قضاة الإسلام.. أبو بكر الأنصاري: قاضي المارستان وقصة عقد اللؤلؤ

الثلاثاء، 22 مايو 2018 05:00 ص
قضاة الإسلام.. أبو بكر الأنصاري: قاضي المارستان وقصة عقد اللؤلؤ
إيمان محجوب

لقب بـ«قاضي المارستان»، ويعتبرالمارستان في فترة حكم الدولة العباسية منشأة في غاية الأهمية والرقي، أشرف عليها الخليفة نفسه أو نائبه.

كان أبو بكر الأنصاري من المجددين ومن كبار العلماء وأفقههم وله آثارعظيمة، وتتلمذ علي يده عدد كبير من كبار العلماء.

الأنصاري، هو عالم الفرائض والحساب، ألف منها خمسة أجزاء، ولد في بغداد سنه 442 هجريًا، وجاور مكة  في شبابه.

أسرته الروم، فبقي في الأسر سنة ونصفا، وظل عندهم متمسكا بدينه، حتي أطلق سراحه وقضي كثير من حياته في البحث عن العلم، حتي ولاه الخليفة عبد الملك بن مروان رئاسة مشيخة مارستان.

وللقاضي أبو بكر الانصاري قصة مع عقد اللؤلؤ فروي الشيخ الصالح أبو القاسم البغدادي: سمعت القاضي أبو بكرالأنصاري يقول: كنت مجاورا بمكة حرسها الله تعالى فأصابني يوما من الأيام جوع شديد لم أجد شيئا أدفع به عني الجوع، فوجدت كيسا من  من الحرير فأخذته وجئت به إلى بيتي، فحللته فوجدت فيه عقدا من لؤلؤ لم أر مثله. فخرجت فإذا بشيخ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمس مئة دينار وهو يقول: هذا لمن يردّ علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ، فقلت: أنا محتاج، وأنا جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به، وأردّ عليه الكيس. فقلت له: تعال إليّ فأخذته وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة الشرّابة، وعلامة اللؤلؤ وعدده، والخيط الذي هو مشدود به، فأخرجته ودفعته إليه، فسلّم إليّ خمس مئة دينار، فما أخذتها، وقلت: يجب علي أن أعيده إليك، ولا آخذ له جزاء، فقال لي: لا بدّ أن تأخذ وألحّ عليّ كثيرا، فلم أقبل ذلك منه، فتركني ومضى.

وأما ما كان مني، فإني خرجت من مكة وركبت البحر، فانكسر المركب وغرق الناس، وهلكت أموالهم، وسلمت أنا على قطعة من المركب، فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب، فوصلت إلى جزيرة فيها قوم، فقعدت في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إليّ وقال: علمني القرآن، فحصل لي من أولائك القوم الشيء الكثير من المال.

ثم إني رأيت في ذلك المسجد أوراقا من مصحف، فأخذتها أقرأ فيها، فقالوا لي: تحسن تكتب؟ فقلت: نعم. فقالوا: علمنا الخط، فجاءوا بأولادهم من الصبيان والشباب، فكنت أعلمهم، فحصل لي أيضا من ذلك شيء كثير، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة ولها شيء من الدنيا نريد أن تتزوج بها، فامتنعت، فقالوا: لابدّ وألزموني فأجبتهم إلى ذلك.

فلما زفوها إليّ مددت عيني أنظر إليها، فوجدت ذلك العقد بعينه معلقا في عنقها، فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه، فقالوا: يا شيخ! كسرت قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظر إليها، فقصصت عليهم قصة العقد، فصاحوا وصرخوا بالتهليل والتكبير حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة، فقلت: ما بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ما وجدت في الدنيا مسلما "المراد أمينا وعفيفا يعرف أحكام اللقطة" إلا هذا الذي ردّ عليّ هذا العقد، وكان يدعو ويقول: اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه ابنتي، والآن قد حصلتْ، فبقيت معها مدة ورزقت منها بولدين، ثم إنها ماتت فورثت العقد أنا وولداي، ثم مات الولدان، فحصل العقد لي، فبعته بمئة ألف دينار، وهذا المال الذي ترونه معي من بقايا ذلك المال وتوفي القاضي أبي بكر محمد عن عمر يناهز التسعين عاما فتوفاة الله سنة 535 هجرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة