كنوز «الخردة» المهملة تسقط في يد أباطرة «الحديد المستعمل»

الخميس، 21 يونيو 2018 08:00 ص
كنوز «الخردة» المهملة تسقط في يد أباطرة «الحديد المستعمل»
كميات من الحديد الخُردة
كتب- محمد أبو النور

 

يعتبر الحديد المستعمل «الخردة» في مصر، كنزا من الكنوز المهملة، لأن قيمتها تقدر بمليارات الجنيهات، حيث تنتشر بطول محافظات مصر وعرضها، على قضبان ومحطات ومخازن أكثر من 25 محطة سكة حديد رئيسية، ونحو 100 محطة فرعية، منها ما عفى عليه الزمن وخرج من الخدمة منذ عشرات السنين، ومنها التي لا تزال تعمل.

كما تتناثر الخردة على الطرق السريعة والفرعية، وتتواجد في الشوارع والميادين، على هيئة سيارات مختلفة الأحجام والأنواع، مركونة تركها أصحابها منذ سنوات، كما توجد الخردة أيضا في مخلفات المصانع والمشروعات السكنية العاملة والمهجورة التي أغلقت أبوابها أو انتقلت لأماكن أخرى.

خردة بـ 30 مليار جنيه

أحدث الأرقام والإحصائيات المُتاحة عن تقدير كميات وقيمة الحديد الخُردة في مصر، يعود إلى عام 2016، وتؤكد البيانات أن إنتاجنا السنوي منها يصل لحوالي 50 ألف طن فقط سنوياً، علما بأن هناك ورش و مخازن للسكك الحديدية والموانئ والمصانع والمشروعات بها حوالي مليون طن من الخردة، ولذلك هناك خبراء يشككون في هذه الأرقام ويرون أن حجم وكميات الخُردة أكثر من ذلك بكثير.

غير أنه من خلال هذه الأرقام الرسمية يتضح أن إنتاجنا هزيل جداً قياسا بدول أخرى، ولا يمكن تصنيفنا على أننا ضمن الدول المنتجة للخُردة، وأن نسبة 80% على الأقل من الصناعات المعدنية في مصر تعتمد بشكل أساسي على الخردة كمادة خام، كما تتجاوز الاستثمارات في سوق الخُردة الـ 30 مليار جنيه، وربما تكون الأرقام قد تغيرت تصاعديا، خلال العامين الأخيرين، وصولاً لكميات إنتاج وقيمة اقتصادية أكثر بكثير.

ثروة قومية بسكك الحديد

في مقدمة الهيئات والشركات والمؤسسات التي تضع يدها على كنز هائل من خُردة الحديد، تأتى الهيئة العامة للسكك الحديدية، من خلال الورش والمخازن والمحطات الرئيسية والفرعية بالقاهرة الكبرى والأقاليم، وهناك من يقدّر هذه الكميات بحوالي  2.5 مليون طن، وتقدر قيمتها بحوالي 5 مليارات جنيه أو يزيد عن ذلك، بعد ارتفاع الأسعار وتعويم الجنيه، كما يوجد كنز آخر من الخُردة في الموانئ المصرية، وخاصة بميناء دمياط، الذي رصد أرقامه أحد خبراء المعادن والخُردة، وقدّرها بحوالي 300 ألف طن في إبريل 2017، بينما سجلّت تقارير وبيانات أخرى في يونيو من عام 2013 حجم الخردة المصرية، التي تصل للمصانع بحوالي 200 ألف طن، في حين يقدر حجم الخردة التي يتم تجمعها من السوق المصرية بنحو 700 ألف طن.

«القطط السمان» في سوق الخُردة

كغيرها من الأنشطة وأنواع التجارة، تأتي تجارة الخُردة في مصر ضمن منظومة الهرم المقلوب وكذلك الهرم المعتدل، ففي القمة هناك عدد من التجار الذين يُعدون على أصابع اليد، يضعون أيديهم على هذه التجارة التي تُعد «الفرخة التي تبيض ذهباً»، ويتحكمون في مصيرها ومصير من ينخرط فيها من التجار الصغار والمتوسطين، ومداخلها ومخارجها وأسعار الشراء والبيع، ومن يتم التعامل معه ومن يتم طرده من «جنة» الحديد الخُردة.

بينما في قاعة الهرم المعتدل ينتشر عدد من التجار بالقاهرة الكبرى والمحافظات، بحسب ما قاله «عبد الستار ميّاز» أحد تجار وجمع الخٌردة، وهؤلاء التجار وظيفتهم ومهمتهم الأساسية، هي جمع الخُردة من المحافظات والأقاليم بالكيلو والطن وبجنيهات قليلة، وتسليمها بعد ذلك إلى «القطط السمان» بالقاهرة، وهو الاسم الذي يُطلق على التجار الكبار أمثال، زينهم إبراهيم، الذي يشتهر باسم «شحتة إمبابي»، وأشرف نصار، وأولاد عبد الشهيد وأولاد غالب وكذلك الحاج مُهاب.

وتشتهر عدد من المناطق في القاهرة، بأنها مركز تجميع الخُردة مثل منطقة الجسر، وهى واحدة من الأماكن الأكثر شهرة في هذه التجارة، وكذلك ساحل البحر بالقرب من قسم شرطة الساحل، وفي عزبتي أبو حشيش وشنن، وفى منشية ناصر بجوار مستشفى المقاولون، وفى بعض شوارع شبرا الخيمة، وأيضا بمنطقة الحرفيين، وكذلك في ميت حلفا بمحافظة القليوبية، وفي الإسماعيلية بجوار مصنع عوض الله لإنتاج وتصنيع الرصاص.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق