هل تحمل المجتمع مسؤوليته تجاه أبنائه؟.. عمال النظافة يكشفون تقصير أصحاب القمامة

الأربعاء، 13 يونيو 2018 11:00 م
هل تحمل المجتمع مسؤوليته تجاه أبنائه؟.. عمال النظافة يكشفون تقصير أصحاب القمامة
عامل نظافه
زينب عبداللاه

بملابس رثة ممزقة ومقشة متهالكة وقطعة كرتون يجمع فيها كل القاذورات التى نتخلص منها ووجه يحمل من البؤس والشقاء ما تعجز الكلمات عن وصفه يواجه عامل النظافة كل ما يلقيه عليه المجتمع من قاذورات وفضلات وهموم وأحزان.

أصبحوا رمزا للفقر والعوز حتى أن الكثيرين يتنكرون فى زيهم بهدف التسول واستجداء الناس، كما أصبحوا رمزا يضرب به المثل عند الحديث عن أدنى طبقة فى المجتمع، والفئات الغير مقبول تواجد أبنائها فى بعض المهن والوظائف، وتجسد هذا المعنى فى تصريحات واضحة من بعض الشخصيات العامة والمسئولين ومنها ما سبق وأكده أحد مستشارى  محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى عندما أكد أنه لن يتم قبول ابن عامل النظافة فى النيابة معللا ذلك بحساسية منصب القاضى ووكيل النيابة، مؤكدا أنه يخشى من أن يتعرض القاضى إلى موقف محرج عندما يسبه أحد المتهمين قائلا: "أنت نسيت نفسك يا بن الزبال".

وفى الأيام الماضية تسابق عدد من المحافظين بمختلف أنحاء مصر لمشاركة عمال النظافة فى محافظته الإفطار أو السحور، والتقط كل منهم صورا معهم نشرتها وسائل الإعلام ليؤكد أهمية دور عمال النظافة في المجتمع، وهو ما فعله اللواء أحمد عبدالله محافظ البحر الأحمر، واللواء محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، والدكتور أحمد الشعراوى محافظ الدقهلية، والدكتور جمال سامى محافظ الفيوم، واللواء أركان حرب أحمد محمد حامد محافظ السويس، واللواء محمد كمال الدالي محافظ الجيزة.

لا شك أنها لفتة طيبة أن يشارك المسئولين عمال النظافة طعامهم ويحرصون على جبر خواطرهم، ولكن التعاطف وحده لا يكفى ويجب أن يتبعه إجراءات تخفف من بؤسهم وتحافظ على أدميتهم، فلا يعقل أن يعرف الجميع حجم ما تعانيه هذه الفئة من مشكلات ومأسى ومخاطر وأمراض وجوع وعوز، وأن نتركهم ونكتفى بأن نلتقط الصور معهم ونحن نشاركهم الطعام لنظهر تعاطفنا معهم.

وبحسب الاحصائيات يقدر عدد عمال النظافة فى مصر بأكثر من 2 مليون عامل نظافة، ويرفعون 90 ألف طن من القمامة يوميا، ويعمل 30% منهم بالقطاع الحكومى تابعون للمحليات وهيئة النظافة والتجميل، و70% بالقطاع الخاص، ولا تتجاوز رواتبهم الألف جنيها، بل تقل رواتب الكثيرين منهم عن هذا المبلغ، وينقسمون إلى عمال جمع مخلفات مساكن وكنس شوارع ورفع مخلفات تجارية وصناعية.

ورغم أن لهذه المهنة  قدسيتها في بعض الدول المتقدمة وشيدت اليابان لعمالها التماثيل، ولقبتهم بنجوم النظافة، إلا أن اللقب الشائع لهم  فى مصر " زبالين" فى تسمية تدل على الطبقية وعلى تفهم دورهم وأهميتهم.

يعملون فى ظروف قاسية ويتعرضون فى كل لحظة لأخطر الأمراض أثناء تعاملهم مع أقذر ما ينتجه المجتمع من مخلفات، بسبب عدم توافر أى أدوات تحميهم، فالكثيرون منهم مصابون بأمراض الكبد والسكر والضغط، وغيرها من الأمراض المستعصية والمزمنة والجلدية.

يعيشون بلا أى غطاء تأمينى وأغلبهم ليس لهم معاش إلا من يعمل فى القطاع الحكومى حيث يحصلون على معاشات ضئيلة لا تسمن ولا تغنى من جوع.

تستغل الشركات الخاصة حاجتهم وتجبرهم على العمل فى ظروف أسوأ، وبأجر يومى ضئيل قد لا يتجاوز 30 جنيه مقابل العمل لمدة 8 ساعات فى منطقة تتجاوز مساحتها 5 كيلومترات، ويضطر أغلبهم للعمل دون أجازات حتى يحصل على هذه اليومية التى تسد ولو نصف جوع أبنائه.

يلفت انتباهك وجود مسنين يعملون بجمع القمامة تتجاوز أعمارهم الستين، حتى لا تتحمل الشركات أى أعباء تأمينية لهم، بل ويحكى بعضهم أن أحدهم توفى اثناء العمل فكان كل هم مسئولى الشركة أن يجردوه من زى الشركة حتى لا تستطيع أسرته اثبات أنه كان يعمل بها ولا تلتزم بدفع أى مستحقات لهم، وإذا أقعد أى منهم المرض لا يجد ما يسد جوعه وما يكفل له العلاج.

هذه الظروف الصعبة والغير أدمية التى يعيشها عمال النظافة لا تخفى على أحد ونراها جميعا واضحة صارخة شاهدة على جرائمنا فى حق هذه الفئة التى إذا غابت غرقنا فى القمامة ويعول عليها جزء كبير من مظهرنا الحضارى، ورغم ذلك نتركهم فى بؤسهم يغرقون.

وإذا كان المحافظون والمسئولون يتعاطفون مع هذه الفئة، فلا يكفى أن يشاركوهم الإفطار والسحور وعليهم أن يشاركوهم الأحزان والهموم وأن يتم اتخاذ إجراءات تخفف من بؤسهم وشقاءهم وتعيد إليهم أدميتهم المسلوبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة