«أوشريا.. ساع أوي».. أضرب.. الساعة 2

كيف استخدم الجيش المصري اللهجة النوبية لتضليل العدو الإسرائيلي وتحقيق نصر أكتوبر العظيم؟

السبت، 26 مايو 2018 03:00 م
كيف استخدم الجيش المصري اللهجة النوبية لتضليل العدو الإسرائيلي وتحقيق نصر أكتوبر العظيم؟
رضا عوض

 
«أوشريا».. «ساع آوي».. كلمات نوبية كانت مفتاح بدء حرب أكتوبر العظيم عام 1973، حيث جري استخدام اللهجة النوبية في الحرب كلغة إشارة، بعد أن قرر الرئيس محمد أنور السادات استخدامها لتضليل العدو الإسرائيلي، وهي الفكرة التي قدمها الرقيب النوبي بالجيش المصري أحمد إدريس أحد أبناء قرية توماس وعافية، حيث جري الاستعانة بعدد من العساكر النوبيون ووضعهم علي سلاح الإشارة مع عمل محطات جديدة لهم لتلقي وإرسال التعليمات باللهجة النوبية، وهو الأمر الذي حير العدو طوال أيام الحرب، بعد أن فشلوا في  فك الشفرة النوبية التي كانت احد إسرار نصر أكتوبر العظيم.

 روي «أحمد محمد إدريس»، الذي تلقي تعليمه في الأزهر الشريف حتي حصل علي شهادته، قصة هذه الشفرة التي جاءت مصادفة بعد أن التحق بالقوات المسلحة في سلاح حرس الحدود منذ عام 1954، حيث ظل في هذا السلاح لأكثر من 40 عام، وشارك في حرب أكتوبر المجيدة في 1973.

وقال « إدريس» فى تصريحات له، أنه أثناء فترات الإعداد لمعركة أكتوبر، كانت لدينا مشكلة في القوات المسلحة وهي أن إسرائيل كانت تستطيع فك كل الشفرات التي يتم استخدامها وهي المشكلة التي أتعبت الرئيس السادات، حيث طلب من قادة الجيوش البحث عن وسيلة لإنهاء هذه المشكلة، وقتها كنت في السيارة مع قائد اللواء ومع رئيس الأركان، حيث كانا يتحدثان عن هذه الأزمة وضرورة البحث عن حل لاستخدام شفرة لا يمكن لإسرائيل الوصول إليها، هنا تدخلت وطلبت الإذن بالحديث، وأخبرت قادتي بان الأمر سهل وبسيط وهي أن يتم استخدام اللهجة النوبية كشفرة بين الجنود، وأخبرتهم بأنها لهجة تنطق ولا تكتب وليس لها حروف، حيث يتم تلقي الأوامر باللغة النوبية ويتم كتابتها باللغة العربية، وعلي الفور تم إبلاغ الرئيس السادات بالواقعة، وعندما سال عن صاحب الفكرة اخبروه بان شاويش نوبي بحرس الحدود هو من ابلغنا بهذه الفكرة، فاخبرهما السادات بأن يظل الأمر في طي الكتمان، وطلب منهما أن يأتيا بي إليه في اليوم التالي وقد تم وضع "الكلبش الحديد في يدي" للتمويه حتي لا يشك أحد في سبب اصطحابي إلي رئاسة الجمهورية، حيث سيظهر وقتها أمام الناس بانني متهم في قضية ما.

وبالفعل جاء في اليوم التالي قائد اللواء ورئيس الأركان ومعهما نقيب وشاويش وتم القبض علي «إدريس» ووضع الحديد في يده، حيث تم نقله إلي مقر الرئاسة ، حيث جري اللقاء بين إدريس وبين الرئيس السادات، وطلب معرفة تفاصيل عن اللهجة النوبية، فاخبرته أنها لهجة تخص أهل النوبة وتنقسم إلى قسمين بين أهلها وهم "لهجة نوبة الكنوز"، و"لهجة نوبة الفديكا"، ويعود أصل "الكنزية" إلى اللهجة "الدنقلاوية" نسبة إلى دنقلة في السودان، بينما يعود أصل "الفديكا" إلى اللهجة "المحسية"، التي كان يتحدث بها سكان شمال السودان، وأخبرته أن الإرسال والاستقبال باللهجة النوبية ، ووافق السادات علي هذه الفكرة بعد أن طلب منه إدريس تبديل كل الإفراد الموجودين علي  سلاح الإشارة بإفراد نوبيون ممن تربوا في النوبة القديمة، وهنا طلب منه السادات ألا يخبر أحد لأنه سر لا يعرفه إلا 5 أفراد في القوات المسلحة.

وبعد عدة أيام تم استدعاء «إدريس» مرة أخري ليجد أكثر من 300 عسكري نوبي تم تجميعهم في صحراء سيناء، حيث تم عمل معسكرات لهم للحصول علي عدد المركبات التي تخص العدو، كما أمر السادات بعمل محطات جديدة تخص العساكر النوبيين وطلب أن يطلق عليها أسماء نوبية ، حيث تم وضع عسكري نوبي مع كل ضابط علي سلاح الإشارة يصاحب رئيس العمليات وقائد اللواء ومع الكتائب والفصائل، حيث ظل الجنود النوبيين علي سلاح الإشارة حتي تم الهجوم، حيث كانت كلمة "أوشريا" هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها " اضرب"، وكلمة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية"، وبتلقي كافة الوحدات كلمة "أوشريا" وكلمة "ساع آوي" بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع كل في تخصصه يقهرون المستحيل ويحققون الانتصار الذي تحتفل مصر والعرب بالذكري الـ43 اليوم.

5d67c7a3-cf25-415f-8f4b-86d50f212c81
 
أحمد إدريس

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة