتراع الحر المباشر واعط صوتك للسيسى أو لموسى، المهم أن تذهب، لأن ذهاب الناس ليس فقط لاختيار رئيس جديد لمصر أو رئيس لفترة ثانية وفق الدستور، يعنى أن الدورة الدموية السياسية فى مصر تجاوزت جلطات الإخوان وجليطات العملاء وأعوان المخابرات التركية والقطرية.
 
ما ذنب الرئيس أنه حقق تقريبا معظم ما وعد به خلال حملته الرئاسية الأولى؟ من الطبيعى أن الشعب سوف يختار مَن ضحى ومَن بنى ومَن عمّر ومَن أصلح الاقتصاد رغم قسوة المشارط والعلاجات.. لا بد أن نتذكر أمرين مهمين: أن هذه الانتخابات بالذات أقرب إلى النزول الشعبى الهادر يوم ثلاثين يونيو، وأشبه بيوم نزلنا فيه لنمنح الفريق السيسى تفويضا بمحاربة الإرهاب والعنف المحتمل، وكان هذا النزول برجاء وبنداء من وزير الدفاع الذى وضع الشعب فيه كل أمنه وسلامة وطنه، ولم يخذله الرجل.. النزول إلى صناديق الاقتراع فى 26 مارس لا يقل خطورة وضرورة عن نزولنا فى أيام 26 يونيو و30 يونيو و3 يوليو، أيامها ومع نجاح الثورة الوطنية الشريفة، رأها الغرب انقلابا على الإرهاب، فى مفارقة تبعث على الذهول والأسف، ومع الوقت، وبسبب من التفاف الشعب حول الرئيس، انقلبت الرؤية، وظهرت مصر فى المكان الصحيح على المسرح الدولى.. المستفزون يقلقهم جدا منظر مصر وفيها مرشح واحد حقيقى وآخر صورى، ألم يفزعهم منظر الفوضى العارمة والحرائق وأعمال السلب والنهب؟ ألم يفزعهم اختراق الحدود واستباحة الأمن القومى المصرى من كتائب القسام، ومن حزب الشيطان اللبنانى الإيرانى؟ ألم يفزعهم خطف وقتل وذبح وسحل أولادنا، ودمنا، من ضباط وجنود الجيش والشرطة؟
 
لا يهمنا لا شكل ولا مناظر، الذى يهمنا فقط هو بقاء مصر متماسكة وملتفة حول قيادتها لأربع سنوات أخرى قادمة، تجنى فيها ثمار الصبر والمعاناة.. إن التحدى الصعب حقا هو إعداد مرشحين حقيقيين لسباق انتخابات الرئاسة عام 2022.
 
نريد رئيسا بطعم السيسى، حاسم، وطنى، سياسى، ماكر، صانع فورى للأحلام، صبور، قادر على حشد مشاعر الجماهير، وقادر على العلاج بالصدمات.
 
انتخابات 2018 محسومة؟ حسنا هى كذلك فماذا يضيركم؟ الانتخابات التالية لها هى سباق لمَن يثبت أنه مصرى من ضهر مصرى!

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق