حوار مع ولى عهد مصر وحفيدة آخر ملوك أفغانستان على ضفاف السين

الإثنين، 30 أبريل 2018 01:51 م
حوار مع ولى عهد مصر وحفيدة آخر ملوك أفغانستان على ضفاف السين
عبد الفتاح على يكتب:

رغم أن درجة الحرارة لم تكن تزيد على أربع درجات مئوية إلا أن العرق كاد يتصبب من جبينى بفعل الزحام الذى شهده حفل الافتتاح الرسمى لمعرض ملحمة قناة السويس من سنوسرت الثالث إلى عبدالفتاح السيسى الذى أقامه معهد العالم العربى على ضفاف نهر السين بالعاصمة الفرنسية باريس قبل أسبوعين، ويستمر ثلاثة أشهر.
 
المعرض الذى أقيم على طابقين فى المبنى الزجاجى الكبير بجوار جامعة باريس، ضم أفلاما تسجيلية ووثائق نادرة ومجسمات وصورًا فوتوغرافية وقطعًا أثرية من العصر الفرعونى، تؤرخ لقناة السويس على مر العصور، وكيف كانت نقمة فى بعض الاحيان على مصر، وكيف كانت نعمة على العالم كله.
 
لم يترك جان لانج الرئيس الحالى للمعهد أحدا له صلة بقناة السويس إلا ووجه له الدعوة لحضور الافتتاح الرسمى، الذى جاء بعد عشرة أيام تقريبا من افتتاحه للجمهور، بسبب حرص لانج على حضور مكثف للحكومة المصرية التى كانت وقت الافتتاح الأصلى مشغولة بالانتخابات الرئاسية.
 
لكن حرص لانج على الحضور الحكومى واجهته القاهرة برأى آخر، حيث اكتفت بوزيرة الثقافة الفنانة إيناس عبدالدايم لتمثل الجانب المصرى بجوار السفير المصرى النشط إيهاب بدوى.
 
كان من غير المنطقى أن يتم تأجيل الافتتاح لإفساح المجال لحضور مصرى حكومى واسع، ولا يحضر سوى وزير واحد فقط، كما أنه أيضا من غير المنطقى أن يحضر وزير الخارجية الفرنسى جان ايف لودريان، دون حضور نظيره المصرى سامح شكرى، لكن يبدو أن هناك رسالة «ما» أرادت القاهرة إرسالها لباريس من خلال خفض الحضور الوزارى.
 
الغريب أن فى ذلك الوقت كان هناك أكثر من مسئول كبير مصرى فى باريس ذهبوا تباعا فى أقل من يومين، وهم إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية، وخالد عبدالغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى لكن أحدا لم يضع قدمه فى شارع سان جيرمان الذى ينتهى مع هنرى الرابع أمام معهد العالم العربى.
مراسم الاحتفال الرسمى شهدته قاعة الطابق التاسع التى تطل على كل معالم مدينة النور، وفى قلب الاحتفال كان أحفاد الخديو سعيد، يخطفون الأضواء من الوزيرة المهذبة والخجولة، فكانت الكاميرات واللقاءات الصحفية من نصيبهم.
 
وقفت حفيدة عمر باشا طوسون أمير الإسكندرية وابن الخديو سعيد والى مصر، وعلى وجهها كبرياء مصر الذى لا يكسره الدهر، وفى قلبها كم من التواضع والرقى يسع الجميع، ممسكة فى يدها اليسرى عصاها الخشبية، ويدها اليمنى ممدوة للسلام، بعد أن وقفنا أمامها فى طابور ليس بالكبير لكنه ممتلئ بالمحبة.
عائلة عمر طوسون ساهمت فى تأسيس جامعة فؤاد الأول سابقا القاهرة حاليا، وهم أيضا مؤسسو جامعة أون سابقا، عين شمس حاليا، وهم أفراد يشتهر عنهم الشغف بالثقافة والفنون والآداب.
 
وما أن بدأنا بحوار رقيق امتزجت فيه العربية بالإنجليزية بالفرنسية، حتى وجدت بجوارى ولى عهد مصر (المفترض) أمير الصعيد محمد على نجل ملك مصر الأخير فؤاد الثانى، وبجواره زوجته شديدة الرقى نوال ظاهر حفيدة آخر ملوك أفغانستان ظاهر شاه.
 
«تستطيع أن تقضى عمرك كله فى باريس الجميلة، والعالم كله يحسدك عليها، لكنى على استعداد أن اتنازل عنها طواعية من أجل يوم واحد فى مصر التى كانت تجمع بين عمارة لندن ورقى باريس وأصالة اسطنبول وتاريخ روما».
 
هكذا لخص لى الأمير حبه لمصر فى جملة واحدة، لكن كل الحوارات التى جمعتنى بالأمير حسين طوسون والنبيلة زوجته وباقى أحفاد أمير الإسكندرية فى كفة، وما حدث معهم بعد أن اظهرت «البيزنس كارت» الذى يعلوه لوجو صوت الأمة برموز مصر الوطنية المطبوعة على ترويسة الجريدة، فى كفة أخرى.
كاد أمير الصعيد أن يبكى، ونظر الأمير حسين طوسون والنبيلات من العائلة الملكية فى اندهاش استغرق لحظات، أعادت إليهم ذكريات جميلة، وإحساس دافئ، بأن مصر ما زالت تتذكر تاريخها، وتتشرف بحكامها، مهما ألقيت على سمعتهم الأقاويل.
 
أخرج الأمير محمد على نظارته، واقترب منى وبجواره بقية العائلة، وطلب منى أن أخبره بأسماء بعض الشخصيات التى رسمها بإتقان الفنان الراحل مصطفى حسين، بطلب من الأستاذ عادل حمودة أول رئيس تحرير لجريدة صوت الأمة بعد أن اشتراها الراحل العظيم عصام إسماعيل فهمى أشطر ناشر صحف فى مصر.
 
قال لى الأمير، أختلف كثيرا مع الاستاذ عادل حمودة فى كثير من القضايا، لكن احترامى له زاد بعد أن أخبرتنى أنه صاحب فكرة وضع رسومات شخصيات مصر العظيمة على ترويسة الجريدة.
 
ابتسمت قليلا، فنظر لى باستغراب لكن استغرابه زال بعد أن قلت له إن الرسومات ليست كلها لشخصيات عظيمة، ففيها أخرى كانت وبالا على مصر والمنطقة بأسرها، فعاد استغرابه، فقلت له، هذا الرجل ندفع ثمن تجارته بالدين حتى الآن، ووضعت أصبعى على رسم لحسن البنا، الذى جرت إزالته من على ترويسة الجريدة الآن.
 
ملكة مصر القادمة (افتراضا) الأميرة نوال ظاهر درست تصميم المجوهرات من جامعة ويبستر بلندن، تفضل الحياة فى اسطنبول التى شهدت طفولتها ومراسم زواجها، أكثر من باريس، لكنها تشعر أن مصر أقرب بلد يشعرها بحنينها لوطنها الذى بات منبعا للإرهاب والتخلف وتجارة المخدرات.
 
كنت حريصا على عدم الحديث فى السياسة، خاصة عن حكام مصر بعد ثورة 52، وبالأخص عن عبدالناصر، لأنه ليس من النبل أن أقدم الخلاف القليل، على الكثير من المشتركات، لكنى وجدت فى كلامهم احتراما للرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة بعد أن ذكرتهم خطبته فى افتتاح قناة السويس الجديدة؛ بالمجد الذى أعاد إنشاءه جدهم الأكبر الخديو سعيد، بسبب صداقته مع فيرديناند ديليسبس، وهى نقطة أخرى لا يتسع المقام لها الآن.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق