من سجلات المحاكم المصرية..

السجن والغرامة والمؤبد لأطفال لم يتجاوز عمرها الـ 4 سنوات

الأحد، 13 مايو 2018 05:00 ص
السجن والغرامة والمؤبد لأطفال لم يتجاوز عمرها الـ 4 سنوات
طفل البحيرة
إيمان محجوب

بينما كان القاضي يتناول قهوته الصباحية، ويتصفح سجل القضايا المنظورة أمامه في جلسة محكمة مستأنف جنوب القاهرة، مر أمامة اسم المتهم «عبد المسيح»، المحكوم عليه بالسجن عام، واليوم يستأنف على حكم حبسه حضوريا، الغريب أن القاضي لم يلتفت لعمره، لكن سرعان ما استعد لبدء الجلسة، ومع ارتفاع صوت الحاجب مناديا «محكمة» كانت المحكمة بكامل هيئتها، جالسة على منصة القضاء، بعد ثواني، تفحص القاضي قاعة المحكمة وأشار لرجل كان يصطحب طفل ممنوع دخول الأطفال، فرد عليه الرجل أنه متهم في إحدى القضايا المنظورة اليوم فذهل القاضي، نفس الأمر تكرر مع طفل «القبلة»، الذي لم يتجاوز الخامسة من عمرة، وحضر إلى محاكمتة بصحبة والده، والذي أحيل إلى محكمتين مختلفتين بتهمة تقبيل زميلته في الروضة.

في سجلات المحاكم المصرية، لم تكن محاكمة الطفل عبد المسيح، أوطفل الروضة، الواقعة الوحيدة للأطفال داخل المحاكم، بمصر، فهناك العديد من الوقائع، والتي كانت منها الحكم على الطفل أحمد منصور قرني، بالسجن المؤبد في قضية تظاهر وأعمال عنف،  وهو الذي لم يتعدى عمره 4 سنوات، وفي عام 2016 حكم على طفل عمرة 3 سنوات، بالحكم عام وغرامة 5 الاف جنيه، بتهمة قتل سيدة.

 

محاكمة طفل البوسة في البحيرة 
 قال سامح مدكور، والد الطفل المتهم بـ«بوس» زميلته في الحضانة، إن القضاء لم يبرأ طفله حتى الآن، وأن المحكمة حددت جلسة 30 مايو الجاري للنطق بالحكم.

والد الطفلة البالغة من العمر 4 سنوات، تقدّم ببلاغ إلى مركز شرطة دمنهور، بتاريخ 6 ديسمبر 2017، يتّهم فيه زميلها في الحضانة بتقبيلها.

طفل البحيرة
 

وقال محمد حمادة محامي الطفل المتهم، إن والد الطفلة حرر محضرا اتهم فيه موكلي بتقبيل ابنته في حضانة المدرسة.

وأضاف أن النيابة العامة أحالت المحضر لمحكمة الجنح، التي قضت بدورها بعدم الاختصاص، وأحالتها إلى محكمة الأحداث.

 

عبد المسيح ذو التسع سنوات يحاكم من أجل 5 أرغفة

ولوأننا في السنوات العجاف التي خف منها الماء والثمر، وقتما كان يتولي نبي الله يوسف، حكم مصر، ما حكم على عبد المسيح بهذا الحكم، لكنها القلوب التي جفت منها الرحمة، والعقول التي فقدت الحكمة، حتى يحدث هذا داخل أروقة القضاء، فعبد المسيح، الطفل المصري، شعر بالجوع فسرق 5 أرغفة من مخبز مجاور لمنزله، فحبسه القاضي لمده عام!.

عبد المسيح

البداية كانت منذ عام ونصف والنهاية كانت أمس الخميس، حيث قضت محكمة جنح أحداث بني سويف جنوب القاهرة ببراءة الطفل عبدالمسيح عزت عزيز (9 سنوات)، وقررت المحكمة إلغاء الحكم الصادر من محكمة الطفل غيابياً بإيداعه دور الرعاية الاجتماعية لمدة عام

وجاءت الجلسة بعد استئناف محامي الطفل ضد الحكم الصادر، بإيداع الطفل بالأحداث غيابياً بتهمة سرقة 5 أرغفة من مخبز بمركز الفشن بمحافظة بني سويف، وحرر على إثرها صاحب المخبز محضراً في شهر مايو 2013، يتهمه بسرقة أرغفة بما يعادل 5 جنيهات مصرية

وروى الطفل تفاصيل الواقعة، حيث قال إنها تعود إلى شهر نوفمبر 2012، عندما كان يستعد لتناول الإفطار هو وصديقيه فاضطر للذهاب للمخبز المجاور لمنزله وسرق 5 أرغفة لتناولهم، وبعدها فؤجئت أسرته باستدعاءه لقسم الشرطة عقب تقديم صاحب المخبز بلاغاً يتهمه فيه بسرقة الخبز. وسرعان ما أحيل البلاغ للنيابة، التي أحالت القضية للمحكمة، والتي بدورها قضت بإيداعه دور الرعاية الاجتماعية لمدة عام.

وتقول والدة الطفل إن الأسرة والجيران قاموا بوساطات مع صاحب المخبز، وأقنعوه بعمل محضر تصالح والتنازل عن القضية، وحكم القاضي بالبراءة بعد تنازل صاحب المخبز وبعد أن كاد مستقبل ابنهم يضيع جراء الواقعة.

جيران الطفل انتقدوا صاحب المخبز بسبب تعنته رغم أن قيمة ما سرقه الطفل بسيطاً ولا يساوي شيئاً، وقرروا مقاطعة مخبزه وعدم الشراء منه، بينما انتقد محامون قرار النيابة من البداية بإحالة القضية إلى المحكمة والتسبب في إهدار آدمية طفل أجبره الفقر والجوع على ارتكاب هذه الجريمة البسيطة. 

الحكم علي طفل عمره ثلاث سنوات بتهمة القتل الخطأ

في واقعة غريبة من نوعها قضت محكمة جنح أسوان بحبس طفل يبلغ من العمر «3» سنوات مع الشغل وكفالة «500 جنيه» لاتهامه بقيادة سيارة وصدم سيدة بسيارته ما أسفر عن وفاتها.

كانت النيابة وجهت للطفل باعتباره مالك السيارة تهمة القتل الخطأ والإهمال وعدم توخي الحذر، وأنه قاد السيارة بحالة نجم عنها الخطر دون أن يتأكد من خلو الطريق وعدم مراعاته القوانين واللوائح المنظمة أثناء القيادة، ما أدى إلى اصطدامه بسيارة ومصرع سيدة وإصابة 3 آخرين

وتبين من التحقيقات أن الطفل مقيم بقرية الرغامة مركز كوم أمبو شمال أسوان ولأنه بولاية والده قام الوالد بتسجيل السيارة باسم نجله المتهم، وبذلك تحول الطفل إلى مالك للسيارة، حيث تم وضع الطفل كمالك للسيارة، ومتهم وأصدرت المحكمة حكمًا بحبسه سنة مع الشغل وكفالة 500 جنيه وقبول الدعوة المدنية حيث تغيب الطفل عن حضور الجلسة

ترجع أحداث الواقعة إلى إبريل 2014 عندما صدم بسيارته «فيفي معزوز مجلع 53 سنة» بمنطقة صحارى بمدينة أسوان ما أسفر عن وفاتها والتى قيدت برقم 3577 جنح قسم أول أسوان.


 السجن المؤبد لطفل لا يتجاوز عمره أربع سنوات

 في عام 2016 صدر حكم بالسجن المؤبد بحق 116 شخصا بينهم طفل لا يتجاوز عمره أربع سنوات،بينهم طفل لا يتجاوز عمر الأربع سنوات في قضية أعمال شغب تعود إلى 2014 إن القضية مرتبطة بقتل متظاهرين في الفيوم، مشيرا إلى أنه يوجد بين.

الغريب أن اسم عائلة الأب، شرارة، وارد في لائحة بأسماء المتهمين استعرضتها "محكمة غرب القاهرة"  والمقصود فيها حقيقة هو الأب الذي حققت معه النيابة وأخلت سبيله بريئاً، لتصدر الحكم فيما بعد على طفله بالمؤبد.

قرني
 
 فى هذا الشأن، تقول المحامية و الخبير القانوني هبه علام،  أن عقوبة القتل العمد فى قانون الطفل تمثلت فى نص المادة 122 فقرة 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126   لسنة 2008 على : «تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون».
 
وكشفت «هبه» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه استثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو لمحكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال - بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوز سنة خمس عشرة عام، وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم فى الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل.
 
وأضافت الخبير القانونى، أنه لما كان الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الأحداث، إلا أن هناك استثناءان:
 
الأول: هو جواز مُحاكمة الطفل أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال شريطة توافر أربعة شروط لا استثناء فيهم أو قياس عليهم أو تقريب إليهم:
 
1-أن تكون الواقعة جناية (شرط الجريمة).
2- أن يُجاوز سن الطفل خمسة عشرة سنة وقت ارتكاب الجريمة (شرط الســــــن).
3-أن يُساهم الطفل مع بالغ فى ارتكاب الجناية (شرط المُساهمة).
4- أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على البالغ مع الطفل (شرط الاقتضاء).
 
فإذا كان هناك مع الطفل الحدث آخرين بلغ أقتضى الحال إقامة الدعوى عليه بتهمة القتل العمد فإن محكمة الجنايات تكون مختصة بنظر الدعوى المتهم فيها الطفل الحدث والآخر البالغ المتهمين فيها ويحكمهم فى ذلك نصوص قانون العقوبات المصرى فى المادة230 وما بعدها، وهى موضحة للعقوبة المستوجب تطبيقها، وتكون العقوبة فى حدها الأقصى السجن المؤبد وحق للقاضى إعمال نص المادة17 من قانون العقوبات بالتخفيف عن المتهم، أما إذا كان المتهم حدث فيكون اختصاص نظر موضوع الدعوى باتهام القتل العمد من اختصاص محكمة الأحداث ( شريطة أن لا يكون الحدث قد تم عمره خمسة عشر سنة وقت ارتكاب الواقعة) وتحدد بذلك مدة العقوبة طبقا لما هو ثابت بقانون الاحداث التى قد تصل إلى تسليم الحدث أحد دور الرعاية او الى ذويه أو حبسه، وعلى كل حال هذا الموضوع محكوم بنصوص  المواد227 ،228 ،229 ،230 من قانون الإجراءات الجنائية.
 
وعن محكمة الأحداث، قالت «هبه» هي المحكمة المختصة بالنظر في قضايا الأحداث  «القصر» الذين هم دون سن الخامسة عشرة، بحيث لهم محاكم تصدر أحكاما بحق المخالفين منهم، حيث تتخذ محكمة الأحداث التدابير المناسبة والملائمة مع وضع الحدث وظروفه الخاصة ومع طبيعة جرمه، وتكون هذه التدابير هادفة إلى إصلاحه وإعادة دمجه في المجتمع.
ويتكون قضاء الأحداث من:
محكمة جنح الأحداث: يتولاها قاض ينظر في المخالفات والجنح و في حماية الأطفال المعرضين للخطر.
محكمة جنايات الأحداث : وهي غرفة ابتدائية تتكون من رئيس وعضوين و تنظر في القضايا الجنائية المعروضة على محكمة الأحداث.
وأشارت إلى أن اختصاصها بنظر جنايات الأحداث  جاء على سبيل الاستثناء من القاعدة  ففى الوقت الذي تنظر فيه محكمة الجنايات الجنايات لغير الأحداث فان حكمها لا يكون قابلا للطعن عليه بإحدى طرق الطعن العادية وهو الاستئناف ولا تكون قابلة إلا للطعن عليها بطريق النقض فى حين أن الجنايات التي تنظر امام محكمة جنايات الأحداث تنظر على درجتين  اى ان الاحكام الصادرة من هذه المحكمة فى مواد الجنايات يجوز الطعن فيها بطريق الاستئناف.
 
في هذا الشأن، يقول ياسر فاروق الأمير، المحامى بالنقض، أن امتناع المسئولية الجنائية للطفل الذي لم يبلغ السابعة من عمره وحظر توقيع عقوبة أو تدبير احترازي ضده؛ حيث أن مناط المسئولية الجنائية هو ألقدره علي التمييز أو الاختيار فإن فقد الشخص احدهما أو كلاهما امتنعت مسؤوليته.
 
وأضاف «الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة»، أن هذا حال الصغار دون السابعة إذ قرر المشرع في قانون الطفل الصادر سنه 1996 المعدل بالقانون رقم 126لسنه 2008 في المادة 94 منه امتناع مسؤوليتهم الجنائية عن أي جريمة تعزوا إليهم بل حظر كذلك بدلالة الإشارة توقيع أي تدابير احترازية أو اجتماعية حيالهم. 
 
وأكد «الأمير»، أن المشرع لم يفعل ذلك من فراغ وإنما قرر هذا الحكم نزولا علي طبيعة الأشياء إذ شرط عقاب الشخص إدراك مضمون خطاب الشارع من جهة والقدرة علي أداءه من جهة أخري وهو ما ينحسر عن الصغار دون السابعة لعدم اكتمال نموهم البدني والعقلي مما يجعلهم غير قادرين علي فهم طبيعة الأفعال التي يرتكبوها و لأ يجمل بقانون خطاب من لا يعقل وتكليف من لا يقدر.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق