هل تتعدى الأمور المستعجلة على الدستور.. نائب رئيس مجلس الدولة يجيب

الإثنين، 09 أبريل 2018 10:00 م
هل تتعدى الأمور المستعجلة على الدستور.. نائب رئيس مجلس الدولة يجيب
المستشار محمد خفاجى
أحمد سامي

أكد المستشار محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة أن قيام قاضي الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري هو من قبيل الغلط الفادح والإهمال المفرط والجهل. 
 
وأضاف «خفاجي»، من خلال دراسته التحليلية عن «المبادئ العامة للقانون التي استنتجتها محكمة النقض المصرية والفرنسية والاتجاه الدستوري»، أنه وجب مخاصمة قاضي الأمور المستعجلة ومحاكمته ومساءلته تأديبيًا في ضوء قضاء محكمتي النقض المصرية والفرنسية.

الاتجاه الدستوري بالاختصاص النوعي لقاضى التنفيذ في ضوء قانون المرافعات:
يقول «خفاجي»، استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا منذ عام 1999 أي منذ ما يقرب من تسعة عشر عامًا، على أن المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري والتي تستهدف أما المضي في تنفيذه وإما إيقافه- وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ- إلا أن ذلك لا ينفى انتسابها كأصل عام إلى ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التي يختص بنظرها القضاء الإداري. 
 
ولا يوهن في سلامة هذا النظر نص المادة (275) من قانون المرافعات على اختصاص قاضي التنفيذ باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي، وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلى منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلى اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري. 

قيام قاضى الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري عدوان على قضاء مجلس الدولة 
ويؤكد خفاجي إن رقابة محكمة القضاء الإداري على القرارات والمنازعات الإدارية هي رقابة قانونية تسلطها عليها لتحسم أمر مشروعيتها سواء من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، ووفقاً لما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا وما سطره الدستور المصري الحالي في المادة (190 ) منه، ولذا فإن أي حكم تصدره محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإداري يعد مجرد عقبة مادية عديمة الأثر.
 
ويكون حكم الأمور المستعجلة الصادر بوقف تنفيذ حكم قضاء إداري منعدماً في ذاته لتعديه على ولاية القضاء الإداري وعدوانه على الدستور، ومن غير المتصور قانوناً أن يكون الحكم المنعدم مرتباً لأية آثار في محيط العلائق القانونية، فلا يولد حقاً، ولا يتعلق به التزام، ولا يقام له وزن، ولا يعتد به. 

قيام قاضى الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري يخالف النظام العام القضائىي
يقول خفاجي بصدد الإشكال المقام ضد الأحكام الصادرة من القضاء الإداري أمام محكمة الأمور المستعجلة غير المختصة ولائيًا بنظره عن مدى مخالفته لقاعدة من قواعد النظام العام، وإنه مما هو مستقر عليه أن الأحكام التي تفرزها العدالة كشفاً أو تقريراً صدوراً عن قضاء مجلس الدولة، سيما ما يصدر عن المحكمة الإدارية العليا التي هي نهاية مطاف التقاضي أمامها، إنما تولد حائزة قوة الشيء المحكوم فيه، وأن هذه الأحكام إذا كانت صادرة بالإلغاء فهي منذ صدورها تتمتع بحجية مطلقة تسرى على الكافة بحسبان أنها حجية من طبيعة عينية.
 
وأنه بات مستقراً أن جهة القضاء الإداري هي دون غيرها- المختصة بالفصل في منازعات التنفيذ التي تتعلق بما يصدر عنها من أحكام، سواء كان الهدف منها المضي في تنفيذها أو إيقافه، ذلك وفق قضاء متواتر من المحكمة الإدارية العليا، ومؤكد من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم (11 لسنة 20 قضائية) «تنازع».

ولاية قاضى الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء الإداري ولاية ساقطة 
وأوضح خفاجي أنه من المستقر عليه أنه ينعقد الاختصاص بنظر منازعات التنفيذ لذات المحكمة التي أصدرت الحكم ولا ينعقد لقاضى الأمور المستعجلة ثمة اختصاص بشأن إشكالات تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء الإداري هذا ما استقر عليه القضاء الإداري ذاته مؤيداً من المحكمة الإدارية العليا وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في ظل دستور (11 سبتمبر 1971) الذي بصدوره أصبح مجلس الدولة صاحب الولاية العامة في نظر سائر المنازعات الإدارية، وجرى قضاء المحكمة الدستورية العليا في ظل العمل بالدستور المذكور على إن المنازعة في تنفيذ حكم صادر من جهة القضاء الإداري والتي تستهدف إما المضي في التنفيذ وإما إيقافه، وإن وصفت من حيث نوعها بأنها منازعة تنفيذ، إلا أن ذلك لا ينفى انتسابها كأصل عام إلى ذات جنس المنازعة التي صدر فيها ذلك الحكم، وبالتالي تظل لها الطبيعة الإدارية وتندرج بهذا الوصف ضمن منازعات القانون العام التى يختص بنظرها القضاء الإداري على نحو ما سلف بيانه. 
 
وعلى اعتبار أن نص المادة 275 من قانون المرافعات الذي نص على اختصاص قاضى التنفيذ باعتباره شعبة من شعب القضاء العادي بمنازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، إذ هو من قبيل الاختصاص النوعي وبالتالي ينصرف هذا الحكم إلى منازعات التنفيذ التي تختص بأصلها جهة القضاء العادي دون أن تجاوزها إلى اختصاص محجوز لجهة القضاء الإداري.
 
ويضيف ثم صدر دستور الحالي في (18 يناير عام 2014)، مستكملاً السياج الحصين الذي أحاط به اختصاص مجلس الدولة، فوسد في المادة (190 ) منه لمجلس الدولة- دون غيره- الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، وتصبح ولاية الأمور المستعجلة في الفصل منعدمة وساقطة.

مسائلة قاضى الأمور المستعجلة تأديبياً في ضوء قضاء محكمتي النقض المصرية والفرنسية
يقول «خفاجي»، وفقاً للمادة (494) من قانون المرافعات يجوز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في حالات محددة حصراً من بينها إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة في عملهما غش أو تدليس أو غدر أو خطا مهني جسيم.
 
كما إنه طبقاً للمادة (499) مرافعات على إنه إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة، أو وبرفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه، وإذا قضت بصحة المخاصمة حكمت على القاضي أو عضو النيابة المخاصم ببطلان تصرفه وبالتعويضات والمصاريف، ومع ذلك لا تحكم المحكمة ببطلان الحكم الصادر لمصلحة خصم أخر غير المدعى في الدعوى المخاصمة إلا بعد إعلانه لإبداء أقواله ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للحكم وذلك بعد سماع أقوال الخصوم. 
 
وحددت محكمة النقض المقصود بالغلط الذي يوجب مخاصمة القاضي وفقاً للفقرة الأولي من المادة (494) من قانون المرافعات التي تجيز مخاصمة القضاة إذا وقع منهم في عملهم خطأ مهني جسيم، فإنه يقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط واضح فادح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، يستوي في ذلك أن يتعلق خطؤه بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوي وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع.
 
وأشار أن من التطبيقات القضائية على الخطأ المهني الجسيم: أن يتصدى قاضى الأمور المستعجلة لوقف تنفيذ حكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه صادر من القضاء الإداري وتجاهله عن عمد وإصرار لحجية حكم القضاء الإداري، منتهكاً الاختصاص الولائي المحجوز دستورياً باختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر إشكالات التنفيذ في الأحكام الصادرة منها، مما يشكل تجاهلاً لوقائع ثابتة في الدعوى وانحرافاً عن الحد الأدنى للمبادئ الأساسية في القانون تستوجب محاكمته وهكذا نرى أن فكراً حديثاً صار سائداً في المجتمع الدولي واكبه اتفاق قضاء محكمة النقض المصرية مع قضاء محكمة النقض الفرنسية في اعتبار أن الجهل الفاضح للقاضي بالمبادئ الأساسية للقانون يعد خطأً مهنياً جسيماً تستوجب مخاصمته ومحاكمته ومساءلته تأديبياً ولو لم يتوافر سوء النية. 

خصومة التنفيذ واختصاص دائرة فحص الطعون كمحكمة طعن 
يقول «خفاجي»، إن المبدأ السائد أن الأحــكام الصادرة في المنازعات الإدارية واجبة النفاذ كأصل عام إلا أنه استثناءً من ذلك يجوز الطعن عليها ووقف تنفيذها من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، فإذا ما صارت نهائية كانت واجبة النفاذ أياً كانت الآثار المترتبة عليها ما لم يُستشكل في تنفيذها، ومناط قبول الإشكال دائما مبناه – كما ذكرنا - وقائع لاحقة على صدور الحكم وليست سابقة عليه. 
 
ويضيف الأصل أن الحكم الصادر في المنازعات الإدارية لا يجوز وقف تنفيذه واستثناء يجوز لمحكمة الطعن وقفاً لحكم المادة (50) من قانون مجلس الدولة رقم (47 لسنة 1972)، وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فإذا ما صار الحكم نهائياً كان واجب النفاذ أياً كانت الآثار المترتبة على ذلك نزولاً على حجية الأحكام وإعلاءً لشأنها وإكباراً لسيادة القانون وأمانة النزول على مقتضياته، بيد أن ذلك وإن كان نهاية مطاف الخصومة القضائية إلا أنه لا يحول دون ابتداء خصومة أخرى هي خصومة التنفيذ أمام ذات الجهة القضائية وليس قاضى الأمور المستعجلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق