كوكو في «الحفرة الرحيمة».. قصة غوريلا فنانة ترسم وتمثل وتجيد التواصل بلغة الإشارة

الأحد، 24 يونيو 2018 10:00 م

الغوريلا كوكو

محمد فرج أبو العلا

رحلت الغوريلا "كوكو" التى أبهرت العالم بإتقانها لغة الإشارة الأميركية، وقدرتها على فهم بعض الأحاديث بالإنجليزية، حيث أعلن معهد كاليفورنيا أنها نفقت أثناء نومها عن عمر يناهز 46 عاما، وكانت كوكو ضمن عدد قليل من الثدييات ضمن رتبة الرئيسيات يمكنها التواصل باستخدام لغة الإشارة، وأن من بين تلك الثدييات أنثى الشمبانزى واشو بولاية واشنطن، وذكر إنسان الغاب تشانتك فى أتلانتا.

وتعتبر "الغوريلا" بصفة عامة من فصيلة القردة العليا وأكبرها حجما حيث يصل وزنها إلى أكثر من 350 كيلو جرام، وتوقل الدراسات الحديثة إن الغوريلا حيوان يميل نحو الإنطواء بعكس ما يشاع عنه بأنه من الحيوانات العدائية وإذا جرحت أو أزعجت فإنها يمكن أن تصبح خصما عنيدا وذلك لقوتها الهائلة، وأن ليس لها أعداء إلا نادرًا، وتنقسم من حيث البيئة إلى نوعين فمنها "غوريلا السهل" التى تعيش فى الجابون وزائير والكاميرون، و"غوريلا الجبال" التى تعيش على ارتفاعات تصل إلى 3500 م.

ولدت الغوريلا "كوكو" فى حديقة حيوان سان فرانسيسكو عام 1971، وقضت الأشهر الستة الأولى من حياتها بدار حضانة الأطفال خلف نافذة زجاجية، حيث يمكن للجمهور رؤيتها، والتقت بها "بينى باترسون"، وهى طالبة فى جامعة ستانفورد، عندما كان عمرها يتراوح بين الستة أشهر إلى عام، حيث كانت كوكو تعانى من مرض خطير، فانتقلت إلى حديقة الحيوان، وبدأت "بينى" العمل مع "كوكو" عندما استعادت صحتها، وطلبت الإذن من حديقة الحيوان لمواصلة العمل معها كجزء من شهادة الدكتوراه الخاصة بها.

وفى عام 1974 تم نقل كوكو إلى جامعة ستانفورد، حيث واصلت بينى والدكتور رون كوهن العمل معها، وكانا معا منذ ذلك الحين، وبعدها انضم "مايكل"، وهو غوريلا ذكر، إلى كوكو فى عام 1976، وبعدها بثلاث سنوات انتقلت المجموعة إلى كاليفورنيا، وفى عام 1991 انضم إليهما "ندومى"، وهو غوريلا ذكورية ثانية.

تعلمت "كوكو" استخدام أكثر من 1000 علامة، ويبدو أنها تفهم ما يقارب 2000 كلمة إنجليزية أيضا، حيث قال "رونالد كوهن" الذى شارك "باترسون" فى دراسة الغوريلا كوكو، إن لغتها ربما كانت اللغة التى استخدمها الإنسان قبل خمسة ملايين سنة، وذلك قبل أن يتغير الإنسان بفعل التطور، حسب رأيه، فيما أكد القائمون على رعايتها، إنها تنتمى لسلالة السهول الغربية، وقد أصبحت سفيرة لنوعها الذى تهدد بقاءه عمليات قطع الأشجار والصيد الجائر فى موطنه الأصلى بوسط أفريقيا.

تم اختيار لغة الإشارة الأمريكية "ASL" باعتبارها اللغة الأساسية لتعليم "كوكو" وخلال أسابيع قليلة كانت الغوريلا تستخدم مجموعة من الإشارات، وكشفت الملاحظات أنها تمتلك لغة إيمائية طبيعية خاصة بها، وكان هناك نهجا آخر تم استخدامه معها، وهو التعلم من خلال الملاحظة المتكررة، كما تعلمت لغة الإشارة بوتيرة توازى اكتساب اللغة لدى أطفال البشر، وحدثت مكاسبها الأكثر سرعة فى المفردات الجديدة بين السنتين 2.5 و 4.5، مقارنة بأطفال البشر، وعلمت أكثر من 200 علامة جديدة فى عامها الثالث، حتى تجاوزت مفرداتها قبل نفوقها 1100 علامة، كما عرفت معنى الموت وقالت إنه "النوم الأبدى فى الحفرة الرحيمة".

وعلى جانب آخر، فكان لدى كوكو أصدقاء من المشاهير على مر السنين منهم "بيتى وايت، وروبن ويليامز، وليوناردو دى كابريو، وويليام شاتنر، ومستر روجرز، وجين جودال"، حيث إنهم كانوا يزورون "كوكو" فى محاولة لجلب المزيد من الاهتمام لطبيعة واحتياجات الغوريلا، وغيرها من القردة العليا الأكثر تطورا، حيث التقت "بيتى وايت" و"كوكو" عام 2004 وأصبحت من أصدقائها، حيث كانت "وايت" مغرمة جدًا بكوكو، كما التقى بها الممثل الكوميدى روبن وليامز، وكان متأثرا جدا بها وأهدأ بكثير من شخصيته العادية، وعندما علمت كوكو بوفاة "وليامز" عام 2014، حزنت حزنا شديدا.

وفى مجال الإعلام، التقت كوكو أيضا بـ"فريد روجرز" الأب الروحي للبرامج التلفزيونية التعليمية للأطفال فى أمريكا، وهو الذى كرمه الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش بوسام الحرية الرئاسى الذى يعتبر أعلى وسام لمدنى من الحكومة الأمريكية، وكان اللقاء أثناء تصوير عرض خاص بعنوان "حى روجرز حى"، وأصحبت كوكو نجمة بارزة حيث ظهرت فى العديد من الأفلام الوثائقية، ومرتين على غلاف إحدى المجلات العالمية بصورة التقطتها لنفسها فى المرآة، إلى جانب أنها كانت تشاهد التلفزيون والأفلام السينمائية، وكان لديها قائمة بأفلام وبرامج مفضلة.

وحول حياة "كوكو"، قال باحثون إنها استطاعت أن تغير الصورة النمطية لأقرانها من الحيوانات عند البشر الذين ينظرون إليها باعتبارها كائنات مخيفة، مؤكدين أنها كانت تحب المداعبة والعناق، وكان لديها أيضا شغف بتربية القطط، كما كانت حادة الذكاء مثل جميع القردة، لكنها أيضا كانت كائنا حساسا، وهو أمر غير متوقع من حيوان، ووصفوا رحيلها بالخسارة العظيمة.