حين تتصادم الكراسي بالكلوبات

الثلاثاء، 08 مايو 2018 08:00 م
حين تتصادم الكراسي بالكلوبات
نهلة عبدالسلام تكتب:

- الأطر تحتضن عدسات لا تمت للحقيقة بصلة عدسات مكبرة ومصغرة شفافة ومعتمة رقيقة وسميكة.. تواظب على تلميعها

- القانون سيحيك لك ما يتناسب وظرفك الجديد الزمن سيتنصل من مسئوليته تجاهك فما حدث ليس سوى إهمال منك
 
مسالم أنت، فبرغم الصور الجلية تتعامى طواعية، بإمكانك الصراخ..الاعتراض.. الامتعاض، فلست ضعيفًا بقدر ما أنت مؤثرًا للسلامة، السلامة من كل قطيعة جفوة بعاد وحرمان، نعم حرمان، فكثيرًا ما كان صخب القهر أهون من هدأة ما بعد انتزاع الحقوق ومعها المحبة بالطبع.
 
الحياة غامضة وعادلة فى آن، فالأدوار يتبدل توزيعها حسب موقع الرائى، فأنت مسالم ومهاجم، ضعيف وقوى، مؤثر للسلامة ومثير للشغب، مقهور وقاهر، منتزع لحقك وهاضم لحق غيرك، القوانين لا عهد لها تخضع للقص واللزق فى ادعاء على الزمن وضرورة مواكبته، الضمائر مستترة خلف قصر اليد والنظر، فالحياة منتهاها وما بعدها لا يعول عليه، مبنى للمجهول، فقط معلوم وقوعه متفق عليه أو مسلم به كغيب.
 
مسالم أنت وحريص أيضًا على العناية بدولاب نظاراتك، كنزك الذى يعينك على إكمال المسير، المسير فى طريق ذى اتجاهات عديدة ولكنك كمسالم أصيل تختار أحدهم شريطة أن يكون باتجاه واحد لا يصيبه دوران، فالرجوع خيانة وما فات كأنه ما كان.
 
الأطر تحتضن عدسات لا تمت للحقيقة بصلة، عدسات مكبرة ومصغرة، شفافة ومعتمه، رقيقة وسميكة، تواظب على تلميعها ولا تسمح سوى باقتناء جيد الصنع منها، فالاستهتار مورد هلاك، تخيل كل من عددتهم حكماء وتبعتهم وجزلت لهم التقدير وبذلت العرفان لسنين فجأة اكتشفت حمقهم، هل بإمكانك حينها إعادة ترسيم حدودك معهم؟إزالة الألوان عن خريطتك وتحمل مشاهدة الأصفر والأخضر والأزرق فى عرض للعبة الكراسى المتحركة؟ هذا العرض المحزن بموسيقاه الجنائزية والذى سينتهى حتمًا بتصادم الكراسى بالكلوبات، ستفقد إرادتك وبصيرتك مع فقد بصلتك، فحتى الاستسلام يتطلب إرادة وبصيرة أيها المسالم الغر.
القانون سيحيك لك ما يتناسب وظرفك الجديد، الزمن سيتنصل من مسئوليته تجاهك، فما حدث ليس سوى إهمال منك، رعونة تحل له ممارسة دهائه وخديعته، حتى الطريق سينشق عن هوة بعد رفع مقاساتك، سيئول فراغها لمصمت فور سقوطك بها.
 
ها أنت عالق حتى الطريق الواحد غير متاح، فقط ستثير شفقة الحياة فتمنحك كسرة من أسرارها الغامضة تقيم أودك، شربة من عدالتها تحول دون إزهاق روحك، سيلتف جمع من حولك لا لمساعدتك بل لأنك تخيفهم، تعيق حركتهم برأسك المطل عليهم وشعرك المشعث الطويل وقد افترش الأرض، كل الأرض، استوطنته الحشرات وغطته العوادم فتصلب كجذع فقط، اتصاله بجذوره، سيخرجون من ستراتهم نظارات ذات ماركات شهيرة مماثلة تمامًا لما يرتدونها فى سابقة أولى من تحقيق المساواة، ستهز رأسك رافضًا، يلحون، فتهزها بعنف أكثر، يلحون أكثر وأكثر حتى ترتجف الأرض أثر شد وجذب خصلاتك الملتصقة بها، يتفرقون ورويدًا رويدًا يختفون.
 
فقدان وزنك قد يهبك فرصة للخروج من الهوة، للخلاص، لاختيار طريق يسمح بالدوران والمراجعات وتدارك الأخطاء، لكن هل سيسفر هذا كله عن ولادة ذات المسالم بإصدار أحدث؟ أم ستخرج وحدك تاركًا إياه فى الهوة ملقيًا إليه بإحدى النظارات التى سبق وأن عُرضت عليك رفقًا بحاله فى رمقه الأخير؟ 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة