أساطير كأس العالم.. جوزيبى مياتزا: بائع الخضر الذي قهر وحوش السامبا

الخميس، 31 مايو 2018 09:22 ص
أساطير كأس العالم.. جوزيبى مياتزا: بائع الخضر الذي قهر وحوش السامبا
جوزيبى مياتزا
شريف إبراهيم

«كأس العالم هو طريق مهم للغاية لقياس اللاعبين الجيدين واللاعبين الكبار، إنه الاختبار الحقيقي لظهور لاعب عظيم».. بتلك الكلمات الملهمة اختتم أيقونة كرة القدم الذهبية والمهاجم البرازيلي الأسطوري «بيليه»، حواره مع جلين مور، المحرر الرياضي لصحيفة الإندبندنت البريطانية في العام 2006.
 
وكشف «بيليه»، خلال حواره، أسباب كون بطولة كأس العالم هي المقياس الحقيقي لأفضل لاعبي كرة القدم، وكيفية تعامل اللاعب مع الضغوط ليصبح بعدها الأكثر احترامًا على هذا الكوكب، لا توجد كلمات كافية يمكن أن تصف بطولة كأس العالم، التي تعتبر حتى الآن أكبر منافسة رياضية في العالم والتي تنجح في توحيد الشعوب من جميع مناحي الحياة كل أربع سنوات.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.06 AM
 
وعلى الرغم من أن تلك البطولة تمثل مهمة شاقة، إلا أن بعض اللاعبين الكبار تمكنوا خلالها من صناعة المجد وملامسة النجوم، عادة ما يجذب اللاعبون الجيدون انتباه الملايين من عشاق الساحرة المستديرة حول العالم، أما اللاعبين الكبار يأسرونهم تمامًا، وقد نجح إيدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، المعروف بـ«بيليه» في أن يكون أبرز اللاعبين تحقيقا للنجاح في جميع مباريات كأس العالم الأربعة التي لعبها، ليضع نفسه على رأس قائمة أفضل من أنجبتهم ملاعب كرة القدم على الإطلاق.
 
وعلى خطى «بيليه»، وفي درب أساطير اللعبة ظهرت أسماء رنانة كانت ولاتزال محفورة بأحرف من نور داخل أذهان الجماهير على مر السنين 
خلال القرن الماضي، شهدنا العديد من اللاعبين الجيدين يحققون العظمة في كرة القدم، لكن يبقى السؤال المحوري هنا، ما الذي يحدد عظمة اللاعب في كرة القدم؟.. هل الأرقام؟.. الجوائز؟.. أم مجرد الهتاف باسمه من قبل الآلاف في الملاعب والملايين حول العالم؟.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.28.56 AM
 
كل اللاعبون ينتظرون أربع سنوات لوضع بصماتهم في كأس العالم، يفشل البعض في القيام بذلك، وبعضهم لا يتأهل حتى، ولكن بالنسبة لأولئك الذين فعلوا ذلك، فإنهم أذهلوا الجماهير في كل مكان، فكأس العالم هي بطولة يتابعها المليارات، حتى غير المتابعين لكرة القدم.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.28.57 AM
 
لكن بعض من أساطير تلك اللعبة ممن قدموا عروضاً لا تُنسى، أصبحوا مجرد هوامش في كتب التاريخ ومواضيع كأس العالم، لذلك خلال الفترة الجارية والتي تسبق نهائيات كأس العالم 2018، قررنا في «صوت الأمة»، أن نسلط الضوء على أفضل لاعبي العالم الذين يستحقون الأضواء بسبب أدائهم الرائع في كأس العالم- سواء من الثلاثينيات أو القرن الحادي والعشرين.
 
ونقدم لكم تقريراً يومياً عن كل لاعب أسطوري من التاريخ الذهبي لكأس العالم، وتتضمن القائمة لاعبين من الماضي والحاضر. منذ أيام الاستماع إلى مآثرهم عبر الراديو، مرورا بمن تم مشاهدتهم على التلفزيون الأبيض والأسود، إلى من نراهم الآن على الـ smart tv.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.28.58 AM

قائد كتيبة الأزوري وأول من أطلق عليه لقب «الأسطورة»
مهما مرت السنوات سيظل أحد أفضل لاعبي إيطاليا في كل العصور، ولما لا وقد كان قائد كتيبة الأزوري الفائزة بكأس العالم في ثلاثينيات القرن العشرين، وهو أيضاً أول من أطلق عليه لقب «الأسطورة»، كما اختير من قبل الفيفا ضمن أفضل 25 لاعبا في القرن العشرين، ولا ينسى الجميع هدفه الذي أقصى البرازيل في نهائي كاس العالم بعدما تلاعب بمدافعي السامبا بطريقة مهينة ليسكن الكرة بعدها داخل مرمى حارس البرازيل العملاق والتر، ويحمل الكأس الذهبية الأولى لإيطاليا في 1934 وأتبعها مره أخرى عام 1938 ليحرز كأس العالم مرتين متتاليتين.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.02 AM
 
وقد كان مياتزا لاعب ارتكاز ووسط مهاجم ماهر للغاية، أظهر نجاحات كبيرة سواء في الشق الأمامي أو الخلفي إلى جانب غزارته التهديفية الكبيرة، فهو يدخل ضمن قائمة حاملي الرقم القياسي كأكثر اللاعبين تسجيلاً للأهداف في الدوري الإيطالي، مسجلاً 243 هدفا من 361 مباراة لعبها، كما يعد أكثر لاعب تسجيلاً للهاتريك في تاريخ الدوري الإيطالي أيضاً، حتى أنه لعب لقطبي إيطاليا العظام الإنتر والإي سي ميلان، ووضع لنفسه مكانة كبيرة وحب جارف داخل مدينة ميلان الشهيرة، وبعد وفاته تم تغيير اسم ملعب سان سيرو الذى لعب فيه الفريقان ليحمل اسمه تكريما لذكراه. 
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.03 AM

طفولة بائسة والمعجبين يتكفلون بشراء أحذيته
ولد جوزيبي مياتزا في مدينة ميلانو يوم (23 أغسطس 1910)، وعاش طفولة بائسة بعد رحيل والده خلال الحرب العالمية الأولى. واضطراره العمل صغيراً جنبا إلى جنب مع والدته في سوق الخضار للمساعدة في توفير احتياجات الأسرة، ولكن طموحه في أن يصبح لاعب كرة قدم هو ما زاد من نضاله مع الحياة طوال تلك الفترة العثرة.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.04 AM
 
وعلى الرغم من أن والدته حاولت منعه من لعب الكرة في البداية، لكن عندما بلغ الـ 12 عاما، سمحت له بالانضمام إلى فريق جلوريا، لكن بسبب الظروف المادية الصعبة وفقر عائلته، لم يكن باستطاعة جوزيبي متابعة حياته الكروية باستقرار حتى أنه لم يستطع توفير ثمن شراء أحذية كرة القدم.
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.05 AM
 
لكن موهبته المبكرة جعلت معجبيه يتكفلون بهذا الأمر، وعلى الرغم من أنه تم رفضه في بداية مشواره مع كرة القدم من قبل إي سي ميلان لكنه جذب انتباه كشافين إنتر ناسيونالي حينما شاهدوه، وهو يهود الكرة خلال لعبه مع زملائه في الشارع، وأتوا به سريعاً للنادي، ليبدأ فجر تحقيق حلم الأسطورة في البزوغ.

اقتل الكرة قبل أن تذهب له بعد منتصف الملعب
لم يمتلك مياتزا بنيانا قويا بل كان جسده نحيلا للغاية، وقد حاول مسؤولي قطاع الناشئين في الإنترميلان إعداده بدنيا بقوة لكن ثمار تلك المحاولات أتت متأخرة أو في ومرحلة أخرى من حياته. لكن على الجانب الأخر تطورت قدراته على المراوغة وضربات الرأس بطريقة غير عادية.
 
 
وقد كان أمراً مذهلاً بالنسبة للاعب طول قامته لم يتجاوز الـ 1.69 سم أن يستطيع إحراز كل تلك الأهداف بضربات الرأس، مياتزا كان له طريقة شهيرة في المراوغة وإحراز الأهداف، فحينما كان يستلم الكرة أمام خط نصف الملعب المواجه للخصم، يبدأ بتشغيل خاصيته الاستثنائية في المراوغة متوجها صوب مرمى المنافس بخط طولي متجاوزا الجميع لا يستطيع أحداً إيقافه حتى يودع الكرة في الشباك، لذلك كانت التحذيرات منه تقول «إذا رأيت مياتزا اقتل الكرة قبل أن تذهب له بعد منتصف الملعب».

مثير للجدل.. شرب وتدخين وعلاقات النسائية vs ثبات الأداء 
تم تصعيد مياتزا ليلعب بالفريق الأول للإنتر في موسم 1927-1928، عن عمر يناهز 18 عامًا، وسجل في موسمه الثاني 33 هدفًا في 29 مباراة فقط في الدوري، وقيل عنه من قبل أحد كبار مشجعي الفريق: «لم يكن يتصور أحد أن يكون لهذا الشاب الصغير اسما يردده العالم حتى الآن، حتى عندما بدأ تألقه وهو في السن الـ 18 شكك الكثيرون في أن يكمل بنفس هذا المستوى، ولكنه أذهل الجميع بتقدم وتطور مستواه فكسر كل الأرقام إنه حقا أسطورة لم ولن تتكرر».
 
 
وفي هذه المرحلة من مسيرته، كان يتم اختيار مياتزا عادة في مركز متقدم إلى الأمام، قبل أن يتراجع إلى العمق والجانب الأيمن في النصف الثاني من مسيرته، ولقد كان أسلوب حياته في كثير من الأحيان مثيرا للجدل، مع سمعة سيئة بكثرة الشرب والتدخين العلاقات النسائية، فضلا عن كونه يتأخر بانتظام عن التدريب أو حضوره في اللحظات الأخيرة قبل بدء المباريات.
 
ومن أبرز مواقفه إثارة للجدل أنه في عام 1937 كان الإنتر على موعد مع مباراة صعبة ضد خصمه اليوفي، ومع تبقى ساعة واحدة فقط لانطلاق المباراة، إلا أن جوزيبى لم يكن حاضرا مع الفريق، ليُرسل الانتر أحد العاملين في النادى لإحضاره من بيته، ولكنه وجده نائماّ، فقام بإيقاظه وأخذه للملعب، ليًفاجي جوزيبى مياتزا الجميع ويُسجل هدفي الإنتر لينتصر الإنتر باللقاء 2-1 ويمضي بعدها الفريق لحصد لقب الدوري، ورغم ذلك وهي من المفارقات الغريبة أن حياته الخاصة لم تؤثر تماما على أدائه في أرض الملعب.

اللاعب السوبر لمنتخب 1934
انفجرت موهبة مياتزا الكروية خلال الموسم الأول من الدوري الإيطالي الدرجة الأولى «سيريا أي» بشكله الجديد حينها في (1929-1930) قبل الحالي. وقد تم تغيير اسم فريق الإنتر ميلان في ذلك الوقت إلى «امبروسيانا» بعد الاندماج القسري مع فريق ميلانيزي لظروف سياسية.
 
 
وحصد حينها الانتر اللقب بفارق نقطتين على جنوة، وقد كان مياتزا نجم الفريق، حيث لعب في جميع مباريات الدوري باستثناء واحدة منها وسجل 31 هدفاً، أي أكثر من أي لاعب آخر في الدوري، وخلال هذا الموسم تم استدعائه للمنتخب الوطني لأول مرة، وسجل هدفين في أول مشاركة له مع سويسرا في روما.
 
في مايو 1930، سجل ثلاثة أهداف ليقود إيطاليا للفوز على المجر 5-0 في مباراة انتزعت لايطاليا كأس أوروبا الأوسط الدولي الافتتاحي، وكجزء من استعدادات المنتخب الوطني لاستضافة كأس العالم في عام 1934، قام المدرب الوطني فيتوريو بوزو ابتحويل مركز مياتزا إلى جهة اليمين.
 
وقد أثبت حينها أنه اللاعب السوبر لمنتخب 1934، ولعب جوزيبي مياتزا مع منتخب إيطاليا، وحقق معهم لقبي لكأس العالم في عامي (1934 و1938). وكان مياتزا أفضل هداف في تاريخ منتخب إيطاليا، حيث لعب 53 مباراة دولية واستطاع أن يسجل 33 هدف؛ قبل أن يحطم لويجي ريفا رقمه القياسي بتسجيله 35 هدفا في السبعينيات.

قصة عشق لا تنتهي مع الانتر.. تختتم بإطلاق اسمه على استاد «سان سيرو»
انتهت مسيرته الدولية في عام (1939)، ولكن خلال ذلك العام حقق المزيد من النجاح المحلى بعد قيادته الإنتر للفوز على نوفارا (2-1) في نهائي كأس إيطاليا، كما فاز مع انترناسيونالي بلقب الدوري في (1939-1940).
 
ولكن مياتزا غاب تقريبا موسم كامل مع الإصابة وفي خريف عام 1940 اتخذ القرار الصعب بترك النادي لكنه لم يغادر المدينة، وانتقل إلى إي سي ميلان، وقضى عامين هناك. 
 
 
وبعدها انتقل إلى يوفنتوس لموسم واحد، قبل ختام مسيرته الكروية بالعودة إلى إنتر في عام 1947. وبعد تقاعده عمل مياتزا كصحفي ثم مدرب. وقد تولى الادارة الفنية لناديه إنتر ميلان خلال ثلاث دورات مختلفة، وكذلك درب كل من أتالانتا وبرو باتريا. 
 
وفى عام 1949 أصبح أول إيطالي يدرب في الخارج عندما تولى تدريب فريق بشكتاش التركى، وتوفى جمياتزا فى 21 أغسطس 1979، قبل يومين من عيد ميلاده الـ 69، بعد أن أمضى سنوات حياته الاخيرة وحيداً، لكنه لم يتم نسيانه من قبل فريقه الانتر ميلان، حيث تم الاعلان عن تغيير اسم ستاد سان سيرو إلى ستاد جوزيبى مياتزا في (3 مارس 1980)، لتطوى أخيراً قصة العشق الطويلة بين الأسطورة جوزيبي مياتزا ومدينته المعشوقة «ميلان» التي بدأت من (23 أغسطس 1910) حتى وفاته يوم (21 أغسطس 1979).
 
WhatsApp Image 2018-05-31 at 2.29.06 AM (1)

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق