قصة منتصف الليل.. الحرباء والمخدوع

الأحد، 13 مايو 2018 08:11 م
قصة منتصف الليل.. الحرباء والمخدوع
أحمد سامى

المغالاة في الثقة هي العدو الثاني للإنسان .. فالثقة بالآخرين كالزجاج عندما يكسر لا يمكن للأمور أن تعود مرة أخري لنصابها الصحيح، وما أقسي أن تنهار ثقتك بزوجتك مأمن بيتك وشرفك، فعندما تأتي الضربة من الأقرباء تكن أشد ألمًا وكسرًا، فبعد سنوات الغربة والشقاء عاد "أسامة.م" ليجد كارثة في انتظاره ، فالزوجة الحسناء خلعته منذ عام مضي.
 
وقف أسامة أمام باب محكمة أسرة مدينة نصر يبكي حظه فمن بين جميع الناس رزقه الله بزوجة خائنة باعت ضميرها وجرت خلف طمعها نهبت أمواله وتركته يتسول أموال علاجه ويصبح عالة علي أشقائه.
 
اتخذ أسامة مقعداً بعيداُ عن أعين الناس خوفا من رؤية ضعفه منتظرًا مجئ دوره أمام المحكمة لإثبات نصب الحرباء المتلونة التي استمرت في استنزافه حتى بعد الخلع.
 
اسند رأسه المثقل بالهموم مستعيد بذاكرته كيف تعرف علي حبيبته والتي طعنته في ظهره، فقبل خمسة سنوات مضت تعرف علي "بثينة.أ"  خلال حفل زفاف أحد أصدقائه، فوجد فيها ملامح الفتاة الرقيقة تتمتع بجمال هادئ ليست متكلفه حاول خلال الحفل لفت انتباهها ولكنه لم يتمكن من ذلك.
 
بعد انتهاء الحفل مال علي صديقه ليعرف تفاصيل أكتر عنها وهل مرتبطة أم لا وشعر بالسعادة تدب في قلبه لمعرفة أنها مازالت "آنسة" وليس لها علاقات أخري، فطلب من صديقة ترتيب لقاء لمقابلتها والتحدث معها بشكل أكبر.
 
لم يتردد صديقه وحضر بعد يومين يزف له خبر ترتيب موعد علي أن تخرج خطيبته مع بثينة إلي أحد "المولات" التجارية ويتقابلا معا باعتبارها صدفة علي أن يجلسا سويا بأحد "الكافيهات"، ليتناقشا ويتعرفا بشكل أكبر ، تم لأسامة ما يريد وجلس بالقرب من الفتاة التي رق قلبه لها.
 
اختتم الثنائي حديثهما بتبادل أرقام الهواتف علي وعد بلقاء أخر بمفردهما ليتعرفا علي بعض بشكل أكبر فهو لا يلعب بها ولكنه عاد من غربته من أسبوع وجذبته رقتها وهدوءها.
 
شعر بالسعادة تغمر قلبه فأخيرا وجد نصفه الثاني فهي فتاة جميلة وطريقتها تؤكد علي حسن تربيتها، تخرجت في كلية التجارة وتعمل في قسم العلاقات العامة بأحد الشركات الخاصة وتبلغ 28 من عمرها، ولم يسبق لها الارتباط، لم يضيع أسامة الوقت في الأحاديث والمقابلات فلابد أن يقطع الطريق ويتقدم لخطبتها فإجازته السنوية قاربت علي الانتهاء ولا يريد أن يغادر البلاد دون أن يلبسها محبس الزواج.
 
حسم أسامة أمره وطلب منها تحديد موعد مع والدها للتقدم لخطبتها قبل سفره، بعد أسبوع كان يجلس أمام والدها مصطحبا والديه وشقيقته الصغرى للتعرف علي العروس وأهلها وتم الاتفاق علي كافة التفاصيل الخاصة بالزواج ، علي أن تتم الخطوبة قبل سفره، ويكون الزواج بعد عام خلال إجازته القادمة، ارتفعت الأيدي لقراءة الفاتحة، لتتعالي "الزغاريط" داخل منزل العروس.
 
أفاق من ذكرياته علي صوت حاجب قاعة المحكمة يعلو باسمه ليقف أمام الحضور ويستكمل باقي قصته، فبعد أسبوع من الخطوبة غادر متوجها إلي عمله بأحدي دول الخليج ليصبح الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة الاطمئنان علي حبيبته والتعرف علي أخبارها.
 
بدأت بثينة في اصطحاب والدته للشقة التي يمتلكها أسامة بمنطقة الهرم لتوضيبها، فكان يجلس بالساعات أمام شاشة الكمبيوتر ليختارا سويا ألوان غرف النوم والأطفال والديكورات اللازمة وكافة التفاصيل الصغيرة علي أن يتم شراء الأثاث وقت نزوله .
 
مر العام وعاد من غربته لتستقبله بالأشواق الحارة، وينتهي من شراء باقي احتياجاتهم وحجز قاعة علي النيل للزفاف لينتهي الحفل ويطير بعروسته إلي الشقة لينعم بلحظات الحب معها بعد عام من الاشتياق لها، واستمرا سويًا لمدة شهرين كانوا أسعد أيام حياته، ليتركها عائدًا إلي عمله مرة أخري.
 
استمرت الاتصالات بينهما علي هذا الوضع، يطمئن عليها يوميا ويرسل لها الأموال لتنفق منها وتودع الباقي بحسابه في البنك بعد أن حرر لها توكيل رسمي بالتصرف حال غيابه، بدأ الوجه الأخر للملاك البرئ يظهر علي حقيقته، فبدأت تطلب منه الكثير من الأموال فهي لا تعمل وتحتاج لمزيد من النفقات، لكنه لم يقصر في الوفاء بطلباتها وبدأ إرسال أموال أكثر ويقلل من نفقاته الشخصية ، حتى طلبت منه شراء سيارة فهي لا تقدر علي ركوب المواصلات العامة عند زيارة والدتها ، ولأنه يثق فيها أرسل لها الأموال لشراء ما تريده ولكنه بدأ يشعر بتغير معه خلال محادثتهم فهي تتعلل كثيرًا بانشغالها في أعمال المنزل.
 
قرر أن يفاجأ زوجته وينزل قبل انتهاء الإجازة للاطمئنان عليها ليجد الكارثة في انتظاره فزوجته الجميلة خلعته بعد ثلاثة أشهر من الزواج واستغلت التوكيل في نقل أمواله وشقته والسيارة باسمها ليصاب بجلطة تسببت في شلل نصفي بيده خاصة بعد معرفته بدخولها في علاقة مع شخص كانت تحبه قبل الزواج وتنفق عليه من أمواله، ليقرر أن يحصل علي حقه من هذه الحرباء برفع قضية لإثبات خلعه بدون علمه، فبعد سنوات الشقاء وجد نفسه علي "الحديدة".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة