هذا ما نحتاج تعلمه في ذكرى تحويل القبلة

الأحد، 29 أبريل 2018 01:34 م
هذا ما نحتاج تعلمه في ذكرى تحويل القبلة
أحمد نجيب كشك يكتب:

مازال الله تبارك وتعالى يغدق علينا بالكثير من المنافع والعبر والدروس المستفادة في شهر شعبان، فها نحن نقترب فيه من ذكرى تحقيق أمنية من أمنيات النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تحويل القبلة من المسجد الأقصى المبارك إلى المسجد الحرام قبلة المسلمين اليوم، قال تعالى:( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) وقد كان ذلك في العام الثاني من الهجرة بعد ستة أو سبعة أشهر من الصلاة للمسجد الأقصى، ولعل قصة تحويل القبلة معلومة للجميع، لكن الأهم أننا في حاجة ماسة في مجتمعاتنا اليوم أن نعود لنتدبر هذه الحادثة ونستخرج منها الدروس والعبر.

وأول هذه الدروس أن تحويل الحال للأفضل واستجابة الدعاء تأتي بامتثال أوامر الله عز وجل والإنتهاء عما نهى عنه وحرمه، سواء كان ذلك في حال اليسر أو العسر، فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى ستة أو سبعة أشهر إلى المسجد الأقصى وهو يدعو الله تبارك وتعالى ويتمنى الصلاة إلى الكعبة بيت الله الحرام، ومع الصبر وامتثال الأمر تم له ما أراده.

ومن الدروس معرفة أن أوامر الله عز وجل قد تكون بمنزلة الإبتلاء والإختبار، وتصنيف الناس ليعلم الله تعالى المؤمن الحق من المنافق، حيث قال الله تعالى:( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ ) فهذا هو الحال مع القلوب الطاهرة المهدية الممتثلة أوامر ونواهي الله عز وجل.

ومن الدروس أننا ينبغي أن نعود إلى الدين الإسلامي الوسطي، بلا مغالاة وتطرف ولا ميوعة وتفريط، كما قال تعالى:( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) فهذا هو المنهج المناسب للرقي والتقدم ببلادنا ومجتمعاتنا والسبيل الوحيد للنهوض مرة أخرى فوق الأمم.

وقد جاء شهر رجب وحادثة الإسراء والمعراج وفرض الصلاة من فوق سبع سماوات، ومن بعده شهر شعبان وحادثة تحويل القبلة، درسا هاما للتأكيد على قيمة وأهمية الصلاة في الإسلام، فهي عماد الدين وهي وسيلة الصلة بين العبد وربه، يناجيه ويدعوه فيها فيجد الراحة والخير كله في ذلك، ومنه أيضا التأكيد على الصلة العظيمة بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام، وأهمية الدفاع عنهما والحفاظ عليهما ضد كل معتدي.

ولعل أهم هذه الدروس ما يجب أن يتعلمه أهل الشر من دعاة الدم والهدم والثورات والمظاهرات والخروج على الحكام المسلمين، حيث أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة قد جاء بالصبر والطاعة والدعاء، وهو ما يرشدنا إلى أن تحويل حال المسلمين للأفضل، يحتاج للنظر إلى حالنا ومحاولة تغيير أوضاعنا وتصرفاتنا وسلوكنا قبل أن نلقي باللوم على غيرنا وحكامنا، وهو مصداق قول الله عز وجل في القاعدة العظيمة التي غفل عنها الكثيرون فضلوا وأضلوا أناسا كثيرين، حيث قال الله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) فهذا هو أفضل وأقصر الطرق للنجاح والتقدم والازدهار، نسأل الله تعالى أن يصلح ذات بيننا في هذا الشهر المبارك وأن يصلح حال بلادنا ويحفظها من كل شر اللهم آمين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة