اسعار الوقود الجديدة.. كيف استردت الدولة 200 مليار جنيه من الأثرياء والمقتدرين؟

السبت، 16 يونيو 2018 01:00 م
اسعار الوقود الجديدة.. كيف استردت الدولة 200 مليار جنيه من الأثرياء والمقتدرين؟
محطة وقود
مصطفى الجمل

يبقى ملف دعم الوقود، واحد من الملفات التي تسبب للحكومة حرجاً كبيراً عند الحديث عن إصلاحه وبسط كفته المائلة، فمهما سعت الغرف الرسمية للدولة لشرح الصورة كاملة دون تجمل أو ادعاء لبطولة زائفة، وحجم خطورة عدم تدخلها وتركها للأمور كما هي دون اتخاذ قرارات حاسمة تستهدف في الأساس رد الأمور لنصابها الصحيح، ستبقى في موضع المتهم بالتخلي عن مسئولياته في دعم الحماية الاجتماعية والطبقات المتوسطة.  

هنا لسنا في موضع دفاع عن طرف لحساب آخر، هي فقط الحقيقة المجردة المثبتة بأرقام يمكن لأصغر متعلم للقراءة والكتابة أن يطلع عليها ويتيقن من صحتها.

نصف تريليون للوقود

على مدار الخمس سنوات الماضية، دعمت الحكومة ملف الوقود بـ 567 مليار جنيه، وفقاً لما هو ثابت ومنشور بالموازنات المالية العامة للدولة،  فبلغ دعم المواد البترولية في موازنة العام المالي 2013-2014 نحو 126 مليار جنيه، وكان سعر الدولار وقتها 6.95 وجنيه وفي موازنة العام التالي 2014-2015 انخفض حجم دعم الوقود إلى 71.5 مليار جنيه، وكان سعر صرف الدولار وقتها 7.5 جنيه، وظلت الدولة مصرة على خفض فاتورة دعم الوقود في الموازنة التالية 2015-2016 ليصل إلى 51 مليار جنيه، وكان سعر صرف الدولار وقتها 7.7 جنيه، وفي موازنة 2016-2017 ومع تحرير سعر صرف الدولار، ارتفعت فاتورة دعم الوقود إلى 120 مليار جنيه بفارق 6 مليار جنيه عن موازنة 2013، وكان سعر الصرف وقتها يتفاوت من بين 12 إلى 13 جنيه، وفي موازنة 2017-2018  انخفض دعم الوقود  إلى 110 مليار جنيه، وكان سعر صرف الدولار وصل إلى أعلى مستوياته في تاريخ مصر مسجلاً 18.85 جنيه، وفي موازنة العام الجاري 2018-2019 خصصت الدولة 89 مليار جنيه لدعم الوقود، متوقعاً أن يظل سعر صرف الدولار ثابتاً عند 17.8 جنيه.

معركة انتزاع 200 مليار جنيه من الأثرياء

لك أن تتخيل أن 40% من المبلغ الذي يقترب من النصف تريليون جنيه، لم يصل إلى مستحقيه بل وصل إلى الأثرياء وفقاً لما صرح به مصدر مطلع بوزارة البترول، وبحسبة بسيطة ستجد أن نسبة الـ40% تساوي 206 مليار جنيه، كان من الممكن أن تستفيد منهم الدولة في دعم ملفات تهم الطبقة الفقيرة والمتوسطة، كملفات الصحة والتعليم وكذلك العشوائيات.

المواطن يسأل ونحن نجيب

حق المواطن البسيط أن يسأل الآن، كيف تدخلت الدولة لصالحه، وأن ما اتخذته من اجراءات له لا عليه، ومن قال إن الأغنياء فقط هم المستفيدون من بقاء الدعم على ما هو عليه؟، هنا يمكن الإشارة إلى أن نسبة تقترب من الـ30% من الأفراد الذين يحصلون على بنزين 80 - أكثر الفئات البترولية المدعومة من قبل الدولة- يعملون لدى شركات خاصة مملوكة لرجال أعمال ومصانع تدر ربحاً كبيراً لا يستفيد منه المواطن البسيط، وكذلك الأمر بالنسبة لاسطوانات البوتاجاز التي تستخدمها المطاعم والفنادق والكافيتريات، التي تدر أيضاً دخلاً لا يصل منه شيء إلى المواطن البسيط، فضلاً عن الغاز الطبعي الذي تضعه المصانع الكبرى في بطونها.

ماذا بعد؟

السؤال الأهم، ماذا بعد تحريك سعر الصرف، وتوفير هذا المبلغ الكبير الذي يصل إلى 200 مليار جنيه، أين ستتجه هذه الأموال؟، أكثر من مصدر حكومي قال في بداية تطبيق حزمة الاجراءات الإصلاحية أن توفير جانب كبير من مخصصات الدعم يمكن توجيهها لصالح خطط الاستثمار والتنمية المستدامة، ودعم محدودي الدخل، وتثبيث سعر الصرف للعملات الصعبة، وسد عجز الموازنة الذي يضغط على الموازنة وقنوات صرفها.

فوائد أخرى 

فوائد أخرى لا يشعر بها المواطن لأنها لا تذهب إليه مباشرة ولكنها تدفع اقتصاد البلاد إلى الأمام، فارتفاع أسعار البنزين يوفر مزيدًا من العملات الصعبة عبر ترشيد استيراد السيارات الفارهة ذات السعة اللترية الكبيرة، مما يعني أننا سنقلل ونرشد من استهلاك الوقود، مما سيوفر مزيداً من العملات الصعبة، وثبات العملة المحلية أمامها. 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق