الإصلاح الإداري للدولة

الثلاثاء، 29 مايو 2018 02:21 م
الإصلاح الإداري للدولة
جمال رشدي يكتب:

الإصلاح الإداري سمة من السمات الأساسية التي يتصف بها علم الإدارة وتطبيقاته المختلفة، في كافة ميادين الحياة وهي الديناميكية والحركية وسرعة الاستجابة للتطور والتقدم العلمي، وما يتماشى مع التغييرات الحاصلة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ولذلك كانت ولا تزال تظهر إتجاهات جديدة في مختلف دول العالم وخاصة المتقدمة منها، لتؤكد ضرورة تحديث الأنظمة والهياكل الإدارية وأساليبها وأدوات وتقنيات عملها، وذلك من اجل رفع وتحسين مستوى كفاءة الأجهزة العامة.

 ومن الزاوية التاريخية فإن مسألة الإصلاح الإداري في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، ليست وليدة النصف الثاني من القرن العشرين، بل تعود في جذورها إلى الزمن القديم، لكننا لسنا بصدد تسليط الضوء هنا على التطور التاريخي لحركة الإصلاح الإداري عالميا، لكنه من المفيد الإشارة هنا إلى أن توماس جيفرسون أحد مؤسسي الولايات المتحدة الأوائل، اقترح تغير الدولة للهياكل الحكومية كل عشرين سنة تقريباً، وتوالت هناك البرامج الخاصة بالإصلاح منذ عام 1828 عندما تولى أندرو جاكسون الحكم الذي طبق مبدأ  "دع الشعب يحكم " وتبعه أبراهام لنكولن الذي وسع من دور الدولة وزاد من نشاطها، وإعداد موظيفها مروراً بتيودور روزفلت واندور ويلسون ورونالد ريغان ثم بيل كلينتون الذي وضع رؤية جديدة لتغيير أمريكا،عن طريق الأهتمام بالناس أولا كأساس لهذا التغيير عبر التحول من بيروقراطية التسلسل القيادي إلى حكومة تتسم بروح منظمي الأعمال.

لكن ظهرب عيوب أساسية عبر تلك المراحل في أداء بعض الحكومات تمثلت في اتساع حجم الخدمات الحكومية، والخدمات التي تقدمها الحكومة عادة تتسم ببيروقراطية شديدة وتضخم حجم الحكومة من حيث عدد موظفها وميزانيتها ،الأمر الذي يجعل مساءلتها عملية صعبة ويوصل بعض القيادات الحكومية لحالة إفلاس عملي وفكري بصورة عامة. وفي النهاية يؤدي شعور الرأي العام لقلق شديد.

 

ولذلك بدأ يظهر مصطلح الإصلاح الإداري بمفهومه الحديث في أواخر الستينيات من القرن العشرين عندما قام علماء الإدارة بالدعوة إلى إعادة تنظيم النظم الإدارية لتواكب التغيير وتتمشى مع البرامج الإنمائية القومية وقد ساعد على تقبل هذا الفكر الجديد إن النظم الإدارية القديمة فشلت في تنفيذ البرامج التي تعمل على تحقيق التنمية والتقدم .

 

وفي الثمانينات دعا علماء الإدارة الحكومات لتطبيق الفكر الجديد في أجهزتها الإدارية لأنه يعتمد على التغيير والتطوير المنظم لأداء الجهاز الإداري. وفي هذا السياق لابد للحكومات أن تنطلق من المبادئ التالية، وهى أن الحكومة ليست شراً لا بد منه كما يظن الكثيرون، فهي ضرورية وأساسية ومهمة لكل المجتمعات المتحضرة، وأن العاملين في الحكومة ليسوا هم أساس المشكلة في تراجع الإنتاج والخدمات ولكن النظام الإداري هو السبب والدليل أن كثيرين ممن يفشلون في عملهم في الإدارات الحكومية وينجحون في العمل بالقطاع الخاص أو الأهلي، وأن حكومات عصر الصناعة بمركزيتها وبيروقراطيتها والتي تعمل بطريقة متشابهة، لا ترقى إلى مستوى التحديات والمتغيرات السريعة التي تواكب عصر المعلومات، والمشكلة التي تواجهها الحكومة ليست بسبب الفكر الليبرالي التقليدي ولا الفكر المحافظ التقليدي وهى ليست متعلقة بالانفاق أكثر أو تقليل الإنفاق، علينا أن نجعل الحكومات فعالة مرة أخرى وذلك بتجديدها، وأن نجاح أي حكومة في مسعاها للتطور لا يأتي إلا من خلال هدفها الأسمى الذي تؤمن به تماماً والمتمثل بالعدالة وتكافؤ الفرص. ومما يتم استنتاجه لأهم الأفكار التي تشكل السمات والخصائص إن الحكومة المجددة هي الحكومة الشركة، المجتمع، حكومة منافسة، حكومة ذات رسالة، إدارة حكومية بالنتائج، حكومة يسيرها عملاؤها، علما بان حكومة الأعمال تكسب أكثر مما تنفق حكومة غير مركزية وبعيدة النظر، أو حكومة مسيرة بعوامل السوق. وإذا ما عدنا لأهم الخصائص التي يتصف بها الإصلاح الإداري وفقا للأدبيات والتطبيقات الإدارية في العالم الليبرالي نجدها تتحدد في

إن يتم وضع وتنفيذ برامج الإصلاح بصورة تدريجية وقد تكون بطيئة أحياناً وغير فجائية ذلك في ضوء دراسات واستشارات فنية وإدارية تقوم بها لجان من الخبراء في ضوء سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية وكثيرا ما يكون محور الإصلاح منصباً على أحد عناصر النظام الإداري لان عملية الإصلاح عادة ما تبدأ من النظام الإداري نفسه وتنتهي بالجهاز الإداري وأن كان هو هدف الإصلاح، فإنه هو ذاته أداة هذا الإصلاح ووسيلة تنفيذه أيضاً

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق