الوجه الآخر لكرة القدم: تأثيرات سياسية.. واقتصاديات متعافية

الإثنين، 25 يونيو 2018 09:00 ص
الوجه الآخر لكرة القدم: تأثيرات سياسية.. واقتصاديات متعافية
كأس العالم
محمد الشرقاوي

 

في 18 يونيو، اختصمت المملكة السعودية، مجموعة قنوات «بي إن سبورت» القطرية، إلى  الاتحاد الدولي لكرة القدم، بتسيس كرة القدم، وتبنيها رسائل سياسية تهدف للإساءة للمملكة وقياداتها.

الاتحاد السعودي قال إن القناة القطرية أقمحت السياسية في المنافسات الرياضية، وتبنت خطابا تحريضيًا مثير للكراهية بين الجماهير والشعوب في المنطقة.

«دس السم في العسل» هكذا اعتبرت السعودية ما تفعله قنوات «بي إن سبورت»، باعتبار أن احتكار القناة القطرية لبث مباريات اللعبة الأكثر شعبية في العالم من شأنه إثارة العواطف ضد الدول، الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا قال عن الرياضة: «إنها أكثر وسائل الاتصال فاعلية في العصر الحديث، حيث تتجاوز وسائل الاتصال الأخرى، فهي تصل إلى مليارات الأفراد في جميع أنحاء العالم مباشرة، وبذلك ليس هناك شك في أن الرياضة طريقة صالحة لبناء الصداقات بين الأمم».

لكرة القدم خاصة في بطولتها الأهم والأوسع «كأس العالم» تأثيرات على اقتصاديات وسياسات الدول، على رأسها الدولة المنظمة والمشاركين، كذلك التفاعلات الدولية والأزمات الدبلوماسية القائمة بين الدول.

شحن سياسي 

الأمر في كرة القدم، من الممكن أن يصل إلى شحن سياسي بين الدول بسبب أزمات عالقة وقائمة، خاصة بين خصمين بينهما أزمات قائمة، والمثال الأبرز على ذلك مباراة أمريكا وإيران، في كأس العالم بفرنسا 1998.

صحيفة الجارديان البريطانية، قالت في تقرير سابق لها تحت عنوان «الشيطان الأعظم 1- 2 إيران.. قصة أكثر مباراة مشحونة سياسيا بتاريخ كأس العالم»، وقتها كانت الأجواء مشحونة، ورفض بعض اللاعبين البقاء صامتين.

التصريحات كان أغلبها بدوافع انتقامية، المهاجم الإيراني خوداد عزيزي «لن نخسر هذه المباراة، أهالي نصف مليون شهيد بحرب العراق ينتظرون أن نفوز، وسوف نفوز من أجلهم»، غير أن المعسكر الأمريكي كان يحاول تهدئة الأوضاع ويضع تركيز اللاعبين في الأمور الفنية.

 

وقتها طالب الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عدم تسييس المباراة، وقال المدرب الأمريكي: «لم يريدوا أن أزرع العنف في اللاعبين، لكن الرياضة والسياسة متشابكان تماما، لم نقم بتسييس اللعبة لكن إيران فعلت ذلك إلى أقصى حد، أعتقد أن حكومة إيران جعلتها مباراة سياسية، لم استخدم تاريخ البلدين حتى كأداة تحفيزية اللاعبين، كان لدينا أيضا رهائن بالسفرة، لكن لم أفعل ذلك».


الأجواء كانت صعبة، حتى الشرطة الفرنسية عينت حراسات خاصة على لاعبي الفريق الأمريكي وأسرهم في ملاعب التدريب والفندق، فالمباراة كانت حاسمة لأمريكا بعد هزيمتها من ألمانيا، وكان عليها الفوز على إيران للبقاء في المنافسة.

الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، أعرب عن أمله في أن تكون المباراة خطوة إلى الأمام تُنهي التعثر بين البلدين.قبل المباراة، وزع اللاعبون الإيرانيون ورد أبيض على الأمريكيين، كرمز للسلام، وكانت الفكرة تهدف إلى القول إنه يمكن لمباراة كرة قدم أن تنهي عقودا من العداء، وتكررت الأمر أمام المغرب بمونديال هذا العام بعد التوترات الأخيرة وقطع العلاقات بين الحكومتين، وانتهت المباراة بهدف لأبناء الخميني دون رد.
 

حرب كرة القدم


الأمر قد يصل إلى معارك عسكرية بعيدا عن طاولات المفاوضات، ولعل أبرز بين هندوراس والسالفادور، وما سمي إعلاميا «حرب كرة القدم» خير دليل.

في 14 يوليو 1969، كانت مباراة بين الدولتين المتنازعيتن - على قضايا الإصلاح الزراعي في هندوراس والهجرة والمشاكل الديموجرافية «التركيبة السكانية» في السلفادور- فازت فيها السلفادور وتأهلت.

ومع نهاية اللقاء كانت الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما، وفي 3 يوليو انتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور، وحصل هجوم متبادل أدى لخسائر كبيرة في الأرواح والبنى التحتية، وبعد أسبوعين من التدخلات الدولية، توقفت الحرب بعد أن أدت إلى دمار كبير وخسائر في الأرواح بالآلاف.

حرب كرة القدم

 

مباراة أم درمان

تسببت مباراة مصر والجزائر في عام 2010، في أزمة سياسية بين البلدين، بعدما انتهت المباراة بفوز الأشقاء، غير أن وسائل الإعلام آن ذاك، تسببت في شحن سياسي بين الدولتين نتج عنه أزمة دبلوماسية، ظلت تعاني منها المنطقة لأعوام.

مباراة مصر والجزائر في أم درمان
 


دبلوماسية كرة القدم

يقول كتاب «الدبلوماسية الوقائية.. إلى أين- دراسة تحليلة مستقبلية»، للدكتور عدنان عبد الله رشيد، إنه في العالم المعاصر تزداد أهمية الدبلوماسية في ظل التطورات التي شهدها العالم مع التطور العلمي والتكنولوجي، وبروز ظاهرة العولمة، التي أدت إلى ترابط وتشابك أجزاء العالم وزيادة التأثيرات والاتصال، ومنها دبلوماسية كرة القدم.

التصنيف السياسي لكرة القدم، جاء لأنها أكثر الألعاب جمعا لدول العالم، في البطولة الأهم والأبرز مثال: كأس العالم، والبطولات القارية الأمر هنا لما تنجح فيه من تقريب المسافات.


التأثيرات الاقتصادية

في دراسة اقتصادية، أعدتها مؤسسة جولدمان ساكس، مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أمريكية متعددة الجنسيات، بعنوان «كأس العالم واقتصاد 2018»، قالت إن الدول المشاركة في كأس العالم بروسيا 2018 تظهر أوضاعًا اقتصادية واجتماعية مختلفة.

تضيف أن هناك علاقة حتمية بين كرة القدم واقتصاديات الدول المشاركة، فالدول المشاركة المستضيفة تسعى إلى الحصول على المزيد من المكاسب الاقتصادية، كذلك دول أخرى تطمح في تحقيق درجة من التماسك الاجتماعي الداعم لسياسات الدولة.

المنتخب الروسى
 

الدراسة قدم لها الباحث محمد بسيوني على مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، قالت إن كرة القدم في بعض الدول تحمل نفس الملامح التي تحكم السياق الاقتصادي والاجتماعي لها، مثال أن كرة القدم الروسية تعاني من نفس المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الروسي، خاصة فيما يتعلق بالدور المفرط للدولة، ومحدودية التكامل مع الخارج، ونقص المنافسة، وهذه العوامل أعاقت التقدم في السنوات الأخيرة، كما أنها مسئولة -ولو بصورة جزئية- عن تراجع موسكو في ترتيب الفيفا لمنتخبات كرة القدم .

واستند التقرير  إلى تحليل تشكيلة الممنتخب الروسي، أوضح أن القوام الرئيسي للمنتخب الروسي يتكون من لاعبين محليين يلعبون في روسيا، وكما هو الحال في الاقتصاد فإن للدولة دورًا كبيرًا في كرة القدم، فمن جملة 36 فريقًا في القسمين الأولين بالدوري يتم إدارة 31 فريقًا من جانب الحكومات المحلية أو الشركات التابعة للدولة، ومع متوسط حضور للمباراة في الدوري الروسي الممتاز أقل من 12 ألفًا، وعدم تمثيل حقوق البث التلفزيوني سوى 10% من إيرادات الدوري، فالدولة تحظى بسيطرة ملحوظة على الأندية.

مصر تتعافى اقتصاديا

التقرير الدولى أشار إلى أن كرة القدم تظهر التعافي في اقتصاديات الدول، قال إن مصر تمر بحالة من التعافي في الاقتصاد وكذلك في كرة القدم، فبعد سنوات من التراجع تمكن المنتخب المصري من الصعود إلى كأس الأمم الإفريقية عام 2017 بعد غياب عن البطولة ثلاث مرات متتالية، ونجح المنتخب في التأهل إلى كأس العالم بعد غياب 28 سنة منذ كأس العالم 1990.

مصر
 

وهو ما تزامن مع ما اتخذته الدولة اتخذت إجراءات لمعالجة المشكلات الاقتصادية، وهو ما تمثل في تحرير سعر صرف العملة، وإطلاق برنامج للإصلاح الاقتصادي والمالي لمدة ثلاث سنوات للحد من عجز الميزانية، واتباع سياسة نقدية لاحتواء ضغوط التضخم، كما أن هناك برامج لتنشيط السياحة، ومحاولة لاستعادة معدلات السياحة التي كانت موجودة قبل يناير 2011.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق