ماكرون.. شرف المجتمع الدولى

السبت، 21 أبريل 2018 11:20 ص
ماكرون.. شرف المجتمع الدولى
عادل السنهورى يكتب:

من أغرب الكلمات التى قالها الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضى، عقب العدوان الثلاثى الأمريكى الفرنسى البريطانى على سوريا هى أن «العدوان كان دفاعا عن شرف المجتمع الدولى وأن ما يقال عن أن الغارات تحدت القانون الدولى.

ما كان سيمنع فرنسا من التصرف لحماية السكان على الأرض الذين يواجهون سلاحا محظورا !».

الرئيس الفرنسى البالغ من العمر 40 عاما والرئيس الثامن فى الجمهورية الفرنسية الخامسة والتى كانت فى أوقات كثيرة تساند وتدافع عن القضايا العربية وتتخذ مواقف معارضة للولايات المتحدة الأمريكية، كان يبرر فى كلمته أمام البرلمان الأوروبى الأسبوع الماضى مشاركة بلاده فى العدوان الثلاثى وبصوت حماسى عالٍ، وعلى طريقة الخطابات العربية - وكأنه يحاول إثبات التماسك وقوة الموقف - رأى أن «الحلفاء» تحركوا دفاعا عن القواعد الدولية ولم ينس فى كلمته اتهام الرئيس السورى بشار الأسد بأنه فى حرب مع شعبه، فقد صدمته - يا عينى - صور النساء والأطفال الذين هوجموا بالكلور، ولذلك كانوا فى حاجة للدفاع عن حقوقهم.
 
لا أعرف أى شرف وعن أى مجتمع يتحدث السيد ماكرون، ومَن أوكل له الحق بالمشاركة فى العدوان على دولة لها سيادة ودون تفويض من المجتمع الدولى الذى انتهك شرفه وعرضه ليس فى هذه المرة فقط، بل فى مرات عديدة بالبلطجة السياسية والعسكرية.. هل الشرف فقط فى الهجوم على سوريا وعلى بعد كيلومترات منها شعب أعزل يراه السيد ماكرون يوميا فى فلسطين يتعرض لأبشع أنواع العدوان والاضطهاد والقتل والتشريد على يد عدو استيطانى دون أن تصدمه صور التعذيب والقتل للأطفال والنساء والرجال فى فلسطين.
 
بالتأكيد الملايين فى الشارع العربى تتساءل من فترة ما جرى لفرنسا وتغيير سياستها ومواقفها تجاه القضايا العربية، وهو البلد الذى طالما ساند العرب وقضيتهم العادلة أمام المجتمع الدولى وكانت دولة صديقة دائما للشعوب العربية منذ «ديجول».
 
ماذا جرى لبلاد النور ومبادئ الحق والعدل والمساواة؟ كيف وفى سنوات قليلة تتحول إلى مجرد تابع للسياسات الأمريكية؟
هل تعلمت الدرس من الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها أراضيها فى الفترة الماضية، وأعلنت انصياعها لمن وقفوا وراء الإرهاب فى فرنسا وكأنها كانت رسالة لباريس بعدم الشذوذ عن الموقف الأمريكى؟
عموما يبدو أن الأزمات والمصالح المتشابكة والمتداخلة هى التى تقود السياسة الفرنسية منذ فترة للوقوف فى صف الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركتها فى العدوان على سوريا مثلما سارت على درب بريطانيا - عندما كانت الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس - فى الخمسينيات وشاركت فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956. 
 
باريس تحاول وتسعى للعودة للساحة الدولية والإقليمية فى الشرق الأوسط عبر الباب الملكى الأمريكى. 
 
فإذا كانت أسباب التدخل والاعتداء العسكرى الأمريكى معروفة، فقد اختارت فرنسا أن تحاول العودة للأضواء بعد سنوات من الغياب عن الساحة الدولية. 
 
وحسب تقرير نشرته «نيويورك تايمز»، اعتبر الرئيس الفرنسى الشاب إيمانويل ماكرون هذه الخطوة مؤثرة وتعزز موقفه كوسيط بين روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فقبل ساعات فقط من العدوان كان ماكرون على اتصال هاتفى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لمناقشة الوضع فى سوريا، وبعد العدوان أكد مقربون من ماكرون اعتزامه زيارة موسكو، المقررة مسبقا فى نهاية مايو دون تأجيل.
 
ويحاول ماكرون تعزيز موقف فرنسا باعتبارها منفذا للمعاهدات الدولية التى تشكل اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الموقع عليها من قبل 192 دولة.
 
ومن دوافع الهجوم و«شرف المجتمع الدولى»، يواجه ماكرون حملة انتقادات داخلية واسعة بعد العدوان الأخير، خاصة بعدما أكدت العديد من الصحف العالمية وفى مقدمتها صحافة الدول الثلاث المشاركة فى الغارات الصاروخية، فشل تلك الهجمات فى تحقيق أهدافها، بخلاف تأكيدات موسكو ودمشق على الأمر نفسه، بعد تدمير ما يزيد على 70 صاروخا من أصل 110 فى الجو بواسطة قوات الدفاع الجوى السورى.
 
ماكرون واجه عاصفة انتقادات من غالبية الأحزاب، حيث اتهم زعيم حزب «إينسوميزى» الفرنسى جان لوك ميلينشون، الرئيس الفرنسى، بمهاجمة سوريا دون دليل على استخدام الأسلحة الكيميائية ودون تفويض من الأمم المتحدة أو اتفاق الاتحاد الأوروبى أو تصويت البرلمان الفرنسى.
 
وقال ميلينشون: «هذه مغامرة أمريكا للانتقام، وتصعيد غير مسئول». وفى أقصى اليمين، قالت مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية، إن فرنسا خسرت فرصة «الظهور على الساحة الدولية كقوة مستقلة»، ووصف نائب زعيم الحزب، نيكولاس باى، ماكرون بأنه «تابع للولايات المتحدة».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق