محو هيئة محو الأمية

الجمعة، 06 يوليو 2018 05:42 م
محو هيئة محو الأمية
طلال رسلان

هل تعلم أن عدد الأميين في مصر وصل إلى 26 مليون شخص أو يزيد قليلا، بما يعني 24% من السكان؟، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإصحاء، وبالمناسبة هذه إحصائية أقل من العدد الفعلي بكثير، لكن حتى رقم الجهاز كارثي بكل المقاييس. 

هل تعلم أن 80% من الحاصلين على شهادات هيئة محو الأمية وتعليم الكبار لا يستحقونها، وأن 90% من موظفي الهيئة بالواسطة ولا يعرفون شيئا عن المشروع في الأساس؟، وفقا لرئيس الهيئة السابق.

بكلمة واحدة فقط يمكنك بضمير مرتاح وصف مشوار هيئة محو الأمية وتعليم الكبار منذ نشأتها في التسعينات، ضمن برنامج الدولة للقضاء على الأمية وحتى الآن.. «الفنكوش».

محسوبيات ووساطة وتزوير وسبوبة، على مدار تاريخها وهيئة محو الأمية مليئة بالفساد، من مشروع إلى مشروع، من برنامج إلى برنامج، من رقابة إلى رقابة، المحصلة في النهاية صفر، والعدد يزيد كل عام وينذر بالكارثة، نقترب من تقفيل ربع الشعب في عدم فك الخط حتى، العالم من حولنا يصارع التكنولوجيا، ونحن ما زلنا نرى كيف ستصلح هيئة مهترئة ومليئة بالفساد والفشل التعليم في مصر والقضاء على الأمية؟!

آليات عفى عليها الزمن اتبعها مسؤولو الهيئة، أحدها كان بإلزام طلاب الجامعات بمحو أمية المواطنين بمقابل مادي، أو الاشتراط على المعلمين الجدد بمحو الأمية عددا من المواطنين لاستكمال إجراءات التعيين، كلها أثبتت فشلها باقتدار، وزادت الطين بلة، حتى برنامج المجلس القومي للطفولة والأمومة لمحو الأمية، وبرنامج المؤسسة الثقافية العمالية لمحو الأمية، وبرنامج القناة الفضائية التعليمية، لم تؤت ثمارها، وكانت كلها مجرد سبوبة عرفنا بعدها قدر الفساد والمحسوبية بها، وشاهدنا جميعا توزيع الكعكة على المسؤولين، حتى انفض السوق، وبقى الوضع على ماهو عليه كل مرة.

واقعيا هيئة محو الأمية تعمل على الورق فقط والنتائج التي حققتها منذ أن تم إنشاؤها لا تتجاوز الـ10%، ومعظم الامتحانات الخاصة بها تتم بشكل صوري، إضافة إلى وجود الكثير من الفساد بداخلها، ناهيك عن إصدار شهادات لأشخاص لا يجيدون القراءة والكتابة عن طريق دفع الأموال.

شخصيا أعرف عشرات الحالات، كما تعرفون أنتم أيضا، من سائقي الأجرة الذين لجأوا إلى شراء شهادات محو الأمية بتسعيرة لمن يدفع أكثر من موظفين في قلب الهيئة، لكي يحصلوا على إذن تجديد رخصة القيادة، بل عاصرت بنفسي شراء شهادات محو الأمية من أمام وحدات المرور، عانينا كثيرا من فساد الهيئة ومحسوبيات الهيئة وفشل الهيئة لكن ولا حياة لمن تنادي.

نحن الآن أمام كارثتين؛ الأولى وجود نسبة كبيرة جدا من الأمية تهدد المجتمع المصري وعملية التطوير والتنمية، والثانية أن الهيئة تعمل بشكل صوري وبها الكثير من الموظفين ولها ميزانية وتكلف الدولة، وبحل الثانية سنبدأ خطوات جادة في حل الأولى.

مؤخرا تفاءلت خيرا عندما رأيت تحركا من نواب البرلمان للمطالبة بحل الهيئة، قال أحد أعضاء لجنة التعليم في البرلمان، إن القضاء على الأمية يتطلب بداية تغيير الهيئة العامة لمحو الأمية بكل كواردها، إلى جانب تغيير الاستراتيجية التى تسير عليها، مؤكدا أن الهيئة لم تقدم أى نجاحات فى سبيل القضاء على الأمية بمصر، مشيرا إلى أن الهيئة تمحو الأمية بالشهادات فقط، حيث إن جميع الخريجين لم يستفيدوا أو يتعلموا شيئا، رغم تخصيص الدولة ميزانية كبرى لهذا الشأن، مطالبا بوضع خطة جديدة لها جدول زمنى وميزانية محددة، تعمل على مواجهة الأمية، إضافة إلى ضرورة التصدى لظاهرة التسرب من المدارس.

وفي خطوة جادة لوقف كارثة ما تسمى هيئة محو الأمية، تقدم النائب محمد الحسيني وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب بمشروع قانون، يهدف إلى إدخال 4 مواد جديدة تشمل إلغاء الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار وتسليم أموالها وأصولها إلى وزارة التربية والتعليم، على أن تضع الوزارة خطة واضحة للقضاء على الأمية والفساد المستشري بالهيئة.

أرى أن خطوة البرلمان هذه المرة جادة في إلغاء هيئة محو الأمية تماما، وإيقاف نزيف الأموال بها، وإسناد مهمتها إلى وزارة التربية والتعليم مباشرة مع رقابة على ما ينفق وعوائده مع وضع برامج ومشروعات جادة لوقف اللهو الخفي المسمى بالأمية الذي يأكل مفاصل الدولة، لا تنمية نافعة ولا إصلاحات اقتصادية شافعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق