رحلة أسبوع الآلام وحب السيد المسيح

الأحد، 08 أبريل 2018 07:00 ص
رحلة أسبوع الآلام وحب السيد المسيح
لوحه المسيح
كتبت - ماريان ناجى

«قد أكمل هكذا».. كانت كلمة السيد المسيح الأخيرة، وهو على الصليب، ويكمل رسالته التى جاء من أجلها، وأسبوع الآلام الذى تعيشه الكنيسة بالصلوات والبصخات والألحان الحزينة، هو تذكار لما تعرض له المسيح من عذابات وآلام على أيدى اليهود، لذلك يعتبر أسبوع الآلام من أقدس الأيام وأكثرها روحانية ليس لأقباط مصر فقط، بل لمسيحيى العالم، فالأسرة المسيحية اعتادت على تنبيه أطفالهم بإغلاق التليفزيونات ومنع الأغانى حزنًا على ما مر به المسيح من آلام، والبعض يمنع الفاكهة والحلويات والتدخين أيضًا، والصوم الانقطاعى عن الماء لساعات، هو سمة من سمات هذا الأسبوع. 
 
ورحلة أسبوع الآلام هى الرحلة التى تبدأ من قبر وتنتهى عند قبر، والأسبوع يبدأ من سبت لعازر، وهو تذكار لمعجزة السيد المسيح بإقامة لعازر الميت من القبر بعد أن أنتن، يليه أحد السعف، وهو تذكار لدخول المسيح لأورشليم، الاثنين والثلاثاء والأربعاء وفيه تقام صلوات البصخة المقدسة بالكنائس، ومن ثم خميس العهد الذى به العشاء الأخير الذى جمع تلاميذ المسيح معه، يليه الجمعة العظيمة، ومن ثم سبت النور، ومن بعده يوم الأحد وهو عيد القيامة المجيد، وهو علامة على الانتصار عند المسيحيين.  أسبوع الآلام هو الأسبوع الذى يسبق احتفالات أعياد القيامة المجيدة، وتحتفل الكنائس الشرقية بعيد القيامة فى الثامن من أبريل الجارى، بينها الكنيسة الأرثوذكسية والإنجيلية فى مصر، أما الكنائس الغربية فتحتفل فى الأول من أبريل، ويعود اختلاف مواعيد الاحتفال بعيد القيامة بين الشرق والغرب إلى اختلاف التقويم المتبع فى كل كنيسة.
 
كمال زاخر المفكر القبطى، يعرض رؤيته عن أسبوع الآلام فيقول: يعتبر صلب المسيح هو المشهد الرئيسى لأسبوع الآلام، فهناك على ربوة عالية أعد قادة اليهود بالتنسيق مع السلطة الرومانية مشهد الصلب، بعد استيفاء الإجراءات القانونية، لتنفيذ حكم الموت فى ذلك الرجل الذى هز عرش السلطتين السياسية والدينية، وشعر كلاهما أن بقاءه يمثل خطرًا عليهما، وتتسارع الأحداث لتنتهى بنا أمام الرجل معلقًا على خشبة، بين لصين صدر بحقهما نفس الحكم، إمعانًا فى التأكيد على اعتباره مجرمًا، ويسجل لنا الإنجيل تفاصيل اللحظات الأخيرة.
 
ويتابع زاخر فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»: كان الرجل هو «يسوع المسيح»، وكان الشاهد الذى سجل دقائق تلك اللحظات يقف بالقرب من الصليب فى دائرة تنفيذ الحكم، التلميذ الذى كان يسوع يحبه، يوحنا، صاحب الإنجيل الرابع، وقد حرص المسيح، وهو فى عمق المعاناة أن يوصى هذا التلميذ بالاعتناء بالعذراء مريم «أم يسوع»، إذ قال لها «يا امرأة هوذا ابنك»، ويلتفت إلى يوحنا مؤكدًا «هو ذا أمك»، ومن تلك الساعة بحسب الإنجيل «أخذها التلميذ إلى خاصته» وكانت هذه هى وصية المسيح على الصليب  ويضيف زاخر: ويضغط العطش على يسوع المصلوب، فيتمتم «أنا عطشان»، ولم يكن مجرد عطش للماء بقدر عطشه ليكمل ما جاء لأجله، أن يموت فداء للإنسان ليحمل عنه حكم الموت الذى صدر قبل دهور سحيقة حين خالف وصية الله له فى جنة عدن، فطرد من حضرة الله وصار تحت حكم الموت.
 
ويتابع: واللافت أن الجنود المكلفين بتنفيذ الحكم يرق قلبهم، فى حدود التزامهم العسكرى، فيحاولون مساعدته على تحمل آلام لحظات ما قبل الموت، فيملأون اسفنجة من خل كان بجعبتهم، ويضعونها على عود ويقربونها من شفتيه لعله يرتشف منها فتخفف بفعلها المخدر ألمه، لكنه يرفض، ليتحمل كل الألم، وما يلبث أن يلفظ أنفاسه ويموت بعد أن يصرخ بكلمته الأخيرة «قد أكمل»، إنها بحسب قراءة الأب متى المسكين «صرخة النصر، التى تعلن اكتمال فعل الخلاص، الذى اقتضى أن يلبس عار الإنسان عوض النور الذى يلبسه، وأن يصير فى الهيئة كعبد، ويتضع تحت أرجل عبيده، وأن يأخذ خطية الإنسان أخذًا، لتدخل جسده دخولًا، فيقبل بها اللعنة قبولًا، فيصبح بالخطية واللعنة قابلًا للمذلة، مُتقبلًا للإذلال، ومستحقًا للموت، بسبب ما أخذه عنا، وما حمله من شر الإنسان».
 
 ويواصل زاخر: لكن القصة تبقى منقوصة، فكان لابد أن تكتمل بالقيامة ليقيم الإنسان معه وينتصر له، ويصالحه مجددًا، ويرده إلى ما كان عليه قبل السقوط والعصيان، وأسبوع الآلام هو تذكار لهذه القصة ببساطة شديدة بجانب القصص الأخرى التى مر بها السيد المسيح من إقامة لعازر ودخول أورشليم والعشاء الأخير مع التلاميذ فى خميس العهد ومن ثم الجمعة العظيمة. 
 
يشار إلى أن الكنيسة تتشح بالستائر السوداء وتطلق الألحان الحزينة فى هذا الأسبوع حتى ليلة سبت الفرح وعيد القيامة، ومن هنا تبدأ إزالة الستائر السوداء وإطلاق الألحان بنغمات الفرح. والصلب طريقة اخترعها الفرس فى عام 300 ق.م، قبل أن يبرع الرومان فى استخدامها، فطريقة الإعدام كانت مخصصة فى الأساس كعقاب لأبشع الجرائم التى يرتكبها الإنسان، فالصلب هى أكثر الطرق تعذيبًا وألمًا قد اخترعها الإنسان على مدار التاريخ، ما جعل الأطباء يطلقون على تلك الآلام الرهيبة مصطلح «excruciating»، كما تعرض المسيح بجانب الصلب ودق المسامير فى جسده إلى الطعن بحربه فى جنبه، ووضع أكليل شوك على رأسه وجلده وإهانته واقتراع الجنود المصاحبين له على لباسه والاستهزاء به، ورغم احتلال القدس فإن مسيحيى العالم يحتشدون فى أعياد القيامة حول قبر المسيح بكنيسة القيامة بالقدس احتفالا بأنوار قبر المسيح ووسط دق الأجراس والزغاريد، ويتم ذلك عن طريق اشعال الشمع من قبر المسيح عن طريق دخول أسقف الروم الأرثوذكس بجلباب أبيض خفيف للقبر دون أى ملابس أخرى، ممسكا بشموع مطفأة، ويخرج من القبر والشموع مشتعلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق