حماية المنافسة: شركات الأسمنت رفعت الأسعار لتحقيق أرباح قبل خفض الدعم

الخميس، 22 مارس 2018 03:57 م
حماية المنافسة: شركات الأسمنت رفعت الأسعار لتحقيق أرباح قبل خفض الدعم
صناعة الأسمنت
هدى خليفة

زيادة عدد الشركات العاملة أدى إلى تنافسية السوق 

ارتفاع تكاليف انتاج الشركات بمعدلات فاقت الزيادة فى الأسعار
 

أصدر جهاز حماية المنافسة اليوم تقريرا استقصائيا عن أوضاع المنافسة داخل عدد من الأسواق الأساسية، وبحث مدى توافقها مع قانون حماية المنافسة، وبهدف الكشف عن الممارسات التي من شأنها الحد من المنافسة أو تقييدها.

وقال التقرير، إنه نظراً لما اثير مؤخرا عن شبهة وجود ممارسات احتكارية في سوق الأسمنت، وايمانا من الجهاز بأهمية المشاركة في إتاحة المعلومات والحقائق، أوضحت الدكتورة منى الجرف أنه قد يكون من المفيد مشاركة الرأي العام -الأن-بعض نتائج الدراسة التي قام بها عن سوق الأسمنت خلال الفترة من 2013 – 2017، والتى قد تساعد فى تفسير ما يشهده سوق الأسمنت حاليا من اضطرابات وتغيرات ،وفى ذات الوقت يقوم الجهاز باستكمال البحث ليشمل الاسابيع الأخيرة .

و قد جاءت أهم النتائج على النحو التالى:

أولا: زيادة المنافسة في سوق الاسمنت وتراجع نسب التركز والسيطرة:

فقد زادت عدد الشركات من 13 شركة عام 2008 إلى 22 شركة في عام 2017، مع توقع مزيد من الزيادة مع طرح الحكومة لعدد 11 رخصة لإنشاء مصانع جديدة في يناير 2017، وتوقع تشغيل مصنع بني سويف خلال الأشهر القادمة والذي يعد الأكبر في مصر بإجمالي ستة خطوط انتاج وبطاقة انتاجية تبلغ نحو 13 مليون طن سنويا (لتمثل نحو 30% من إجمالى الطاقة الإنتاجية الحالية)، وهو ما سيساهم بمزيد من المنافسة في هذا السوق.

وبدون الدخول في تفاصيل فنيه أو علمية، انخفضت بالفعل كافة مؤشرات التركز المختلفة بسوق الأسمنت، وهي المؤشرات التي تقيس درجة سيطرة أو هيمنة شركات محدودة على النصيب الأكبر من الإنتاج في السوق، وهذا بدوره ما يؤكد زيادة المنافسة وانخفاض قدرة الشركات الكبرى على التحكم فى الكمية المعروضة من الإسمنت محليا.

كما أوضحت الدراسة تراجع الحصص السوقية للشركات الكبرى في السوق فقد تراجع نصيب لافارج عام 2017 بنحو 36% من حصتها عام 2008 من إجمالى سوق الأسمنت ، ومجموعة السويس انخفضت حصتها بنحو 50% مما كانت عليه في بدابة الفترة، وفى ذات الوقت تضاعفت حصة شركات أخرى مثل السويدي وأسمنت بني سويف، كما نجحت شركات جديدة كاسيك المنيا للأسمنت، وشركة جنوب الوادى وشركة صناعات مواد البناء، وأسمنت النهضة في الدخول إلى سوق الإنتاج؛ بما يؤكد حرية الدخول والمنافسة في سوق الأسمنت.

ثانيا: ارتفاع تكاليف الإنتاج بمعدلات فاقت الارتفاع في أسعار بيع أرض المصنع، ومن ثم انخفاض هامش الربح التشغيلي في المتوسط لشركات الإنتاج، حيث جاءت بيانات الشركات العاملة بالسوق (باستثناء شركتي العريش والقومية ؛ لعدم توافر بياناتها) لتؤكد ارتفاع تكاليف الإنتاج خلال فترة البحث بشكل واضح والتى كان لقرار رفع الدعم عن الطاقة وفقا لخطة الإصلاح الاقتصادي اثرا واضحا بها؛ حيث تمثل الطاقة وحدها نحو 60% من تكلفة الإنتاج، وقد انعكس ذلك على متوسط هامش الربح التشغيلي (يعبر عن مدى قدرة الشركات على الثبات أمام التغيرات السوقية وتحقيق النمو) لشركات الإنتاج في سوق الأسمنت خلال عام 2017 ليصل إلى ادني مستوى له من 19% إلى 6%،خلال الفترة 2013-2017، بل وقد حققت بعض الشركات هامش ربح تشغيلي يصل الى الصفر في عام 2017.

ثالثا: تراجع الانتاج المحلى لشركات الأسمنت خلال عام 2017 مقارنة بعام 2016،على أثر انخفاض الطاقة الإنتاجية المستغلة بنسبة 2%، إلا انه أنه لم تتوافر لدى الجهاز اى قرينة على الاتفاق بين الشركات التى قامت على تخفيض طاقتها المستغلة والتى لم تتعد حصتها السوقية 17% من المبيعات.

وأرجعت الدراسة ما قامت به هذه الشركات إلى ما واجهته من تحديات ناجمة عن التغيرات الكبيرة في تكاليف الانتاج سواء الناتجة من رفع الدعم الحكومي عن منتجات الطاقة من جهة، أو تلك المترتبة على رفع سعر العملة الأجنبية والتي أثرت على مستلزمات الإنتاج المستوردة من جهة أخرى، فضلا عن عدة عوامل أخرى منها إجراءات الصيانة للمكينات ولتشهد الأسابيع الأخير في عام 2018 مزيدًا من التراجع في الطاقة الإنتاجية الفعلية مع  توقف-جزئى- فى انتاج عدد من الشركات في إطار العملية الشاملة بسيناء، وبالشركة القومية للأسمنت؛ حيث لا تتوافر بيانات دقيقة عن انتاج هذه الشركات .

رابعا: طبيعة الأسمنت البورتلاندى الرمادي فهو منتج فريد لا يتوافر له بدائل أخرى، خاصة مع تفضيل المنتج المحلى عن المستورد، وهو الأمر الذي يترجم فى انخفاض مرونة الطلب السعرية له (أي أن ارتفاع السعر لا يؤثر بشكل كبير على الطلب عليه) ويفسر إلى حد كبير تزامن و تقارب أسعار الأسمنت - عند ارتفاعها- في السوق المحلى.

وبناء عليه يؤكد جهاز حماية المنافسة زيادة تنافسية سوق انتاج الأسمنت خلال الفترة 2013-2017 بزيادة عدد الشركات العاملة بالسوق، وتغير الحصص السوقية لها، وانخفاض نسب تركز المبيعات في عدد محدود من الشركات، بل ودخول الكثير من الشركات الجديدة إلى السوق، بالإضافة إلى وجود الكثير من العوامل التى ساهمت فى ارتفاع تكاليف إنتاج الشركات بمعدلات فاقت معدلات الزيادة فى الأسعار، ومن ثم انخفاض هامش ربحية التشغيل الذى دفع بدورة بعض المصانع لتقليص طاقاتها الإنتاجية الفعلية.

وأخيرا لا يمكن اغفال ما تقوم به بعض الشركات المنتجة للأسمنت – في الوقت الحالى- من إجراءات استباقية برفع سعر البيع للحفاظ على العائد على استثماراتها وتحقيق هامش ربح يمكنها من الاستمرار في السوق، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة- المخطط له- في يوليو القادم ، في إطار خطة الحكومة المعلن عنها لرفع الدعم على الطاقة بشكل تدريجى، واحتدام وشراسة المنافسة مع دخول مصنع الأسمنت المرتقب- بطاقة انتاجية تقارب ثلث الطاقة الحالية- في الشهور القليلة القادمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة