الأسد الرقم الصعب فى أزمة الصراع الدولى على سوريا

الثلاثاء، 17 أبريل 2018 10:03 م
الأسد الرقم الصعب فى أزمة الصراع الدولى على سوريا
سعيد محمد احمد يكتب:

فصل جديد من الصراع على سوريا يبدأ مرة أخرى بعد مرور سبع سنوات عجاف من الإقتتال الداخلى على مسرح العمليات العسكرية، لتذهب مختلف المواقف الدولية والإقليمية الراعية لعملية سياسية أدراج الرياح، بهدف التوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية التى دخلت عامها الثامن، وليتشكل المشهد الأول فى الصراع عبر عدوان ثلاثى جرى اعداده على وجه السرعه، وليضع العالم أجمع أمام خيارات صعبه، بأنه مقدم على حرب "عالمية ثالثة" ستجرى على الأراضى السورية، وفقا لتقارير اعلامية وصحفية عالمية مدعومة من قبل مجموعة من المحللين العسكريين سواء من قبل معسكر الغرب أو معسكر الشرق بأن الحرب واقعة لامحالة تأكل الأخضر واليابس، وأن بداياتها "حرب باردة " بين المعسكرين . 
 
الضربة الصاروخية جاءت وفق مزاعم وادعاءات استخدام دمشق للكيماوى على المدنيين فى حربها للأرهاب فى"مدينة دوما" بالغوطة الشرقية، وهى ذات المزاعم التى جرى تسويقها من قبل" فى "خان شيخون" بادلب وكذا فى مدينة حلب فى شمال سوريا، والمؤكد أن السيناريو جاء على خلفية نجاح الجيش السورى فى فك الطوق حول أخر معاقل الإرهاب فى "مدينة دوما" بالغوطة الشرقية وخروج " جيش الاسلام والرحمن " منها باتجاه جرابلس على الحدود التركية السورية، وتأكيد التقارير الغربية أن روسيا كانت على علم بالضربة الموجهه لدمشق وأنها محدوده، وهو ما تبين عدم اقترابها من أيا من المواقع الروسية أو الأيرانية فى سوريا..
 
كما جاء العدوان للضغط على الرئيس بشار الأسد للجلوس إلى طاولة التفاوض، وهو ما أكده وزير الدفاع البريطانى، كما جاءت الضربة الصاروخية أيضا فجر السبت الماضى 7 ابريل الجارى لتؤكد للعالم بما لايدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة  كانت على علم تام بمدى تقدم الجيش السورى، وتحقيقه نجاحات كبيرة فى مواجهه الأرهاب بمختلف تنظيماتة المتطرفة فى مختلف المناطق السورية وتحديدا فى ضواحى العاصمة دمشق مع عجز العناصر الارهابية عن مجابهه الجيش أو تحقيق أى انتصار يذكر على مدار السنوات الثمان الماضية ومحاصرتها إلى أن جرى تطهير الغوطة الشرقية بالكامل من عناصر الأرهاب .
 
ورغم نفى دمشق رسميا عدم استخدامها السلاح الكيماوى ضد المدنيين، واستعدادها التام لاجراء تحقيق دولى شفاف للتحقق من تلك المزاعم عبر لجنة التفتيش الدولية إلا أن قوى العدوان استبقت وصول البعثة لتنفيذ ضرباتها الجوية، والتى لم تحقق أهدافها، مما جعل البعض يتصور أنها ستكون ضربة مدمرة للنظام السوري،  ليسبقها زخم عسكرى غير مسبوق فى حرب أعصاب من توجه حاملات الطائرات والغواصات والمدمرات الحربية وطائرات الرافال الفرنسية والتوريندو البريطانية دون أن تحقق أيا من اهدافها .
 
وللمرة الثانية يعود الرئيس بشار الاسد وبقوة إلى ساحة الصراع الدولى فى أعقاب العدوان الثلاثى الصاروخى على سوريا، وبرغم حشد دولى مخيف بقوة على ساحة "السوشيال ميديا" ألهبت معها مشاعر الكثير من شعوب دول المنطقة، ، وبات الشعب السورى، وفى إطار من السخرية تجاه تغريديات " ترامب " بعزمة توجيه ضربة عسكرية للأسد للحد من قدراتة العسكرية، وليصل الأمر إلى التهكم بالتعجيل بالضربة ، وأنهم  فى انتظار تلك الحرب الكونية ، ليتمخض الجبل "ليلد فأرا"، باعلان ترامب فى بيان جرى بثة عبر العديد من الشبكات التليفزيونية العالمية عن بدء ضربة صاروخية  استمرت قرابة النصف الساعة استهدفت خلالها ثلاثه أهداف من بنك المعلومات الأمريكى الغربى، لتقصف مركز الأبحاث العلمية في حي مساكن برزة والتى لم تبعد عن العاصمة دمشق سوى بضعة كيلو مترات، وموقع أخر بقلب العاصمة خلف "جبل قاسيون" إضافة إلى موقع بمدينة حمص.
 
والمدهش أن  معظم الصواريخ التى أطلقها ترامب وحلفائة ووصفها بالذكية والدقيقة، لم تسفر عن حالة اختناق واحدة أو حالة وفاة واحدة، سوى اصابه ثلاثه أشخاص، فيما تعامل السوريون مع تلك الضربة بنوع من السخرية الشديدة والعفوية باعلانهم ارتداء الكمامات لمواجهه مزاعم الإنبعاثات الصادرة نتيجة ضرب أماكن تخزين الكيماوى بمركز البحوث العلمية، وحماية لهم أيضا من "انبعاثات ترامب" المسمومة.
 
وأيضا وللمرة الثانية يخرج الأسد منتصرا فى تصديه للعدوان، كما أكسبتة شعبية كبيرة فى الداخل السورى بخروج الملايين فى العديد من الساحات للتعبير عن رفضهم للعدوان وإعلان دعمهم للأسد، واحتفالا أيضا بالنصر المبين على قوى الارهاب والتطرف وتطهيرها لأخر معاقل الارهاب فى الغوطة الشرقية،، كما يذكرهم أن دمشق استطاعت أن تواجه عدوانا ثلاثيا  مثلما واجتهه القاهرة عام 1956 مع الوضع فى الإعتبار اختلاف الظروف الاقليمية والعربية والدولية والتى كانت فى صالح مصر .
 
وبرغم العدوان لم تتغير المواقف الدولية والأقليمية ، كما لم تتغيرمعها المعادلات على الأرض، حيث يواصل الجيش السورى القيام بعملياتة  العسكرية سواء فى ريف حماه وحلب والتوجه إلى منطقة القدم والمخيم للقضاء على فلول الأرهاب وتطهيرها مثلما فعلت فى الغوطة الشرقية، وبصفة خاصة "مدينة دوما"  التى دخلها أعضاء لجنة التفتيش الدولية مؤخرا  للتحقق من مزاعم استخدام الكيماوى ضد المدنيين.
 
نعم عاد الأسد وبقوه بوصفه الرقم الصعب فى الأزمة السورية، وليؤكد فى أول ظهور له صبيحة الضربة متوجها إلى قصر الشعب، " أن هذا العدوان لن يزيد سوريا والشعب السوري إلا تصميمًا على الإستمرار في محاربة الإرهاب وسحقه في كل شبرٍ من تراب الوطن"، وبما يؤكد أنه" باق " باجماع دولى خشية انفراط عقد الدولة السورية فى ظل غياب تام لما يسمى بالمعارضة السورية الممزقة والمبرمجة وفقا لاجندات اقليمية وعربية ودولية واستقوائها بالخارج، ومن كان يراهن ويظن أن الاسد سيرحل قريبا، فقد سقطت معظم رهاناته، بعد أن حظى بدعم دولى ببقائه إلى حين، وهو ما أكدتة الضربة العسكرية أنها لم تستهدف اسقاط النظام، وإنما رساله للضغط والتعجيل بالحل السياسى للازمة السورية فى ظل حالة ارتباك دولى فى التعامل مع الأزمة .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق