الحكومة في مواجهة غابات «موز الصحراوي».. من ينتصر للمياه؟

الخميس، 26 أبريل 2018 05:00 م
الحكومة في مواجهة غابات «موز الصحراوي».. من ينتصر للمياه؟
الموز
هناء قنديل

جدل دائر بشأن تقليل مساحات زراعة الأرز لما يستهلكه من كميات هائلة من المياه، تفجرت قضية جديدة أكثر خطورة وصعوبة؛ وهي انتشار غابات زراعة الموز، الذي يستهلك الفدان منه نحو 18 ألف م3 من المياه، وتحتاج المساحة المزروعة به في مصر حاليا إلى كمية مياه تكفي لزراعة 300 ألف فدان قمح، وفقا لخبراء زراعيين.
 
يتفق الخبراء على أن غابات الموز تغتال مخزون مصر من المياه الجوفية، وخاصة في المناطق المتاخمة لطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، لا سيما في ضوء أن هذه الزراعة تحتل المرتبة الرابعة من حيث محاصيل الفاكهة المزورعة بمصر بعد الموالح والعنب والمانجو، محتلا مساحة إجمالية تصل لنحو 55 ألف فدان. وخلال الفترة الماضية، بدأت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حملة موسعة لمنع زراعة المحاصيل كثيرة الاستخدام للماء.
 
 
 
 
الموز وغابات الصحراوي
 
تعد زراعة الموز أزمة سنوية، بعد قرار وزير الزراعة بوقف زراعة المحاصيل الشرهة لاستهلاك المياه، حيث أشار تقرير للوزارة إلى أن لجانها التابعة لإدارة البساتين، تراقب المساحات المزروعة بالمحاصيل الشرهة للمياة لترشيدها وتحويلها إلى الرى بالتنقيط والرش أو وقفها نهائيا.
 
ويرى خبراء الزراعة أن الحل الأمثل؛ هو استنباط أنواع تستهلك كميات قليلة من المياه، بالإضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة المتمثلة في الري بالتنقيط أو الرش.
 
 
مأساة استهلاك المياه في زراعة غابات الموز، تتجلى على امتداد طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، الذي يمتلئ بالأراضي المزروعة بهذا المحصول، والتي تعتمد في الري على المياه الجوفية، حتى أن الخبراء يؤكدون قرب نفاد هذا المخزون بسبب زراعة الموز.
 
وبحسب التقديرات، فإن المساحات المزروعة بالموز في المسافة بين الكيلو 70 والكيلو 190 من الطريق الصحراوي، تصل إلى 250 ألف فدان، فإذا تصورنا أن الفدان الواحد من هذه المساحة بالغة الاتساع، يستهلك مياه تكفي لزراعة 5 افدنة من المقح، أي ما يعادل نحو 1.3 مليون فدان من هذا المحصول الاستراتيجي.
 
ويقول محمد البهنساوي، وهو صاحب مزرعة بالشرقية، إ‏ن استخدام المياه الجوفية في ري غابات الموز، أمر لا يجب السكوت عليه، إذ أن الكمية التي تستخدم يوميا لري فدان الموز، تكفي لري 3 أفدنة من البرتقال أو العنب أو الرمان أو الكمثرى، أو أي من أنواع الخضراوات. 
 
وأشار إلى أن زراعة الموز دورتين في أرض واحدة، كفيل بتطبيل هذه الأرض، خاصة أن الدورة الواحدة لزراعة الموز تستغرق 3 سنوات، مضيفا: «الموز محصول أناني، ومهين للأرض الزراعية؛ لأنها تتوقف عن الإنتاج تماما بعده، فضلا عن أن الفدان الواحد من الموز، يترك خلفه نحو طن من المخلفات، التي لا يمكن تصريفها سوى بالحرق». 
 
وعلى خلاف الرأي السابق، أكد محمد عبيد، مزارع من الشرقية، أن زراعة الموز تمثل اقتصاد للفلاح، حيث تقوم الدولة بتصديره، كما أن هناك أسر تعتمد على هذه الزراعة، وطالب الدولة بتوفير شتلات توفر المياه.
 
 
 
مخاوف لمخزون الجوفي
 
من ناحيته، أعرب الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، عن مخاوفه من ضياع مخزون المياه الجوفية، وبخاصة في غرب الدلتا في مناطق وادي الفارغ ووادي النطرون وغرب النوبارية‏،‏ مشددا على أن‏ زراعة أكثر من ‏200‏ ألف فدان من هذا المحصول غير الاستراتيجي، باستخدام المياه الجوفية، يمثل إرهاقا شديدا لمخزون مصر الاستراتيجي منها، خاصة مع دخولنا عصر الفقر المائي‏.
وطالب بتدخل الدولة لفرض قيود على زراعة الموز لإعادة تخطيطها زراعيا‏،‏ بحيث لا تستنزف حقوق الأجيال القادمة في المياه، مع بحث إمكانية زراعة محاصيل استراتيجية كالقمح والذرة أو محاصيل اقتصادية كالزيتون والنخيل والخضراوات‏.
 
 
سياسات والي
 
يرى الدكتور مصطفى النبراوي أستاذ فسيولوجيا النباتات بجامعة الأزهر، أن السياسات الزراعية التي كان ينتهجها وزير الزراعة الأسبق في عهد مبارك، يوسف والي، هي السبب في الأزمات الحالية، حيث كان يفضل زراعة محاصيل الفواكه وتصديرها؛ للاستفادة بعائداتها من أجل استيراد الحبوب، وهو ما جعل الكثيرين يتجهون إلى زراعة الموز رغم ما يستهلكه من كميات هائلة من المياه، وكذلك الأسمدة التي تصل إلى ‏1200‏ كيلوجرام من نترات النشادر، و‏200‏ كيلوجرام سوبر فوسفات، ومثلها من كبريتات البوتاسيوم، للفدان الواحد، وهو ما يتسبب في اختناق سنوي لسوق الأسمدة.
 
WhatsApp Image 2018-04-26 at 10.18.35 AM
 
 
‏قرار سيادي ينهي الأزمة 
 
أما عيد حواش المتحدث باسم حملة «مين بيحب مصر» ورئيس لجنة الزراعة بها، فأكد أن حل الأزمة الحالية المتعلقة، يحتاج قرارا سياديا من الدولة بوقف زراعة الموز للحفاظ على مقدرات الوطن من أراض صالحة للزراعة ومياه.
 
ولفت إلى أن الموز يعتبر من أكثر محاصيل الفواكه استهلاكا للمياه، ويشكل وزن الماء المكون له 60 %، ويقدر متوسط استهلاك الهكتار الواحد منه لنحو 25922 مترا مكعبا من الماء، وهي الكمية التي يستهلكها 220 فردا سنويا، وطالب  بتفعيل القرار الوزاري الصادر في 2012 بمنع زراعات الفاكهة في الأراضي الصحراوية، وحماية المخزون الجوفي من المياه.
 
المهندس محمود فوزي رئيس الإدارة المركزية للبساتين بوزارة الزراعة، أكد في تصريحات صحفية، أن الوزارة تسعى إلى منع الري بالغمر أي كان المحصول المزروع، وقصر الزراعة على الري بالتنقيط فقط.
 
 
النواب والإحصاءات

وينتفض حاليا، عدد من نواب البرلمان؛ لإيجاد حل لهذه القضية، ويقول النائب عثمان المنتصر أمين سر لجنة الزراعة والري بالمجلس، إن الأزمة المائية الكبيرة التي تعيشها مصر، تستوجب ترشيد استخدام المياه بشكل كبير، مؤكدا أن محصول الموز من المحاصيل التي يجب تقليل مساحة الأراضي المخصصة لها للحفاظ على المياه.
 
WhatsApp Image 2018-04-26 at 10.03.00 AM
 
 
الأرقام الإحصائية التي تكشف التقارير الرسمية لجهاز التعبئة العامة والإحصاء، تشير إلى أن إجمالي مسـاحة محصول الموز في مصر تبلغ 66.8 ألف فدان خلال 2016، مقابل 65.5 ألف فدان في 2015 بزيـادة بلغت نسبـتها 1.9٪.
 
وبلغت كمية الإنتاج 1.2 مليون طن في 2016، مقابل 1.3 مليون طن عام 2015 بانخفاض بلغ نسبـته 7.6٪.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق