طالب الثانوي اختار الموت من فوق البرج: الوصايا العشر لحماية أبنائنا من الانتحار

السبت، 23 يونيو 2018 05:00 م
طالب الثانوي اختار الموت من فوق البرج: الوصايا العشر لحماية أبنائنا من الانتحار
انتحار
زينب عبداللاه

منذ أيام صدمتنا واقعة انتحار طالب بالثانوية العامة قفزا من أعلى برج القاهرة بعد مروره بحالة نفسية سيئة بسبب امتحانات الثانوية العامة وتعنيف والده له.

واقعة صادمة ومفجعة، تجعلنا نتسائل عن حجم الضغط المكبوت الذى دفع طالب لا يتجاوز عمره 18 عاما أن يقدم على الانتحار بهذه الصورة البشعة، وكيف هانت عليه نفسه بهذه الصورة، وحجم الصدمة والفاجعة التى شعر بها والداه.

بالطبع لم يكن الأب يتوقع من قريب أو بعيد أن ينتحر ابنه بسبب كلمات لامه فيها على عدم الاهتمام بالمذاكرة أو لأنه لم يبلى بلاءا حسنا فى الامتحان، أو لأنه أثقله بحلم فى مجموع مرتفع داخل نظام تعليمى يضغط بعنف على أعصاب طلاب الثانوية العامة وينتهك فرحتهم وأحلامهم.

صعد الشاب للطابق الثاني والستين ببرج القاهرة واعتلى  ق السور الحديدى ليلقي بنفسه، هربا من الحياة و الضغوط التى لم يستطع تحملها.

أكدت التحقيقات والتحريات أن الشاب لم يتحمل الضغط العصبي الذي تعرض له علي يد والده بسبب الثانوية العامة، بسب حرص الوالد على أن يذاكر دروسه ويحقق أعلى مجموع، حتي أن الطالب سبق و هدد والده ووالدته بأنه سينتحر هربا من هذا الضغط.

ورغم محاولة الأب التخفيف عن ابنه باصطحابه للمصيف إلا أن هذه المحاولة بائت بالفشل ليفجع بانتحاره بهذه الطريقة.

بالطبع جميعنا يريد أن يحقق أبناؤنا التفوق وأن يكونوا أفضل منا، وأحيانا نعنفهم أو نغضب منهم، ولا تعجبنا تصرفاتهم، ولكننا لا نتوقع أبدا أن تكون هذه التصرفات سببا فى انتحارهم.

وإذا عاد كل منا بذاكرته لمرحلة طفولته  سيتذكر حجم غضبه ومشاعره حين يقسو عليه أبويه، أو يتعرض لتعنيف منهما أو يناله منهما عقاب بدنى أو نفسى، كما يتذكر ووعوده لنفسه بأنه لن يتبع هذا الأسلوب مع أبنائه، وأنه سيكون أكثر تفاهما واحتواءً لهم، وربما ساوره إحساس طفولى وقتها تحت تأثير العقاب بأن والديه أو أحدهما يكرهانه.

وكثيرا ما نكتشف بعد مرور السنوات أننا نتصرف تماما كتصرفات أبائنا وأمهاتنا التى كنا  ننتقدها فى الطفولة، ونبرر انفعالاتنا على أبنائنا وعقابنا لهم بأنها لمصلحتهم، ونقول لأنفسنا «احنا اتربينا كدة»، ولكن الخطير أن أبناءنا ليسوا مثلنا، وزمانهم غير زماننا، وقبل أن يستيقظ أى منا على فاجعة غير متوقعة علينا ان ننتبه وألا نتوقع أن  تتطابق ردود أفعالهم وتتشابه مع ردود أفعالنا حينما كنا فى مثل أعمارهم.

فكل يوم تصدمنا حوادث انتحار الأطفال التى تزايدت مؤخرا، ومنها واقعة وفاة بطلة المصارعة ريم مجدى، التى عنفها والدها ولطمها لتقصيرها فى التدريب وانشغالها بمواقع التواصل الاجتماعى فألقت بنفسها من السيارة، ولفظت أنفاسها الأخيرة، وقبلها عدد من الحوادث الأخرى لانتحار أطفال حصرتها إحصائية رصدتها المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة فى أكثر من 50 حالة انتحار لأطفال تتراوح أعمارهم بين 10- 17 سنة، خلال عام واحد إما خوفا من عقاب الوالدين، أو للإحساس بالذنب بسبب الفشل الدراسى وعدم تحقيق النتيجة التى ينتظرها الأبوان بعد طول عناء مع الظروف الاقتصادية والدروس الخصوصية.

فما الذى يدفع أبناءنا للانتحار، وكيف تتحول مواقف صغيرة تتراكم يوميا إلى مصيبة كبيرة تصدمنا دون أن ندرك، وكيف نتعامل معهم ونحميهم من أنفسنا وضغوطنا وضغوط الحياة عليهم.

أشياء بسيطة لا نلتفت إليها قد تحمينا وتحميهم من غضب مكبوت يمكن أن  ينفجر يوما فى وجوهنا ليصدمنا مصيبة لا ينفع معها الندم، وبالرغم من أنه لا يوجد كتالوج واحد للتربية، إلا أن بعض الأفعال والتصرفات التى نهملها قد تخفف كثيرا من حدة ضغوط الحياة علينا وعليهم، ونوجزها فى 10 نقاط:

لا تعتقد أن حبك لابنك لا يحتاج لدليل أو برهان، فأبناؤنا يحتاجون دائما أن نعبر لهم عن حبنا، عبر عن مشاعرك نحو ابنك أو ابنتك، احتضنه وقبله واربت على كتفه، اجعله يشعر بأنك تفكر فيه ولو بهدية بسيطة، قطعة حلوة أو وردة أو لعبة بسيطة حتى وإن كان بدون مناسبة.

لا تنتقد ابنك أمام الآخرين ولا تقلل من شأنه حتى وإن كان ذلك على سبيل المزاح ، تحدث عن مميزاته وكافئه على تصرفاته وامدحه، واجعله يشعر بأنك فخور به.

كثير منا يريد أن يرى أبناءه الأفضل دائما، وأغلبنا يننتقد تصرفاتهم إذا لم تصل إلى ما نطمح إليه، وإذا جاءت أفعالهم على غير ما نتوقع، وعلينا أن ندرك أن أبنائنا لا يفكرون  بطريقتنا، وعلينا أن نتقبل أخطائهم  ونناقشهم ونسمح لهم بالاختلاف وأن نضع دائما بدائل لأحلامنا فيهم وأن نسمح له بالاختيار.

شارك أبناءك أحلامهم وطفولتهم وصباهم، العب معهم وحدثهم عن مشاعرك فترة المراهقة حتى يتحدثوا معك عن مشاعرهم، عش معهم عمرهم وتحدث معهم عن كل شىء دون خجل أو حواجز.

معظمنا يعتقد أننا نتحمل ضغوط الحياة من أجل أبنائنا، دون أن ندرك أنهم يتحملون معنا هذه الضغوط، بل وأن تأثيرها عليهم قد يكون أكبر، فكثير منا  يمن على أبنائه، ويذكرهم دائما بأعبائه، ويشعرهم بأنهم جزء كبير من هذه الأعباء، وأننا ضحايا ننفذ متطلباتهم، ولا ندرك تأثير هذا الشعور على الأبناء، الذين يتولد لديهم إحساس بالذنب قد يدفعهم إلى كره أنفسهم، وقد يتزايد هذا الإحساس ليصل إلى الانتحار إذا شعروا بأنهم خيبوا آمالنا فيهم، أو يتولد لديهم إحساس بالخوف الشديد من ردود أفعالنا إذا لم يحققوا ما نرجوه، وهو ما يحدث مع كثير من طلبة الثانوية العامة ومن لم يتمكنوا من تحقيق أهداف آبائهم وأمهاتهم فى التفوق الرياضى أو الدراسى.

شارك أبناءك وناقشهم حول أعباء الحياة وكيفية إدارة أمور الأسرة المالية، ومحاولة إيجاد بدائل وحلول للأزمات المادية حتى يكونوا أكثر قدرة على تحمل المسؤولية.                                                                                                        

علينا ان ندرك أن الصفات التى نطلقها على أبنائنا هى التى تتحقق فيهم، فإذا وصفت ابنك بالكذب سيكون كاذبا بالفعل، لأنه يعلم أنك لن تصدقه إذا قال الحقيقة، وإذا مدحته ووصفته بالرجولة وتحمل المسؤولية فسيكون كذلك حتى يثبت لك دائما أنك على حق، فاطلق على ابنك ما تريده فيه، وازرع فيه الثقة بالنفس، وأكد له أنك تثق فيه وفى حكمه وتصرفاته وأخلاقه، قل لابنتك كم هى جميلة ورقيقة وتحدث عن مميزاتها وصفاتها وثقتك فيها، هنا فقط ستتعامل كملكة وستكون أفضل مما تتمنى.

كلنا يفقد أعصابه أحيانا وينفعل على أبنائه، فامسك صمام الأمان دائما، تحدث معهم بعد أن تهدأ، واشرح لهم فى أوقات الصفاء مبررات غضبك، لا تخجل أن تعتذر إذا تجاوزت أو قسوت عليهم، أو فلتت منك كلمة جرحتهم.

لم تعد مقاييس التفوق كما كانت فى المجموع الكبير ودخول ما كنا نسميه بكليات القمة، ولا يجب أن نضغط على أبنائنا لتحقيق نتيجة معينة تتجاوز قدراتهم، فمعرفة الطالب  بقدراته وامكانياته هو ما يضعه على دباية طريق النجاح والتفوق فى المجال الذى يتناسب معه، فاعرف ميوله واكتشف مواهبه، واسمح له بدراسة ما يحب وتحقيق ما يحلم به ولا تجبره على تحقيق حلمك.

ازرع فى أبنائك منذ طفولتهم حب الله قبل أن تخيفهم من عقابه، علمهم تعاليم الدين بالأفعال لا بالأقوال، قربهم إلى الله بتصرفاتك، وشاركهم فى أعمال الخير حتى وإن كانت بسيطة، علمهم أن حب الله يجعلهم يثقون بحكمه وبأنه معهم يسمعهم ويشعر بهم ولا يخيب رجاءهم، وحدثهم عن كرمه وعطائه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق