«عطشان يا صبايا».. الدولة تعلن الحرب على مهدرى المياه

السبت، 24 مارس 2018 03:00 م
«عطشان يا صبايا».. الدولة تعلن الحرب على مهدرى المياه
رش المياه فى الشارع
كتب- هناء قنديل ومحمود علي وحسن الخطيب

 

دخلت مصر دائرة الفقر المائى، وبات الحفاظ على كل قطرة مياه، أمراً مرتبطا بالأمن القومى، لا سيما فى ظل التطورات المتعلقة بأزمة سد النهضة الإثيوبى، وما يمكن أن يؤدى إليه من آثار سلبية على موارد مصر من المياه ورغم إدراك الجميع للأزمة الحقيقية التى تعيشها مصر فى مجال المياه، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار الزيادة السكانية سنويا، بالإضافة إلى مساعى الدولة للتوسع فى الزراعة والعمران، فإن شبكة من العادات السيئة ما زالت تحكم سلوكيات المواطنين تؤدى إلى إهدار كميات هائلة من المياه، تصل إلى أكثر من 35 ٪ من حصة مصر المائية.

خلال الأيام الماضية، قررت الحكومة اقتحام هذا الملف، وقدمت إلى مجلس النواب قانونا، لمواجهة عمليات الإهدار يتضمن عقوبات رادعة تصل إلى الحبس، والغرامة الباهظة، فضلا عن احتمالات لمنح المفتشين المختصين بمراقبة تطبيق القانون ميدانيا، صفة الضبطية القضائية، التى تمثل عاملا حاسما، فى جدية تطبيق عقوبات القانون الجديد.
 
صوت الأمة» تفتح هذا الملف، لتجيب عن السؤال المهم: هل تنجح إجراءات الحكومة، فى الحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة فى المياه؟
إجابة هذا السؤال تباينت بين مؤيد، يرى أن هذه الإجراءات تأخرت كثيرا، ومعارض يعتقد أنها غير ذات جدوى، لارتباط بعض هذه العادات بظواهر صحية، يجب عدم التخلى عنها.

مغاسل السيارات 
البداية كانت ميدانية، حيث رصدت صوت الأمة، انتشارا كبيرا لمغاسل السيارات، فى الأراضى الزراعية، ووسط الكتل السكنية، وجميعها تستخدم المياه النقية، المعدة للشرب فى نشاطها، كما يقوم الكثيرون وبخاصة فى القرى، برش الشوارع لا سيما فى فترات ارتفاع درجات الحرارة، وفى الشوارع الترابية.
 
يقول «محمد. س»، صاحب مغسلة: «أنا مركب موتور مياه، ولا أستخدم مياها من الحكومة، حيث إن مشروعى يعتمد على المياه الجوفية». ويضيف: «المغسلة يادوب بتجيب همها، وبتصرف على بيتى وأسرتى، خصوصا أنهم يحررون لنا محاضر مخالفات، كثيرة»، قبل أن يعقب: «لا توجد تراخيص لمغاسل السيارات فى الأقاليم».
 
أما فى محطات الوقود فالأمور أكثر تأزما، حيث تسود حالة من الترقب، ويرفض المسئولون عنها الحديث إلى الإعلام، فيما قال أحد العمال بمحطة وقود شهيرة فى الدقى بمحافظة الجيزة: «هنشتغل إيه يعنى، الشغلانة دى فاتحة بيوتنا، والسيارات الحديثة محتاجة غسل بالطريقة بتاعتنا، ولا أعتقد أن الجردل والفوطة هينفعوا معاها، والواحد مننا بيرجع آخر اليوم بـ100، وإلغاء استخدام المياه هيزود العمالة، ودخلنا هيقل». 

العشوائيات تسرق المياه 
قرار محافظة القاهرة بتطبيق الغرامات على مهدرى المياه، رغم أنه قد يساهم فى تقليل كمية المياه المهدرة إلا أنه ليس الحل الأمثل فى رأى كثيرين للخروج من عنق الزجاجة التى تواجه القاهرة الآن، خاصة أن هناك حلولا كثيرة يمكن اللجوء إليها سواء المعالجة الثلاثية أو تحلية مياه البحر، إلا أن تكلفتها العالية قد تكف حائلا دون الاتجاه إليها.
 
الدكتور أحمد فوزى دياب، أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، يقول إن سوء استخدام المصريين لمياه الشرب، من خلال رش الشوارع وغسيل السيارات؛ يهدر نحو 35 ٪ من إجمالى ما يتم استخدامه من المياه النقية، مشيرا إلى أن العقوبة التى نص عليها قانون المياه الجديد بالحبس 6 أشهر، وغرامة 20 ألف جنيه، رادعة وقادرة على القضاء على ظاهرة سوء استخدام مياه الشرب.
 
ويصف أستاذ المياه، إهدار المياه النقية بأنه جريمة كبرى لا يمكن إنكارها، موضحا أن جميع المختصين فى مجال المياه، انتظروا كثيرا القانون الجديد؛ ليحمى موارد مصر من المياه، داعيا إلى منح المفتشين المختصين فى هذا الأمر، الضبطية القضائية.
 
وكشف أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير المياه بالأمم المتحدة، عن أن المناطق العشوائية فى مصر تسرق ربع مياه الشرب النقية، دون مقابل.
 
ويرى الدكتور محمد كامل، أستاذ تحلية وتنقية المياه بالمركز القومى للبحوث أن تحلية مياه البحر هى الحل الأمثل، لعلاج المشكلة التى تواجه مصر حاليا، ويشير إلى أنه خلال السنوات الثلاثين المقبلة، إذا استمرت الزيادة السكانية بمعدلاتها الحالية، فسيصل عدد السكان إلى 150 مليون نسمة، وهو ما يحتاج بدوره إلى ضعفى الحصة المائية الحالية.
 
ويشدد كامل، على ضرورة أن تلجأ مصر إلى التوسع فى تحلية المياه المالحة، وتحويلها إلى المصدر الرئيسى للشرب، فى ضوء التحديات الراهنة، والمستقبلية، وحتى يمكن لمصر أن تواكب النمو السكانى، والحضرى، والصناعى المنتظر.
 
ودعا أستاذ تحلية وتنقية المياه، إلى العمل على توفير مياه الشرب، التى تصل إلى نحو 11 مليار متر مكعب، من المياه المحلاة، وترك حصة مصر من نهر النيل، للأغراض الصناعية، والزراعية الأخرى، حتى يمكن الموازنة بشكل يحافظ على حقوق الأجيال الحالية، والمقبلة.
 
ويقول الدكتور أسامة سلام، أستاذ المياه الجوفية بالمركز القومى لبحوث المياه إن أزمة الفقر المائى التى تعانيها مصر، تستدعى حلولا غير تقليدية، منها تحلية المياه الجوفية، التى تتكلف لتجهيزها للشرب مبالغ أقل من تلك الموجودة فى البحر، مشيرا إلى أن البداية بتحلية المياه الجوفية، مناسب للأوضاع الاقتصادية الحالية، لعدم تحميل موازنة الدولة مبالغ كبيرة.
 
ويشير سلام، إلى أن مصر تستورد نحو ربع احتياجاتها من المياه، لكن فى شكل محاصيل غذائية مزروعة لدى الدول الأخرى، مثل: القمح، موضحا أن إجمالى احتياجات مصر من المياه، يتجاوز بقليل 110 مليارات متر مكعب، فيما يتم إعادة استخدام 13 مليار متر مكعب، من مياه الصرف الصحى المدورة فى الزراعة.
 
ويرى أستاذ المياه الجوفية، أن مشروع قانون الموارد المائية الجديد، المقدم من الحكومة، للسيطرة على حالة الفوضى والتعديات، والإهدار الموجود لمياه النيل، يأتى فى توقيت حساس ومهم، ويتعين أن تكون عقوباته مغلظة، وأن يتم منح المفتيشن صفة الضبطية القضائية؛ من أجل ضبط المخالفات، وتحويلها إلى قضايا ناجزة، يعاقب مرتكبها بشكل يوقف هذا الإهدار الخطير فى موارد الدولة المائية.

حماية المخزون 
معتز محمد محمود، رئيس لجنة الإسكان والمرافق بمجلس النواب، يؤكد أن علاج مشكلات المياه يحتاج إلى التفاف الجميع حول هذه المسألة. 
 
وأشار إلى أن تحسين شبكات المياه فى الإسكان الاجتماعى تكلف أكثر من 450 مليار جنيه، وهو رقم بالغ الضخامة، وبالتالى لا يمكن للدولة أن تعيد تأهيل منظومة المياه وحدها، دون تعاون مجتمعى مخلص.
 
بدوره، دعا الدكتور ضياء القوصى، مستشار وزير الرى سابقا، إلى إنشاء مجلس أعلى لإدارة ملف المياه، لتنظيم عمليات إتاحة المياه للمواطنين، وتوزيعها بشكل عادل ودائم، مشددا على أن كل الأطراف المستهلكة للمياه، أيا كان الغرض من هذا الاستهلاك، مطالبا بإدراك صعوبة المرحلة الراهنة، وضرورة المشاركة فى وضع الحلول، وضمان تنفيذها. 
 
المحافظات ترفض الرش 
 
فى تطور سريع لقرار محافظة القاهرة بتطبيق غرامة مالية تصل إلى 10 آلاف جنيه على كل مهدرى المياه، دخلت المحافظات على الخط وقررت هى الأخرى تطبيق غرامات مالية على رش مياه الشرب فى الشوارع، وتنظيم حملات يومية لرصد المخالفات. قال المهندس عمرو محمد فكرى رئيس حى المعادى بالقاهرة،  إن أجهزة الحى أجرت حملات لضبط الأشخاص الذين يهدرون مياه الشرب عن طريق استخدام خراطيم فى رش الشوارع. وأضاف رئيس حى المعادى، أنه تم تعيين مدير المرافق بالحى، مسئولا عن حملة إهدار المياه، لافتا إلى أنه تم تحرير محاضر وتوقيع غرامات على بعض الأشخاص الذين يقومون بإهدار المياه فى ميدان فيكتوريا وشارع 250 بمنطقة دجلة وتم تغريم المخالفين مبلغ 200 جنيه لكل مخالف.
 
الجيزة
محافظة الجيزة بدورها، تعاونت مع شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظة، فى مبادرة تحت عنوان «الجيزة تحافظ على المياه»، بهدف ترشيد الاستهلاك وتعريف الجمهور بالخدمات والجهود التى تقدمها الدولة، ممثلة فى الشركة، من أجل الحصول على كوب مياه نظيفة، وغرس ثقافة المشاركة ومسئولية الجميع فى الحفاظ على المياه وشبكات الصرف الصحى. وقال المهندس حنفى محمد رئيس شركة المياه بالجيزة، إنه تم الاتفاق على ربط الخط الساخن 125 برقم بالمحافظة، للتواصل بخصوص رش المياه فى الشوارع.
 
القليوبية
اللواء محمود عشماوى، محافظ القليوبية، أعلن بدوره تفعيل قرار تغريم رش مياه الشرب فى الشوارع، للحفاظ على المياه، ومعالجة النقص فى حصة المواطنين من المياه، وخلال أحد اجتماعات المجلس التنفيذى بالمحافظة، أعلن تفعيل خدمات واتس آب وفيسبوك، لتلقى شكاوى المواطنين والرد عليهم، تأكيدا للمصداقية.
 
كفر الشيخ
قال اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، إن «منظر غسل السيارة بالشارع غير لائق وغير حضارى»، لذا تقرر أيضا تغريم من يقوم بغسل سيارته بشوارع المحافظة 1000 جنيه.
 
 
دمياط
قال اللواء ممدوح طه السكرتير العام المساعد لمحافظة دمياط، إن تم تحرير محاضر لعدد من معارض الأثاث الواقعة بطريق السيالة بورسعيد، بعد رصد عدد من المخالفات الخاصة برش المياه على الأسفلت، مشيرا إلى أن قرار المحافظ يشمل تغريم 1000 جنيه لمخالفى القرار.
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق