«من دفاتر المحاكم».. أشهر قضية «سب الدين» في تاريخ القضاء المصري

الإثنين، 28 مايو 2018 09:00 م
«من دفاتر المحاكم».. أشهر قضية «سب الدين» في تاريخ القضاء المصري
دار القضاء العالى
علاء رضوان

عادة ما تُذكر الوقائع والمواضيع الدينية والأكثر روحانية خلال شهر رمضان من باب الرقائق والتلطيف والفكاهة فى المجتمعات العربية والإسلامية، وضمن هذه الوقائع ما تشهده  المحاكم المصرية من خلال أغرب القضايا التى من الممكن أن يكتب عنها كتب ومؤلفات طوال.

أغرب القضايا فى المحاكم المصرية تظل عالقة فى الذاكرة الجمعية وأرشيف المحاكم، لما تشكله من نقطة هامة تفسر وتكشف: كيف كان يفكر المصريون؟ وكيف أصبحوا الآن؟

ومن بين هذه القضايا، القضية الشهيرة التي ترافع فيها القيادي الوفدي القبطي المعروف مكرم باشا عبيد، للدفاع فيها عن مواطن مصري مسلم، اتهم بسب الدين لجاره المسيحي بحسن نية، وهي الواقعة التي حكى تفاصيلها الكاتب فؤاد اسكندر في مقال له بأحد الجرائد الخاصة والحزبية في مايو 2011.

وكان عبيد يعمل بجانب مهامه السياسية في المحاماة، وكانت أغلب القضايا التي يترافع فيها تلك التي تخص المتهمين بتهم سياسية، واشتهرت العديد من مرافعاته التاريخية وكان الناس في ذلك الوقت يرددون بعض الجمل التي حفظوها من مرافعاته، ونتيجة نبوغه في المحاماة بالإضافة إلى دوره الوطني، اختير نقيبا للمحامين ثلاث مرات، كما كان هو من ترافع عن الكاتب الكبير عباس العقاد حين اتهم بسب الذات الملكية.

«اسكندر» يقول  إنه وقعت مشاجرة في أحد قرى مصر بين شابين، أحدهما مسلم والآخر مسيحي، وقام المسلم بـ«سب الدين» للمسيحي بحسن نية، فما كان من المسيحي إلا أن رفع دعوى قضائية ضد جاره، وكانت جرائم «سب الدين» تحال إلى محكمة الجنايات في ذلك الوقت.

ويضيف «إسكندر» أن أهل الشاب المسلم سارعوا وتوجهوا إلى القيادي الوفدي الكبير المحامي مكرم عبيد، وطلبوا منه أن يدافع عن ابنهم، وكلهم أمل في أن يساعدهم في إنقاذه من السجن، خاصة وأن الشاب المسيحي أحضر شهودا على الواقعة كان من بينهم مسلمين.

وبالفعل واقف «مكرم عبيد» على تولي القضية، وفي جلسة المحكمة، وقف القيادي الوفدي يخاطب القاضي مؤكدا أن الشاب المسلم لم يتعلم في المدارس، وأن كل ما حصل عليه هو ما تلقاه في كتاب القرية من حفظه للقرآن الكريم والأحاديث النبوية وبعض العمليات الحسابية البسيطة، فوقف مكرم عبيد يقول: « إنني أطالب المحكمة بأن تسقط الدعوي علي موكلي المسلم لأنها خرجت عن طور التقاضي بالدستور الذي يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية الغراء مصدر التشريع المصرى».

وبين مكرم عبيد للقاضي، أن الأطفال في ريف مصر يتعلمون في الكتاتيب أن «الدين عند الله الإسلام»، ومن ثم فإن الشاب المسلم لم يقصد «سب الدين» لأنه لا يرى دينا آخرا غير الإسلام، وبالتالي انتهت الجريمة من وجهة نظر الدفاع، و لهذا لا يوجد دين مقدس آخر تمت اهانته فالدين واحد وهو الإسلام وما دونه كفر.

وتابع أن القول بأن سب الدين لقبطي جريمة، هو قول يخالف الأصل التشريعي الذي تسير عليه القوانين في مصر من أن الدين المقصود هو الإسلام، لأنه هو الدين الوحيد الذي يعتبره الإسلام دينا.

وهنا نظر رئيس المحكمة إلى مكرم باشا عبيد وقال له: «وهل تؤمن أنت بما تقول؟»، فجاء رد مكرم عبيد بكل هدوء: «يا سيادة المستشار أنا أقول ما تؤمن أنت به (لكم دينكم.. ولي ديني)»، فضجت المحكمة بالضحك من رد مكرم عبيد، فأصدر القاضي حكمه بالبراءة.

يذكر أن قانون العقوبات المصري الحالي، يعاقب على «سب الدين» أو ازدراء الأديان السماوية وتحقيرها بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 5 سنوات أو بغرامة مالية لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز 1000 جنيه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق