شهادة الدكتور كمال الجنزورى

الأحد، 25 مارس 2018 09:00 ص
شهادة الدكتور كمال الجنزورى
عادل السنهورى يكتب:

فى إحدى مناسبات الاحتفال بعيد الجهاد الوفدى فى التسعينيات وقف الراحل فؤاد سراج الدين زعيم حزب الوفد مناديا فى خطبته الاحتفالية: «أين ذهب الذهب؟‏ إن الذهب حجمه ‏65‏ مليون جنيه ذهب، وأنه أودعها فى خزانة البنك الأهلى (البنك المركزى) فى عام ‏1951‏..‏ فما هو مصير هذا الذهب؟‏..‏هل خرج من خزائن البنك المركزى؟
 
وبالطبع استمرت الحملة بعد تلك التصريحات وخرجت صحيفة الوفد لسان حال الحزب وخلال التحالف مع جماعة الإخوان بعناوين مثيرة، واتهمت عبدالناصر بأنه أضاع رصيد الذهب على الحرب فى اليمن وتهريبه إلى يوغوسلافيا أيام حكم الرئيس تيتو‏، فى تعمد للكذب وتشويه ناصر وثورة يوليو، رغم وجود الشهود أحياء وقتها، وكان منهم الدكتور على نجم المحافظ السابق البنك المركزى عام 85 والذى رحل عن دنيانا فى 22 مايو 2007‏ والتى تكذب أكاذيب الوفد والإخوان.
 
كان على نجم فى بداية حياته العملية‏ حين اتخذت أمريكا قرارا بتجويع الشعب المصرى ومنع شحنات القمح عنه فى منتصف الستينيات بشكل غير معلن من الرئيس الأمريكى ليندون جونسون، مستغلا فرصة انهيار محصول القمح السوفيتى وأن روسيا لن تستطيع تلبية احتياجات القمح لمصر، واعتبر أن هذا وقت إخضاع ناصر لأمريكا وقيام الشعب المصرى بثورة الخبز ضده وإسقاطه.
 
لكن مجلس الوزراء اجتمع لمناقشة كيفية تدبير المبالغ اللازمة لشراء القمح فورا قبل وقوع مجاعة، ‏ وجاء اقتراح بيع جزء من الذهب قيمته ‏10‏ ملايين دولار تدفع كعربون لشركات القمح العالمية لتحويل شحنات من القمح تحملها سفن كانت فى عرض البحر إلى ميناء الإسكندرية‏..‏ واتخذ القرار مجلس الوزراء وصدّق عليه جمال عبدالناصر الذى قال إذا لم نستعمل الذهب الآن فمتى نستعمله؟‏..‏ إن كنوز الدنيا لا تساوى أى شيء أمام تجويع مواطن واحد من هذا الشعب ومعروف أن جمال عبدالناصر قد رفض من قبل تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية - بعد حرب السويس وتراجع واشنطن عن المساعدة والمساندةـ ببيع الآثار ورصيد الذهب وكان هناك من اقترح ذلك فى عام ‏1957‏ بدعوى بيع الماضى لمصلحة المستقبل‏.‏
 
فى عام ‏1964‏ رافق المرحوم على نجم سبائك الذهب وقد حملتها ‏4‏ طائرات نقل خاصة إلى بنك التسويات الدولية فى بازل‏ بسويسرا وكانت هذه السبائك تزن نحو‏ 15‏ طنا وتمثل أقل من ‏10 %‏ من مخزون الذهب المصرى المخزون منذ عام ‏1952‏ وكان وزنه يزيد على ‏150‏ طنا. 
 
المفاجأة أن الدكتور كمال الجنزورى أعلن أن الرقم هو ‏154‏ طنا وكان ذلك أمام مجلس المحافظين يوم الأربعاء ‏25‏ نوفمبر ‏1998‏ وكشف رئيس الوزراء الأسبق أيضا أن الحكومات السابقة تصرفت فى ‏79‏ طنا ليتبقى ‏75‏ طنا فى خزائن البنك المركزى‏.‏
 
قبل عام ‏1970‏ يقولون إن التصرف فى رصيد الذهب المحفوظ فى خزائن البنك المركزى على هيئة قوالب فى صناديق مغلقة عليها أرقام مسجلة تسجيلا دقيقا فى الداخل والخارج، لم يزد على الكميات التى بيعت فى عام ‏1964‏ لإنقاذ مصر من مجاعة حتمية،‏ وقد بيعت هذه الكميات بالأوقية (نحو ‏31‏ جراما من الذهب عيار ‏24‏) وكان سعر الأوقية فى ذلك الوقت ‏35‏ دولارا‏.‏
 
وردد أعداء ناصر فى السبعينيات والثمانينيات أن جزءا من رصيد الذهب المصرى وزّعه عبدالناصر على القبائل اليمنية. 
 
الدكتور عبدالفتاح عبدالباقى، الخبير الاقتصادى والقانونى، يوضح أن مصر استضافت الملك سعود بن عبدالعزيز هو وأسرته بعد خلعه فى عام 65 فى الطابقين العلويين من فندق هيلتون النيل، وكانت نصيحة سعود لجمال عبدالناصر‏، إن الحرب النظامية التى يخوضها الجيش المصرى فى اليمن ليست مناسبة لطبيعة البلاد الجبلية القاسية وأن من الضرورى شراء القبائل أو بعضها لضمان دعمها وتجنب شرها‏..‏ وتطوع سعود واشترى من أمواله ‏5‏ ملايين جنيه إسترلينى فى صورة عملات ذهبية ليوزعها بنفسه على القبائل اليمنية.
 
وفى ‏23‏ أبريل عام ‏1967‏ سافر الملك سعود على متن طائرة خاصة إلى اليمن حملت صناديق الجنيهات الذهبية‏..‏ وفى الطائرة كان هناك من بين رجاله من وضعوا الجنيهات الذهبية فى أكياس من القطيفة بعد تقسيمها إلى ثلاث فئات هى‏: 1000‏ و‏500‏ و‏100‏ جنيه حسب قوة وأهمية القبيلة‏،‏ وكان معه على الطائرة المشير عبدالحكيم عامر وأنور السادات وشمس بدران وزير الحربية وحسن صبرى الخولى الممثل الشخصى لرئيس الجمهورية والدكتور عبدالقادر حاتم،‏ لكن المشير مات، والسادات الشاهد رئيس الجمهورية، ولم يدل بخطاب يدحض افتراء سراج الدين والوفد والإخوان. 
 
وحسب الخبر المنشور فى صحيفة الأهرام فى 23 أبريل عام 67 فقد استغرقت الرحلة ‏4‏ أيام، وأن الملك سعود ألقى خطابا من شرفة القصر الجمهورى بمنطقة الألوف فى صنعاء أعلن فيه اعترافه بثورة اليمن ونظامها الجمهورى‏..‏ وذكر الخبر أن الملك قد وزّع عطاياه على القبائل‏.
 
هذه هى قصة الرصيد الذهبى لمصر الذى لم يضيّعه عبدالناصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق