داعش وراء تضييق الاتحاد الأوروبي الخناق على الأقليات الإسلامية بالقارة العجوز (تقرير)
الأحد، 29 أبريل 2018 07:00 ص
لم يكن تأثير داعش على المستوى العالمي أو الإقليمي فحسب، كما أن ذاك التأثير لم يضر بالإسلام فقط من حيث تشويه صورته، أو البرهنة على أن الإسلام دين إرهاب فحسب، بل أضر المسلمين أكثر من أي ضرر آخر، حتى الأقليات الإسلامية في الدول الغربية، لم يدعها تعاني ماتعانيه من بنو جنسها.
فبعد أن خرجت فرنسا على المستوى الدولي تطالب الجهات الإسلامية بحذف آيات قرآنية معينة، بدافع أنها معادية للسامية، وتدفع للقتال، ويتذرع بها التيارات الإرهابية، خرج الإتحاد الأوربي بقرار جديد، حول قطع التمويل عن المساجد والمنظمات الإسلامية الموجودة بدول الإتحاد، مما يجعل الاعتراف بالأقليات الإسلامية هناك من قبل الحكومات أمر بالغ الصعوبة، ويعقد المسائل أكثر مما كانت عليه.
وقد حظي قرار الإتحاد الأوربي بتضييق الخناق من الناحية المادية على المساجد والمنظمات الإسلامية غير الحكومية، كخطوةاحترازية، على أغلبية كبيرة في الاتحاد الأوروبي، حيث يتضمن القرار محاولة قطع كل السبل أمام وصول أي تمويل للمتطرفين.
يقوم بعض المنتمين لللتنظيم الإرهابي في الدول الأوربي بجمع التبرعات، والحصول على التمويلات المقدمه من الحكومات بدول الاتحاد، وتحويلها للتنظيم الإرهابي، مستغلين بذلك اسم المؤسسة الدينية، أو المسجد الموجود بكل مقاطعة أو ولاية أوربية، وبكل أسف فإن اغلب الذين ينتمون للتنظيم الإرهاب يحترفون القيام بتلك العمليات.
ويشمل قرار الاتحاد الأوربي، الخاص بمنع تمويل المساجد والمراكز والمنظمات الإسلامية، مراقبة أي تمويل للمساجد التي يشتبه أن يكون بها عناصر متطرفة، أو يثبت انتمائها للتنظيم الإرهابي، وكذلك تشديد الرقابة على المنظمات والمراكز الإسلامية غير الحكومية في جميع دول الاتحاد الأوروبي، والتي قد تستعمل كغطاء لعمليات إرهابية أو غير شرعية، وبكل أسف فقد لاقى مشروع القرار استحسان أغلبية كبيرة.
كما كان من بين التخوفات المطروحة أمام دول الاتحاد ودفعتها لاتخاذ هذا القرار، أن الجماعات الإرهابية لم تعد تنتظر مصادر تمويل ضخمة لتنفيذ مخططاتها، فعلى سبيل المثال، تكلفت السيارة المستخدمة في تفجيرات "لاس رامبلاس" في برشلونة 60 يورو في اليوم فقط، وتشير حوادث الإرهاب الأخيرة إلى التكلفة للعمليات الإرهابية فهي تعتبر قليلة التكلفة كبيرة التأثير، وهذا يعني اعتماد الجماعات الإرهابية في تمويلها على عمليات صغيرة مثل الاستيلاء على بطاقات الائتمان والاحتيال في القروض البنكية وعمليات غسيل الأموال.
يذكر أنه في إسبانيا يوجد 1532 مركزًا إسلاميا، وذلك وفقًا لبيانات مرصد التعددية الدينية التابع لوزارة العدل الصادرة حتى يونيو 2017. ومما يثير القلق بالنسبة لمقدمي القرار أن عدد الجمعيات الإسلامية قد ازداد كثيراً منذ عام 2011، لذا وجب مراقبتهم ماديا ومحاسبتهم على الموارد وكذلك على الطرق التي تنفق فيها أي تمويلات وذلك على المستوى الأوروبي ككل.
وقد بلغت الأصوات المؤيدة للقرار بأعضاء الاتحاد، عدد 553 من إجمالي 600 صوت، و تنتظر دول الاتحاد الأوربي، أن يصدر قراراً ملزما هذا العام يطبق فيه على الجميع نفس الحقوق والواجبات، كما يأمل المتقدمون بالقرار أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الاستخبارات والبنوك والهيئات المالية والجهات القضائية لتضييق الخناق على الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله.
ذلك القرار الذي صدر من الاتحاد الأوربي، لم يلقى استحسانا من دول الاتحاد فقط، بل أن المنظمات الحقوقية والرقابية، استحسنت ذلك القرار، لكن ليس بما يتضمنه من معنى المنع، بل المراقبة فقط، مؤكدين بأن منع التمويل يعني عدم اعتراف الحكومات بالأقليات الإسلامية من بني عرقها، وهو مايدخلهم في صراع مع الدولة والسلطات.
وقد علق مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف، على القرار، قائلا: بأن الرقابة لازمة بلا شك على جميع الهيئات والكيانات بما يضمن الحفاظ على الحقوق والواجبات وبما لا يمثل في نفس الوقت أي تضييق على فئة بعينها أو كيان محدد قد يتعرض أصحابه للمضايقات أو يستغله البعض بدعوى محاصرة الإرهاب.
وأوضح المرصد في تعليقه، على أنه في نفس الوقت، ينبغي الإشارة إلى أن مصادر الإرهاب لا تكمن فقط في عملية التمويل فقط، بل في خطوات واسعة أكبر من ذلك ربما يتمثل بعضها في بث الأفكار المغلوطة وتناولها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتصوير كل ما هو يمت للدين الإسلامي بأنه سبب من أسباب التطرف وذلك ناشئ عن مجموعة من المنحرفين فكريا ومنهجيا عن صحيح الدين والفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها.