دفاعا عن القرآن: النخبة الفرنسية تشن حملة ضد الإسلام.. والأزهر ينتفض

الثلاثاء، 08 مايو 2018 07:00 ص
دفاعا عن القرآن: النخبة الفرنسية تشن حملة ضد الإسلام.. والأزهر ينتفض
مصحف
كتب - حسن الخطيب

انتفاضة أزهرية ضد حذف آيات من القرآن
 
- «شومان»: الدعوة هى والعدم سواء وغير مبررة وغير مقبولة.. والإسلام لم يحض على القتل 
- الشحات الجندى: الدعوات لا تخرج إلا ممن ملأ الحقد قلوبهم عن الإسلام ويعادونه
 
بين الحين والآخر تخرج دعوات غربية متطرفة، تتجرأ على الإسلام والقرآن والشريعة الإسلامية، بهدف تأجيج المشاعر بين جموع المسلمين، وإحداث الفتنة فيما بينهم، وبما ينمى ظهور التيارات المتشددة والمتطرفة والجماعات الإرهابية التى تتحدث باسم الله. 
 
فى مقال جديد بمجلة «شارل إيبدو» الفرنسية، والتى سبق ونشرت رسوما مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة، نشره المدير السابق للمجلة ويدعى «فيليب فال»، ووقع عليه أكثر من 250 من كبار الشخصيات الفرنسية من بينهم الرئيس السابق نيكولاس ساركوزى، ورئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس، والمغنى الشهير شارل أزنافور، بالإضافة لشخصيات عامة فرنسية بينهم مسلمون، يطالبون فيه بحذف آيات من القرآن الكريم، بدعوى أنها تدعو إلى قتل ومعاقبة اليهود والمسيحيين والكفار، وهو ما أثار حالة غضب بين المسلمين فى العالم.
 
وقال مدير المجلة السابق فى مقاله، إن هذه الآيات عفا عليها الزمن، وتعتبر معادية للسامية فى فرنسا، وأن اليهود أصبحوا مهددين بشكل كبير هناك، وأن سبب صمت السلطات، هو اعتبارها التطرف الإسلامى مجرد ظاهرة اجتماعية.
 
وأشار فال، إلى أن «الفاتيكان» ألغى نصوصا فى الكتاب المقدس غير متناسقة ومناهضة للسامية، بحيث لا يستطيع أى مؤمن الاعتماد على نص مقدس لارتكاب الجريمة، مستنكرا ما وصفه بكراهية الإسلام، منوها إلى أن وزارة الداخلية الفرنسية أفادت باحتمال تعرض اليهود الفرنسيين للهجوم لأكثر من 25 مرة من المسلمين.
 
فيما أعادت عدة صحف فرنسية «مقال فال»، بعد ساعات من نشره بمجلة «شارل إيبدو»، وكان من أبرزها مجلة «لوباريزيان»، وصحيفة «جورنال لو دومانش».
 
كما نشرت صحيفة «لوموند» مقالا آخر وقع عليه أكثر من 30 إماما مسلما فى فرنسا تأييدا لمقال فال، تحت عنوان «لا يمكن الدفاع عن تلك النصوص أكثر من ذلك»، ومن أبرز الموقعين مدير مكتب مناهضة معاداة السامية بباريس «سامى غزلان»، ورئيس أئمة فرنسا حسن شلجومى.
 
ومن جانبه استنكر مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، دعوة المدير السابق لمجلة شارل إيبدو الفرنسية، الساخرة، واصفا هذه الدعوات بالخطيرة التى يخرج بها البعض بين الحين والآخر، وتكون سببا فى الهجوم والاستعداء على المسلمين هناك، ونشوء حالة من الصراع والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، مما يعضد من وجهة النظر الأخرى التى يتبناها البعض بأن «فرنسا ليست أرضا للإسلام»، والتى أكدتها سابقا «ماريون ليون»، قبل عام 2015، إلا أن هذه الدعوة قوبلت وقتها بردة فعل قوية رافضة إياها من قبل الحزب الجمهورى والسياسيين، التى اعتبروها دعوة عنصرية لا يقرها القانون الفرنسى.
 
وطالب مرصد الإفتاء، بردة فعل قوية ضد هذه الدعوات العنصرية على غرار ردة الفعل السابقة، مؤكدا أن إتاحة الفرصة أمام هذه الدعوات للظهور أو التضامن معها يغذى ظاهرة الإسلاموفوبيا من جهة، ويعزز من شعورالأقليات المسلمة بالتهميش والعنصرية ضدهم من جهة أخرى، ويكون سببا لنمو ظاهرة التطرف والإرهاب.
 
ونبّه المرصد بأنه على المجتمع الفرنسى بكل طوائفه، ضرورة تطبيق القانون الذى يحترم ممارسة الحقوق الدينية، ويؤكد على حرية الاعتقاد، مناشدا فى الوقت ذاته المؤسسات والهيئات الإسلامية فى الغرب، بالتكاتف والعمل على تطبيق أخلاق الإسلام الصحيحة وإحياء فكرة التعايش مع غير المسلمين، مع احترام القانون والمحافظة على ثوابت الدين والبعد عن الصراع والانقسام.
 
فيما أعرب مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف عن أسفه لهذه النداءات، مؤكدا على قدسية القرآن التى لا يمكن المساس بها، ولا يمكن للمسلمين القبول بتجميد بعض آياته التى أنزلت من لدُن حكيمٍ حميد، فاعتبار القرآن مصدرا للعنف لا يقوم على سند صحيح، موضحا أنه لا ينبغى الاكتفاء بظاهر آية، بل لا بد من الوقوف على مرادها ومعرفة فى أى سياق تاريخى نزلت، وأسباب نزولها ووجه العموم فيها والخصوص.
 
ونبّه المرصد إلى عدم اعتبار القرآن مصدرا للعنف لمجرد أن أوَّلت الجماعات المتطرفة بعض آياته تأويلا خاطئا، ولهذه الأسباب لا يمكن الحكم مطلقا على أن القرآن يحتوى على آيات تدعو للعنف، مؤكدا على احترام المسلمين ليس فقط لأهل الكتاب بل لكل من يخالفهم، ويدعو للتسامح والعيش المشترك والتعاون بين المسلمين ومَن يخالفهم على الإحسان والبر وكل عمل صالح.
 
ومن ناحيته، استنكر الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، تلك المطالبات التى تدعو إلى تجميد آيات فى القرآن الكريم، بدعوى أنها تحث على قتل غير المسلمين، قائلا إنها دعوات غير مبررة وغير مقبولة وهى والعدم سواء، وتدل على جهل مطبق لديهم على أفضل تقدير.
 
وقال وكيل الأزهر: «ليس لدينا آيات تأمر بقتل أحد من دون ارتكاب جريمة من الجرائم الموجبة لقتل الفاعل كقتل الغير عمدا، أو رفع السلاح لقتالنا، ولسنا مسئولين عن عدم فهم الآخرين لمعانى الآيات وأخذهم بظاهرها دون الرجوع إلى تفاسير العلماء لها، فما ظنه هؤلاء آيات تنادى بقتلهم هى آيات سلام فى حقيقتها، فآيات القتال كلها واردة فى إطار رد العدوان إذا وقع علينا وليس إيقاعه على الغير».
 
من جانبه استنكر الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، الدعوات الفرنسية التى تدعو لحذف وإبطال آيات من القرآن الكريم بدعوى أنها تعادى السامية، مبينا أن هذا الادعاء يفتقر إلى المعرفة الحقيقية للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، والتى تنادى بحرية العقيدة وحرية الاعتناق.
 
وأضاف الشحات الجندى، أن مثل هذه الدعوات لا تخرج إلا ممن ملأ الحقد قلوبهم عن الإسلام، فهم يريدون أن ينالوا من القرآن الكريم حتى ينالوا من الإسلام، ولكن الله تعالى يأبى ذلك، فالله يقول عن القرآن الكريم «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».
 
وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية، نحن لسنا مسئولين عن رؤيتهم تلك، فالقرآن الكريم دستور المسلمين، وهو الذى يدعو للتعايش والاعتراف بالآخر، وبأن المسلم ليس معتديا وليس بقاتل ولا سفاك دماء، بل هو يدافع عن دينه وأرضه وعرضه، أى رد العدوان، كما أن آيات القرآن ﻻ تقر اﻻعتداء إﻻ على المعتدى، كقوله تعالى «ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم».

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق