جفاف العراق.. كيف كتبت تركيا وإيران نهاية نهر دجلة؟

الإثنين، 04 يونيو 2018 10:00 ص
جفاف العراق.. كيف كتبت تركيا وإيران نهاية نهر دجلة؟
نهر دجلة
محمد الشرقاوي

15 عامًا عاشها «العراق» يصارع من أجل البقاء، تارة يجابه الاحتلال الأمريكي في 2003، وأخرى خاض حربا ضد التنظيمات الإرهابية بدأ ظهورها في 2006 بتنظيم القاعدة لبلاد الرافدين أسسه أبو مصعب الزرقاوي.

 

ويلات حرب لم تنتهي، زادت حدتها مع موجات الإرهاب المتتالية، فعاصرت الجيل الثاني من الإرهاب المتمثل في «تنظيم الدولة» والذي أسسه أبو عمر البغدادي، ثم الموجة الثالثة «داعش» والذي أسسه أبو بكر البغدادي.  

 

نجحت الدولة العراقية على مدار الأعوام الماضية في هزيمة «الموت»، لكن اختارت أطراف إقليمية أن تتسبب هي بـ«الموت البطيء» لبغداد وأهلها.

 

بعيدا عن الأزمات الأمنية، تواجه الدولة العراقية الآن أزمة المياه، وذلك بعد بدء تشغيل تركيا لسد «إليسو» على نهر دجلة داخل أراضيها، وهو ما أقر به وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي.


العراق جاف.. بسبب من؟
 

تقول صحيفة الشرق الأوسط: «بينما لم تظهر بعد الآثار الحقيقية لتشغيل السد فقد تحول نهر دجلة الذي يشطر العاصمة بغداد إلى جانبين، إلى شبه ساقية، يمكن عبوره من قبل المارة من كلا جانبيه، بينما كان منسوب مياهه حتى قبل أيام قلائل مرتفعا وتمر به السفن والقوارب».

 

صور عدة نشرتها وكالات إخبارية أكدت تفاقم الأزمة، وهو ما تزامن مع دعوة رئيس البرلمان العراقي الدكتور سليم الجبوري، إلى عقد جلسة استثنائية، الأحد، بحضور وزراء الموارد المائية حسن الجنابي، والخارجية إبراهيم الجعفري، والزراعة فلاح الزيدان، لمناقشة التداعيات.

نهر دجلة 2
 

النائب رعد الدهلكي، في تصريحات نقلتها وكالة «السومرية نيوز» العراقية، طالب بتدويل الأزمة، محملا دول الجوار مسئولية الكارثة الإنسانية التي ستتعرض لها بلاده إثر جفاف نهر دجلة وراوفده، جراء سد «إليسو»، الذي أقامته تركيا على النهر وآخر أنشأته إيران على نهر «الزاب» - أحد روافد دجلة.

 

وينبع «نهر دجلة» من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا، ويمر في سوريا بمسافة 50 كيلومتراً، في ضواحي مدينة القامشلي، بعدها يدخل العراق عند بلدة «فيشخابور»، وللنهر روافد تنبع من أراضي تركيا وإيران وكذلك في العراق وأهمها «الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، ونهر ديالى».


باحث عراقي لصوت الأمة: تركيا قلصت دخول مياه الفرات ودجلة إلى العراق وسوريا منذ سنوات
 

تقارير وتصريحات عدة، اتهمت دولتي تركيا وإيران، بالتسبب في الأزمة، الباحث العراقي الدكتور غسان حمدان، الخبير بشؤون المنطقة يفند لصوت الأمة تفاصيل وأبعاد الأزمة.

يقول الخبير الدولي، حول أبعاد الأزمة وتأثيرها على الداخل العراقي، إن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ سنوات، بالتزامن مع الحرب الأمريكية العراقية من أجل تحرير الكويت، حيث قصفت الطائرات الأمريكية البنى التحتية العراقية ومصافي النفط والمعامل ومحطات الطاقة من ضمنها الكهرباء والماء.

الدكتور غسان حمدان
 

مع الاستقرار النسبي للعراق، خاصة بعد سقوط النظام البعثي لصدام حسين لم يتمكن المسؤولون الجدد من حل أي مشكلة من مشاكل النظام السابق، بحسب «حمدان»: «أي إنهم منذ 15 عاماً ولم يفعلوا أي شيء حتى الآن، فالكهرباء والماء يجري توزيعهما بالتقنين وبجودة سيئة أيضاً».

التورط التركي في أزمة المياه بات مؤكد، يضيف: «تركيا قلصت دخول مياه الفرات ودجلة إلى العراق وسوريا منذ سنوات، وذلك كان أثناء الحصار على العراق بعد حرب الخليج الثانية، وقتها صار لأنقرة بعض النفوذ في المنطقة، وراجت إشاعات بوقتها تفيد بأن تركيا طالبت بالنفط في مقابل الماء».نهر دجلة 3
 

سد أليسو التركي

السد التركي ستكون له تداعيات على الداخل العراقي، يوضح أن سد «أليسو» الجديد سيكون له تأثير على الزراعة والثروات السمكية والأهم مياه الشرب الذي ستقل حصة الفرد، وكذلك ستختفي بلدان بأكملها منها «الأهوار» في الجنوب العراقي، والتي يعيش فيها عدد كبير من الفلاحين ومربي الماشية وينتجون الألبان، وتصبح المنطقة من التاريخ.

خريطة لسد أليسو التركي
 

الخسائر العراقية لن تتوقف عند هذا الحد، يتابع أنه من المتوقع أن يخسر العراق أكثر من نصف واردات نهر دجلة، وبالتالي خسارة 40 % من الأراضي الزراعية الجيدة أي حوالي 696 ألف هكتار - وحدة المساحة الدولية هي الهكتار و يساوي 10000 متر مربع يعنى اقل من 2.5 فدان، والفدان الواحد يساوي 0.004 الكيلو متر²-  حسب الإحصاءات، فضلاً عن تأثيره المباشر على عمل سد «الموصل» وسد «سامراء».

سد الموصل 2
 

 

تركيا ليست وحدها، إيران أيضًا متورطة، فمنذ سنوات قليلة بدأت طهران في قطع مياه الأنهار الحدودية، وتغير مسارها إلى داخل الأراضي الإيرانية، وبدلاً عن ذلك تساعد على «تبوير» الأراضي الخصبة.

 

أكبر تحديات الحكومة الجديدة
 

تنتظر الدولة العراقية خلال أيام تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات نيابية تمخضت عن فوز تيار مقتدى الصدر، وبالتالي ستكون «أزمة المياه» أول العقبات في طريقها، تطرق الباحث إلى جهود سابقة للحكومات العراقية لتفادي الأزمة.

وتدخل زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر، لإنهاء الأزمة في ظل تفاقمها، وأمهل الحكومة بضعة أيام لإنهاء أزمتى الماء والكهرباء، وقال فى تغريدة له على «تويتر»: «أنا على يقين أن قطع الماء والكهرباء عن الشعب لن يركعهم، شعب العراق آبى لن يثنى وسيبقى مرفوع الرأس شامخا، نعطى الحكومة فرصة بضعة أيام للنظر فى مسألة الماء والكهرباء، وإلا فافسحوا المجال لنا للعمل من أجل إرجاع حقوقنا».

 

مقتدى الصدر
 

يتابع الباحث: «لقد كتبت الحكومة العراقية في عام 2006 دراسة موسعة عن مخاطر السد ومخالفات الحكومة التركية في هذا الجانب ، كما أكدت لبعثة تقصي الحقائق المدنية لإنقاذ نهر دجلة التركية – آن ذاك - ولرئيسها نيكولاس هايلديارد رفضها القاطع لبناء السد، إلا أنها لم تفلح في مساعيها.

 

 

الحكومة الجديدة لن تفلح، في فعل أو تنفيذ أي مشروع جديد أو قديم متروك لحل الأزمة، فهي ليس لديها أي مخطط تجاه الأمر. وفق مراكز دولية فإن تعطيل تشكيل الحكومة سيؤدي بالبلاد إلى كوارث عدة علاوة على أزمة المياه.


محمود جابر لـ«صوت الأمة»: تعطيل الحكومة يفاقم الأزمة ويهدد بحرب أهلية
 

محمود جابر الباحث في الشأن الدولي يرى في تصريحات لـ«صوت الأمة»، أن أزمة المياه في العراق ورقة في تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرًا إلى أن هناك تدخلات خارجية من أطراف أمريكية وإيرانية لتعطيل تشكيل الحكومة، وهو ما يتسبب في تفاقم الأزمة بشكل كبير.  

 

يرى جابر أن تعطيل الحكومة العراقية، يسير ببغداد في اتجاه حرب أهلية وفوضى إن لم يحل مسألة تشكيل الحكومة والموائمة بين الرغبة الأمريكية والخشية الإيرانية ورغم صعوبة هذا الأمر ولكنه محتمل.

 

الباحث العراقي غسان حمدان، يرى أن ذلك بعيد الحدوث، معللًا أن حدوث أي أعمال عنف تعارض المصالح الأمريكية التي تريد الاستقرار في العراق، ولهذا الأمر قامت بدعم بغداد عند بروز قضية انفصال كردستان.

نهر دجلة

 

متى ستنتهي الأزمة؟

لم تتمكن الحكومات العراقية المتفاوتة من تقديم أي حلول للأزمة، بحسب «حمدان» قال إن الحكومات العراقية منذ الحرب الكويتية كانت ولا زالت ضعيفة، وفي المقابل زاد نفوذ تركيا في المنطقة.

يتابع: «في فترة النظام البعثي لم يكن هناك تعاطف مع العراق بسبب غزوه للكويت في السابق، وحالياً لا يريد المجتمع الدولي التصادم مع تركيا»، يكمل أنه كان من الممكن أن تجدي الاحتجاجات ومنشورات الفيسبوك «نفعًا» في حال لو كانت تركيا تفكر بإنشاء السد، أو في مراحل بنائه الأولية؛ ولكن بعد إكماله وبكلفة مليار و700 مليون دولار، ماذا ستطلب العراق من الأتراك؟ لا تشغلوا السد ؟ أم ارموا المبالغ الطائلة في البحر؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق