نبذة من حياة «متى المسكين».. رفيق البابا شنودة حوّل دير الإسكندرية إلى دولة

الجمعة، 08 يونيو 2018 09:00 م
نبذة من حياة «متى المسكين».. رفيق البابا شنودة حوّل دير الإسكندرية إلى دولة
يوسف إسكندر متى المسكين
وجدي الكومي

في العام 1919 شهدت مصر ثورة عارمة شارك فيها الأقباط ضد المستعمر الإنجليزي وولد يوسف إسكندر المعروف بمتى المسكين لعائلة غنية بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، وتوفي في الثامن من يونيو عام 2006، وما بين التاريخين، شهدت حياته تغييرات عارمة مرت عليه شخصيا، ومرت على سائر أرجاء مصر.

شهد يوسف إسكندر التحولات التي طرأت على الكنيسة القبطية المصرية في عهدي جمال عبد الناصر، والسادات، كان واحدا من جيل الرهبان الشبان الذين كُتب لهم أن يتولوا قيادة الكنيسة بعد البابا كيرلس السادس، كان زميلا لنظير جيد، الذي سيصبح فيما بعد البابا شنودة الثالث، وجلس فيما بعد على الكرسي البابوي، لكن يوسف إسكندر، أو متى المسكين، آثر أن يظل في الدير، واختر لنفسه بعد رسامته لقب "متى المسكين"، واستقر في دير أبو مقار قرب الإسكندرية، واستطاع تحويل هذا الدير إلى منشأة إنتاجية كبيرة، بما استصلح من أراض حوله، وبما أضاف من معدات إلى الأرض الزراعية، وكانت التبرعات تأتيه من كل مكان في العالم، ولم يعد ديره مجرد مكان للعبادة، ولا مجرد منشأة إنتاجية فحسب، لكنه أصبح أيضا مركز اتصالات واسعة ومؤثرة في شؤون الكنيسة.

متى المسكين

الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل يقول في كتابه "خريف الغضب": هذا الجيل من الرهبان الجدد الذي وجد نفسه قرب القمة في هرم الكنيسة، لم يكن طرفا في صراع مع القديم فقط، إنما دبت الصراعات بين أفراده أيضا نتيجة لاختلاف رؤى كل منهم، وكان البابا كيرلس قد تقدم في السن، ويتصور أنه يستطيع أن يعتمد على جيل الشباب، الذين فتح لهم طريق التقدم إلى أعلى المراتب.

لم يسترح البابا كيرلس السادس لبعض ما بدا له من تصرفات متى المسكين في ديره البعيد "أبو مقار" وغضب عليه، وراح يطلق عليه وصف "متى المسكون" ثم أمره أن يخرج من ديره وأن يهيم على وجهه في الصحراء، وبلغ عدم رضا كيرلس السادس على متى المسكين، أن يتوسط الفاتيكان بينه وبين متى المسكين، ونتيجة لهذه الوساطة عاد متى المسكين إلى ديره، وهو يقول: إن عودتي من الله وليست من أحد.

كما دب الخلاف بين الأنبا شنودة وبين متى المسكين، كان الأول يرى أن الكنيسة مؤسسة شاملة مكلفة بأن تقدم حلولا لكل المشاكل وأجوبة على كل الأسئلة، أما متى المسكين، فكان صاحب رأي أن الدين علاقة بين الله وبين ضمير كل فرد، أي كان مؤمنا بفصل الدين عن السياسة.

حينما توفي البابا كيرلس السادس عام 1971، وبدأت إجراءات انتخاب البابا الجديد، وحسب اللائحة التي كانت سارية في انتخاب المرشح للكرسي الباباوي، فلابد أن يزكيه 6 من أعضاء المجلس المقدس، أو 12 من أعضاء المجلس المللي، وفي عام 1971، كانت نتيجة التزكيات هي ترشي سبعة هم الأساقفة الأنبا أنطونيوس والأنبا باسيليوس، والأنبا شنودة، والأنبا صموئيل والأنبا بولس، ومن الرهبان متى المسكين، والقمص شنودة السيرياني، وحدث أن رفعت قضيا ضد اختيار الأنبا أنطونيوس لمنصب قائمقام، على اعتبار أن المجلس المجلس الملي لم يشترك في انتخاب الأنبا أنطونيوس لمنصب القائمقام، واجتمع مجلس الشعب في أبريل عام 1971، وقرر تعديل اللائحة بأن يحل أعضاء هيئة الأوقاف القبطية ولجنة إدارة الأملاك القبطية مكان المجلس المللي.

متى المسكين
متى المسكين

خشى الأب متى المسكين من عودة الفكر القسطنطيني نسبة إلى الإمبراطور الروماني قسطنطين إذا عجزت الكنيسة عن ضبط الإيمان بالإقناع والمحبة، إذ يرى أن الكنيسة تسأل فقط عن الإيمان، وبالتالي لا ينبغي لها أن تلفت وزيرا أو مسؤولا مسيحيا في تصرفاته الحكومية لأنه ليست تحت سلطانها، وهو ما يفرض عليها أن تدفع المواطن المسيحي نحو المشاركة وإبداء الرأي في كل ما يخص وطنه حسبما يرى عبد الله الطحاوي في كتابه "فتنة طائفية أم شرارة الصراع على الهوية"

خلف متى المسكين أكثر من 180 كتاباً بخلاف ما ينشره من مقالات في مجلات وجرائد دورية (أكثر من 300 مقالة). في عام 1988 بدأ في تأليف شروحاً لبعض أسفار العهد الجديد صدرت في 16 مجلد تتسم بالشرح الأكاديمي والتفسير الروحي واللاهوتي. ويتراوح حجم هذه التفسير ما بين 500 – 800 صفحة. وكان قد سبق أن ألَّف مجلداً ضخماً عن القديس أثناسيوس الرسولي سيرة حياته وجهاده ولاهوته (800 صفحة)، ومجلداً عن الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار (800 صفحة)، ومجلداً عن سر الإفخارستيا) (700 صفحة)، ومجلداً عن حياة القديس بولس الرسول ولاهوته.

بعض هذه الكتب والمقالات تُرجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واليونانية والإسبانية والهولندية والبولندية (بلهجاتها).

وظل متى المسكين حتى وهو على فراش المرض في سن السابعة والثمانين يكتب ويؤلف.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق