"علي بابا" يقرُص أذاننا

الأربعاء، 18 أبريل 2018 06:33 م
"علي بابا" يقرُص أذاننا
مجدى أبو زيد يكتب:

إدارة الموظفين علم قائم بذاته. صيغت من أجله النظريات، وسُطّرت له آلاف الكتب، وصار لها مجالات تخصص في المؤسسات الأكاديمية، بل أصبح له متحدثون عالميون يدلون بدلوهم في كل ما يُستجد في هذا العلم الذي بيده نجاح وفشل الكيانات الاقتصادية وقطاع الأعمال.
 
لكن كثيرين من المسؤولين في عالمنا العربي يضربون بهذا العلم عرض الحائط، ولا يقيمون وزناً لفن إدارة الموظفين، ولا يلقون بالاً لخطورته، حيث تخضع نظرتهم وسلوكهم للأهواء والأمزجة، وأحياناً تأخذهم العِزة بالإثم في الحفاظ على مواردهم البشرية دون أدنى مراعاة لمصلحة المؤسسة أو الشركة.
 
اقتحمتني هذه المقدمة حين قرأت جزءاً من سيرة "علي بابا" وهو رجل الأعمال الصيني جاك ما. هذا الرجل الذي صنع امبراطورية في عالم التجارة الإلكترونية، وباتت قصة انتقاله من الفقر الشديد إلى أغنى رجال العالم مصدر إلهام لملايين الشباب في الأرض قاطبة.
 
مهما بلغت عبقرية "علي بابا" فإنه لن يصل إلى ما وصل إليه دون فلسفة وضعها تحت جلده لتجري مجرى الدم في عقله وكيانه.. فهو يعلق لوحة كبيرة على مكتبه مسطورة بمقولة لأحد المؤلفين الصينيين وهو جن يونج "القادة العظماء هم الذين يعرفون كيف يحافظون على المواهب حولهم"، ويؤمن أن احترام الصِغار بؤرة سياسته وعينيها الصافية، وأن الفيل يصعُب أن يدهس النمل كله، لأن النمل لن يدعه يفعل ذلك وسيلوذ بالفرار.
 
ما لي أحسُ أن فلسفة علي بابا تقرص أذان أصحاب القرار في أوطاننا "المجيدة"؛ ممن يتفننون في التفريط بقدرات موظفين لأسباب تخصهم شخصياً ولا تتعلق بمسار العمل، كي يبقى في النهاية موظفون كل مهمتهم الطاعة العمياء وولاء التابعين.
 
اسم علي بابا يذّكرنا بقصة "علي بابا والأربعين حرامي" التي نعرفها منذ الصِغر.. بيد أن الحرامي في هذه القصة التراثية الشهيرة هو الذي يسرق اللؤلؤ والمرجان، لكن لصوصنا في العصر الحديث هم من يصادرون ويسرقون هِمتِكَ وشغفك وشعورك بالولاء الحقيقي، ويرمونك على قارعة الحياة، لأنك لا تحمل "صَك الغفران".. هم "بابا" لكنهم لن يكونوا "علي بابا"
  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة