منظومة أراضى الدولة تعانى من مشاكل التعدى عليها

الثلاثاء، 24 أبريل 2018 09:00 ص
منظومة أراضى الدولة تعانى من مشاكل التعدى عليها
إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية
كتبت - ماجدة خضر

لجنة استرداد الأراضى تلقت 60 ألف طلب للتقنين ومد المهلة حتى منتصف يونيو المقبل.. و4 مليارات جنيه قيمة الأراضى المستردة
​«محلب»: نجحنا فى حل العديد من المشكلات المتعلقة بالتعديات

تعانى منظومة الأراضى التى تمتلكها الدولة فى مصر، من اختلالات واضحة تحول دون تعظيم الاستفادة منها، إلى جانب ضياع مليارات الجنيهات على الخزانة العامة، بسبب حالات الاستيلاء على هذه الأراضى دون وجه حق، ورغم أن الحكومة شكلت لجنة لاسترداد أراضى الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، إلا أن قيمة الأراضى التى تم استردادها لم تزد على ٤ مليارات جنيه منذ صدورقرار تشكيل اللجنة فى ٢٠١٦ وحتى الآن، بينها مبالغ مقدمات يتم تسديدها على دفعات، من بين حجم ثروة للأراضى المصرية وفقا لأحدث البيانات تقدرب٣٤٠ مليار دولار قبل قرار التعويم، سواء لأراض زراعية أو صناعية أوسياحية. 

هذه القضية تناولها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية تحت عنوان «منظومة إدارة أراضى الدولة.. الوضع الحالى ومقترحات التطوير».
 
فى البداية أكد المهندس إبراهيم محلب، أن اللجنة نجحت فى حل العديد من المشكلات المتعلقة بالتعديات على أراضى الدولة، بعضها كان قد وصل لطريق مسدود، حيث تم التوصل لحلول تضمن استرداد حق الدولة مع الحفاظ على مصالح المستثمرين، حتى لا تتضرر الاستثمارات المقامة على تلك الأراضى.
 
وأشار محلب، إلى أن اللجنة عقدت الأسبوع الحالى اجتماعها رقم 270، على أن يتم تخصيص الاجتماع المقبل لمراجعة ودراسة المشكلات التى واجهتها اللجنة خلال فترة عملها، والتى أبرزها وجود تعديات بأشكال مختلفة، من بينها التعديات على حرم النيل، والذى يمثل ٣٠ مترًا يمينا ويسارا لأعلى نقطة مياه، حيث يوجد 3 آلاف كيلو حرم على جانبى النيل وفروعه، الأمر الذى يستلزم تفعيل دور القانون فى مراقبة تلك الأراضى، لافتا إلى أن عام 2015 شهد توقيع وثيقة حماية النيل تحت رعاية رئيس الجمهورية.
 
وأضاف مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، أنه يوجد العديد من أشكال التعديات على أراضى الدولة، بينها البناء على أراض مخصصة فى الأساس للزراعة، وبيع الأراضى عبر جمعيات وهمية، كذلك التعديات على أراض تابعة للآثار وحرم نهر النيل.
 
ولفت محلب إلى استخدام المياه المحلاة فى تحويل مساحة 20 ألف فدان من منطقة سهل الطين بسيناء، إلى مزارع سمكية، وتم إعطاء مهلة لأصحاب تلك المزارع حتى 30 يونيو المقبل، بعد منح أكثر من مهلة.
 
أوضح «محلب» أن القانون كان يشجع على التعدى على الأراضى وهو ما أحدث خللا إداريا، كما أن آخرين حصلوا على أراض لا تصلح للزراعة حيث لا يوجد لها مقنن مائى واستخدموا مياها جوفية أثرت على مخزون هذه المياه، كما أشار إلى إنشاء جمعيات وهمية مثل ما حدث فى شرق القاهرة وتمت مواجهتها إلى جانب التعدى على أملاك الدولة كما حدث فى الاستيلاء على حرم السكك الحديدية الذى تم عليه إنشاء تكتلات تجارية ومبان عشوائية.
 
كان مجلس الوزراء فى اجتماعه الأسبوعى يوم الأربعاء الماضى قد ناقش وتابع أعمال الاجتماع الدورى للجنة استرداد أراضى الدولة، وأعلن اللواء أبو بكر الجندى فى مؤتمر صحفى على هامش الاجتماع أن الحكومة تجدد الإعلان عن أن آخر يوم لتلقى طلبات تقنين أوضاع المعتدين على أراضى الدولة 14 يونيو المقبل، موضحا أن لجنة تقنين أوضاع التعدى على أراضى الدولة تلقت حتى الآن 60 ألف طلب لتقنين الأوضاع ودعا المواطنين بالتقدم بالطلبات، مؤكدا أنه بعد هذا التاريخ ستنتزع أراضى الدولة المعتدى عليها، وقال الجندى: إن الدولة مدت يدها ومدت مهلة التقدم بالطلبات لتقنين أوضاع أراضى الدولة المعتدى عليها، فالمعتدون أمامهم فرصة ذهبية».
 
من جانبها أكدت الدكتورة سحر عبود، مستشار اقتصادى بوزارة التخطيط،  ضرورة مراجعة منظومة أراضى الدولة، نظرا لتعرضها لكثير من المشاكل التشريعية والمؤسسية، مشيرة إلى أن هناك ٥٠ تشريعا ما بين قانون وقرار جمهورى وقرار لرئيس الوزراء، أغلبها تشريعات متقادمة وغير مواكبة للتطورات فى مجال إدارة الأراضى، وأكدت عبود على تردى وضع مصر فى مؤشر تسجيل الملكية من حيث عدد الإجراءات وعدد الأيام والتكلفة من قيمة العقار، لافتة إلى أن تسجيل قطعة الأرض قد يستغرق من ٥ - ١٥ سنة، ونسبة الأراضى المسجلة تتراوح ما بين ١٠ - ١٥٪ من مجمل الأراضى، مشيرة إلى أن الوضع الحالى يجعل بيئة الأعمال طاردة للاستثمار، نظرا لمعاناة المستثمر من تشتت وعدم إتاحة المعلومات حول الأراضى، وعدم وجود كيان واحد متخصص فى تقييم وتسعير الأراضى.
 
التعدى على الرقعة الزراعية بالبناء يعد من أكثر المشاكل التى تواجه إدارة منظومة الأراضى، فبعد أن كان التعدى محدودا قبل ثورة يناير فى حدود ٣٢ ألف فدان سنويا، ارتفعت إلى 170 ألف فدان سنويا وخلال السنوات الخمس الماضية فقدت الزراعة 500 ألف فدان من أجود أراضيها تحولت إلى كتل خرسانية ويحتاج تعويضها إلى استصلاح أكثر من مليون فدان بتكلفة تتجاوز ألف جنيه للفدان الواحد.
 
فى السياق ذاته يمثل توفير الأراضى للصناعة تحديا كبيرا فوفقا لآراء مستثمرين صناعيين تعد الأراضى أهم عقبة تواجههم، حيث أشار باسل محمود شعيرة رئيس شعبة التطوير الصناعى باتحاد الصناعات أن تعدد الجهات المسئولة عن الأراضى يعد من أهم المشاكل التى تواجه المستثمر الصناعى إلى جانب مشكلة التسجيل سواء للأراضى أو المنشآت الصناعية، كما أشار إلى غياب المعلومات عن الأراضى والفرص المتاحة بها.
 
وقال إن هذه المشاكل تواجه المستثمر الأجنبى، بصورة أكبر نظرا لعدم توافر آلية تمكنه من استيعاب تلك العقبات مطالبا بتوفر آلية أكثر وضوحا فى التعامل مع المستثمرين وأشار «شعيرة» إلى أن عدم التسجيل يحول دون قدرة المستثمر على التعامل مع البنوك فضلا عما يحدثه من إهدار للموارد.
 
من جانبه قال عمر مهنا رجل الأعمال ورئيس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية إن المركز أجرى دراسة كشفت أن ٩٢٪ من أراضى مصر غير مسجلة وهو ما يحرم النشاط الاقتصادى ودورة رأس المال من قيمة حقيقية. 
 
فيما أشارت الدكتورة عبلة عبداللطيف مديرا لمركز وعضو المجلس الاقتصادى الاستشارى لرئاسة الجمهورية، إلى أن تسعير الأراضى مغالى فيه، حيث وصل سعر متر الأرض فى دمياط إلى 6 آلاف جنيه إلى جانب ارتفاع رسوم التسجيل، وهو ما يدفع البعض إلى الهروب من التسجيل مطالبة بتقنين حق الانتفاع للحصول على قروض من البنوك.
 
بينما يؤكد مجدى مغازى نائب رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية أن التمليك والتخصيص فى جميع جهات الولاية على الأراضى يتم بشروط، مشيرا إلى أن الهيئة لا تسمح بتسجيل الأراضى المخصصة للصناعة إلا بعد إتمام بناء المصنع وإنتاجه، مؤكدا أن الهيئة تمنح المستثمر مهلة ٣ سنوات للبناء والتشغيل، بعدها يمكن سحب الأرض قائلا: «لأنه لو سجلها لن يكون للهيئة أى سلطة عليه» والبنوك تتعامل مع المستثمر وتيسر له القرض وفقا لعقد التخصيص وليس التسجيل و٩٠٪ من مشاكل الهيئة سببها الأراضى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق