بالأحكام القضائية.. نرصد تاريخ نضال أصحاب المعاشات في المحاكم للحصول على حقوقهم المالية

الأحد، 01 أبريل 2018 11:00 ص
بالأحكام القضائية.. نرصد تاريخ نضال أصحاب المعاشات في المحاكم للحصول على حقوقهم المالية
المعاشات-صورة أرشيفية
أحمد سامي

تاريخ من النضال الكبير عاشه أصحاب المعاشات على أبواب المحاكم وداخل ساحات القضاء ينتظرون تحقيق حلمهم وعدم اعتبارهم كـ"خيل الحكومة"، لمعاناتهم كبيرة في ظل ارتفاع الأسعار خاصة مع احتياجهم للعلاج، والذى ارتفع سعره بشكل كبير في الآونة الأخيرة ولم ترحم الحكومة ضعفهم، ولا حاجتهم إلى العلاوات وزيادة المعاش.

أسفر هذا النضال عن صدور العديد من الأحكام القضائية لصالح أصحاب المعاشات، والذي يتجاوز عددهم 10ألاف مواطن نرصدها في هذا التقرير.

حكم الخمس علاوات لأصحاب المعاشات 

في البداية أكدت كافة الاحكام القضائية الصادرة لأصحاب المعاشات علي احقيتهم في توفير الحماية المالية التي تقيهم الفقر بعد الكبر والخروج من العمل وبعد سنوات من التردد علي قاعات المحاكم من أجل الحصول علي حقهم في إضافة العلاوات السنوية للمعاشات فقد انتصر القضاء اليوم لأصحاب المعاشات ومنحتهم حق إضافة 80% من العلاوات إلي الاجر المتغير للمعاشات .

وذكرت الدعوى رقم 16384 لسنة 70 قضائية، أن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية دأبت على عدم إعادة تسوية معاش المحالين لبلوغهم سن الستين، على أساس إضافة نسبة الـ80% من قيمة الخمس علاوات إلى أجرهم المتغير.

وجاء فى الدعوى، أن الهيئة ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها المقررة قانونا، كاملة، بالنسبة للمؤمن عليهم والمستحقة حتى لو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنه فى الهيئة، وذلك نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 33 لسنة 52 ق دستورية الذي نشر بتاريخ 23 يونيو 2005.

أوضحت الدعوى، أن الهدف منها تخفيف الأعباء على أرباب المعاشات، الأمر الذى يدفعهم لامتناع المطعون ضدهم إلى تكبيدهم نفقات إقامة قضايا، والبقاء سنوات فى أروقة المحاكم، وقد توافيهم المنية دون ضمها ويتركون لأسرهم "معاش ملاليم".

ولفتت المحكمة الي ضرورة مراعاة ظروف أصحاب المعاشات فهي   تقدر درجة الإلحاح العالية للاحتياجات الاساسية والضرورية لأصحاب المعاشات والذين هم فى أمس الحاجة إلى سرعة وزيادة انواع الرعاية حتى يتمكن أبطال منهم من مواجهة احتياجه للحاجة وما يعانيه من عجز ومرض .

وقد اكدت هيئة المفوضين في تقريرها، بضرورة استعادة كل صاحب معاش للعلاوات دون اللجوء إلى القضاء، طبقا للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في 2005، بأحقية أصحاب المعاشات فى استعادة هذه العلاوات.

وأوضحت المفوضين أن هيئة التأمينات الاجتماعية ووزارة التضامن رفضوا تعميم هذا الحكم.

حكم الدستورية لاصحاب المعاشات المبكر 

لم يكن حكم القضاء الإداري هو الأول لصالح أصحاب المعاشات والتأكيد علي حقهم في زيادة المعاشات وفقا للقانون والدستور.

ففي السادس من مايو 2017  قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة «23» للقانون «79» لسنة 75من  قانون التأمينات الاجتماعية، و إسقاط الجدول رقم «8» فى القانون نفسه حيث أعاد هذا الحكم  حقوق أصحاب المعاشات المبكرة.

جاءت بداية هذه القضية من خلال إجبار مئات الآلاف من العاملين لشركات القطاع العام للخروج بالمعاش المبكر أثناء خصخصة وبيع هذه الشركات ليتم تحديد جدول يتم من خلال الانتقاص من حقوق الخارجين علي المعاش المبكر ليتم في ذلك الوقت  خصم 15٪ من كل أصحاب المعاشات المبكرة الذين هم أقل من 45 عاماً من عمرهم، وخصم 10٪ لمن هم أقل من 50 عاماً، وخصم 5٪ لمن هم أقل من 60 عاما.

الأمر الذي دفع عدد من الذين خرجوا علي المعاش المبكر. للجوء المحكمة الدستورية للفصل في مدي دستورية هذه المادة وانتهت المحكمة الي الحكم بعدم دستورية المادة 23، والتي  تنص على أنه "يخفض المعاش المستحق عن الأجر الأساسي في حالة انتهاء خدمة المؤمن عليه متى كانت مدة اشتراكه في التأمين 240 شهرا على الأقل، وذلك بنسبة تقدر تبعًا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق الصرف". 

وأكدت المحكمة أن الأصل فى المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون، فإنه ينهض التزاماً على الجهة التي تقرر عليها مترتباً فى ذمتها بقوة القانون، بحيث إذا توافرت فى المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش، استقر مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل فى العناصر التى قام عليها أو الانتقاص منها.

وبموجب هذا الحكم والذي يطبق بأثر  رجعي ألزمت الدستوريةوزارة التضامن الاجتماعي بضرورة تطبيق هذا الحكم، لتقرر الوزارة  تنفيذ الحكم لصالح  153 ألف صاحب معاش يستفيد من تنفيذ الحكم بتكلفة إجمالية 10.7 مليون جنيه شهريا، وبدأ  الصرف اعتبارًا من معاش ديسمبر 2017، وأنه تم صرف فروق معاش شهر ديسمبر 2017 ويناير 2018 مع معاشات شهر فبراير 2018.

أحكام الدستورية تؤكد الدولة أعطت أصحاب المعاشات حقوقهم

في 21 يونيو 2005 أصدرت  المحكمة الدستورية العليا اول أحكامها لاصحاب المعاشات من خلال  حكمها بعدم دستورية نص البند رقم (1) من المادة الثانية من القوانين زيادة المعاشات وكذلك التامين الاجتماعي ، فيما تضمنه من قصر إضافة الزيادة فى معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة .

ليصبح هذا الحكم هو النواة الأولي التي استند إليه المحكمة القضاء الإداري في زيادة والمعاشات.

وجاءت البداية بأن عدد من أصحاب المعاشات تقدموا بدعوتهم في 2002 للحكم بأحقيتهم فى الحصول على نسبة 80% كأجر متغير عن الخمس علاوات التى لم تضم إلى أجورهم الأساسية والسابقة على إحالتهم إلى المعاش ، مع إلزام الهيئة بنسبة 1% غرامة طبقاً لنص المادة (141) من قانون التأمين الاجتماعى ، أنهم كانوا يعملون بشركتى غزل المنصورة وسماد طلخا ، وتم إحالتهم إلى المعاش المبكر بعد خصخصة الشركتين المذكورتين ، إلا أن الهيئة المدعى عليها  لم تقم عند تسوية معاشهم عن الأجر المتغير بإضافة نسبة 80% من العلاوات الخاصة التى لم تضم إلى أجورهم الأساسية ، على الرغم من قيامها بخصم الاشتراكات المقررة عن تلك العلاوات ، فقدموا تظلمات إليها إلا أن الهيئة لم ترد على تلك التظلمات ، مما حدا بهم إلى إقامة دعواهم .

وأوضحت المحكمة إن المشرع رغبة منه فى تحقيق الرعاية لأصحاب المعاشات وإعانتهم فى مواجهة الزيادة فى تكاليف وأعباء المعيشة ، جرى على تقرير زيادة سنوية تضاف إلى معاش الأجر المتغير ضمنها نص المادة الثانية من القوانين أرقام 124 لسنة 1989 المعدل بالقانون رقم 175 لسنة 1993 ،  فضلا عن  زيادة المعاشات بمقتضى نص المادة (5) من القانون رقم 204 لسنة 1994 المشار إليه - أن يكون استحقاق المعاش بسبب بلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى ، واشترط البند رقم (2) من هذه المادة أن يكون المؤمن عليه فى تاريخ انتهاء الخدمة مستحقاً لتلك العلاوات ومشتركاً عنها . كما حددت المادة المشار إليها ما يتبع فى شأن حساب هذه الزيادة .

كما أن  المدعين قد انتهت خدمتهم بالاستقالة وقد انصبت طلباتهم أمام محكمة الموضوع على زيادة معاش الأجر المتغير المستحق لهم بواقع 80% من قيمة الخمس علاوات الخاصة التى لم تضم إلى أجورهم الأساسية والسابقة على إحالتهم إلى المعاش ، والتى حال دون استحقاقهم لها عدم إدراج حالة الإحالة إلى المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة ضمن حالات استحقاق تلك الزيادة التى حددها نص البند رقم (1) من المادة الثانية من القوانين آنفة الذكر على سبيل الحصر.

واستندت المحكمة الي نصوص الدستور فقد حرص فى المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة مد خدماتها فى هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم فى الحدود التى يبينها القانون ، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن فى غده ، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة (7) من الدستور،  بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم ، وأن تُكْفَلْ الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم.

كما عهد الدستور بنص المادة (122) إلى المشرع بصوغ القواعد التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت والجهات التى تتولى تطبيقها ، لتهيئة الظروف الأفضل التى تفى باحتياجات من تقررت لمصلحتهم ، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعيشتها .

واستهدف المشرع من ذلك القانون هو مد الحماية التأمينية لتشمل أجر المؤمن عليه بمختلف عناصره ، بغية توفير معاش مناسب للمؤمن عليه ، مقارب لما كان يحصل عليه من أجر أثناء الخدمة ، يفى باحتياجاته الضرورية عند إحالته إلى التقاعد  واستمراراً لهذا النهج حرص المشرع على تقرير زيادة سنوية تضاف إلى معاش الأجر المتغير ضمنها النصوص المطعون فيها ، غير أنه اشترط للإفادة من تلك الزيادة أن يكون استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى.

وحيث إن النصوص الدستورية بتقريرها الزيادة فى معاش الأجر المتغير قد استدفهت  رعاية أصحاب المعاشات وزيادة معاشاتهم بما يتناسب مع الزيادة فى الأسعار ، وارتفاع تكاليف المعيشة ، ومواكبة الزيادة فى الأجور ، غير أنها بقصرها الاستفادة من تلك الزيادة على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة ، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء الخدمة بالاستقالة – رغم كونهم جميعاً مؤمن عليهم قاموا بسداد الاشتراكات المقررة قانوناً ، ويواجهون ذات الأعباء والتكاليف والالتزامات التى من أجلها سن المشرع النصوص القانونية وضمنها الزيادة المتقدمة فى معاش الأجر المتغير.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق