مخلفات الحروب العالمية

الأربعاء، 27 يونيو 2018 10:00 ص
مخلفات الحروب العالمية
ماريان جرجس تكتب:

تترك الحروب العالمية فجوة كبيرة فى الحيوات السياسية لدى الشعوب والتاريخ ولا تترك فقط الألغام وأشلاء الجيوش المهزومة ولأن التاريخ دائمًا ما يٌكتب بالأقلام المنتصرة, فبعد الحرب العالمية الثانية  كان ميزان القوى مختلف فى العالم ولم تكن الدول الشرق أسوية بتلك القوة التى هى عليها اليوم.

لذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا هما القوى الأعلى شأنًا وقتها وكانوا هم الذين يقررون مصير العالم  كما كان عليهم عبئ سد تلك الفجوة السياسية التى تركتها الحربين .
ومنذ ذلك الحين تأسست أدوات ذات طراز جديد , ذو طابعٍ خاص تهيمن على العالم سياسًا واقتصاديًا حتى اليوم

تأسست الأمم المتحدة وكل مؤسساتها : مجلس الأمن والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى وبهذا أستطاعت الدول الكبرى أن تهيمن على العالم بالذراعين الأقوى :الاقتصاد والسياسة, ربما لتتحكم فى حرب عالمية ثالثة أما أن تمنعها أو توجهها أو تجعلها حرب اقتصادية وليست حربًا بالمعنى المعتاد !

وبالفعل لم تقم حتى الان حرب عالمية ثالثة ولكن تحول العالم لساحة من السباق الاقتصادى والسياسى بالطبع  ولكن ظل صندوق النقد الدولى تحديدًا يسطر على مصائر الدول النامية

واليوم يتحدث الجميع عن شروط صندوق النقد الدولى والتفحص فى  انصياع مصر وراء شروطه ولكن الحقيقة أن مصر كباق الدول النامية التى كانت تحت وطأة تلك المؤسسات ولكن كان لابد أن تجتاز المرحلة التى تستطيع أن تخلصها من سيطرة تلك المؤسسات .
فالتخلص من تحكم أى مؤسسة  والوصول لمرحلة التحرر الاقتصادى والسياسى لا يأتى فجأة
ولكن يأتى التحرر الاقتصادى أولا ثم يتبعه التحرر السياسى والتحرر الاقتصادى من أى كيان دولى مثل صندوق النقد والبنك الدولى  هو سياسة الاقتراض الأوحد ان لزم الأمر- أى نقترض مرة واحدة  بصفة استثناية وليس بصفة مستمرة , نقترض اليوم ونتحمل لنبنى مشاريع استثمارية ضخمة تستطيع بعد ذلك الانفاق على الدولة وتقدم العائد الذى يٌغنى عن الاقتراض مجددًا من صندوق النقد وهنا يتحقق التحرر الاقتصادى والتحرر من أى سياسات تٌفرض علينا هيمنتها  وبالتبعية يتحرر رأى الدولة ومواقفها السياسية لأنها فى ذلك الوقت تكون حرة الدخل ,بلا ديون , وبلا موالاة لأحد

تستطيع أن تأخذ المواقف التى تحسن فى عين قيادتها بمنتهى الحرية وعدم الانحياز حيال أى قضية فى مجلس الأمن مثلا أو فى الأمم المتحدة ولكن السيناريو المخيب للامال هو السيناريو الذى حدث فى الصومال  وغيرها من الدول البسيطة التى تقترض من صندوق النقد لسد المجاعات والشٌح فى جميع الموارد ثم تعود لتقترض مرة أخرى غدًا  وتبقى فى دائرة مفرغة لا تستطيع الخروج منها لتبقى تحت سيطرة تلك الكيانات .
فلكى تستطيع أن تقيم سياسة مصر مع صندوق النقد الدولى , انظر فى المجال الذى ينٌفق به القرض الدولى  اليوم.  د\ماريان جرجس

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة