السر الخفي وراء ارتفاع نسبة الطلاق

السبت، 07 يوليو 2018 10:00 ص
السر الخفي وراء ارتفاع نسبة الطلاق
ياسر جعفر يكتب:

أصبح الطلاق شبح يهدد الأسر فى مصر، وكمن السر الخفي الذي لا يعلمه الجميع، هو سوء الأخلاق من الطرفين، وعدم التمسك بالكتاب والسنة وماجاء فيها من تعاليم وتوجيهات أساسية لبناء الأسرة السليمة لكي تكون نواة لمجتمع صحيح ومتين تسوده القوة والألفة والثقافة السليمة!!
 
نعم، علينا الاعتراف أنه هناك تقصير كبير جداً من الأب والأم تجاه الأولاد في توجيههم  بالنصائح الدينية العامة، كما أن ترسيخ النظرة على البنت مجرد خادمة وست بيت، وانه وأنها ليس من حقها أن تتعلم، وهو فهم خاطئ جداً وعقيم، ترسخ في أذهان الغالبية من الأسر، فإذا نظرنا نظرة تأمل و فهم لكتاب الله نجد أن المرأة ليست كذالك، ونجدها دائماً مقرونة بالرجل في كثير من الأمور، قال تعالي{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}،كذلك في قوله تعالي{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}، وقوله تعالي{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}، نجد أن الأيات تدل علي التكليف لكلاهما (الرجل والمرأة)، في كثير من المسئوليات.
 
أنت حينما تتجاهل ما تتميز به الأنثي وقعت في خطأ كبير، وحينما تتجاهل ما يتميز به الرجل وقعت أيضاً في خطاً كبير، وهو ما جعلنا نعيش في مجتمع ا بالغباء والعنف تجاه المرأة، كما أن اعتقادا وموروثنا فى انه لابد أن تتزوج البنت بمجرد انتهائها من تعليمها وتجلس في البيت، حتى وإن كانت متميزة في تعليمها وتخصصها وربما يستفاد منها المجتمع، اضاعت مستقبل بناتنا، وسعت الأسر لأن تضع بناتها بين أربع جدران، ونتفاجأ جميعا أنه بعد شهرين من الزواج يقع الطلاق، بسبب عدم التفاهم بينهما أو عدم الرضا لكيلاهما أو بسبب الضغوط الأقتصادية، فتذهب إلي بيت أبيها ملومة محسورة..!!
 
هناك أعمدة أساسية لابد أن تضع للعروسين عند زواجهما، لتكون سبباً في بناء أسرة قوية، اولا على الرجل المتقدم للزواج، يشترط فيه حديث الرسول صلي الله عليه وسلم{إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}، وهذا أمر هام جداً لمن يريد أن يبني أسرة قوية خالية من المشاكل وكثرة العويل، بالنسبة للمرأة، فيتم اختيارها علي أسباب، منها كما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم{تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ}وإنما المعني: أن هذه مقاصد الناس في الزواج، فمنهم من يبحث عن ذات الجمال، ومنهم من يبحث عن النسب، ومنهم من يرغب في المال، ومنهم من يتزوج المرأة لدينها وهو مارغب فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله{فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ}.
 
أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وأخرها عندهم ذات الدين، لأنه أمر بذلك، وفي هذا الحديث الحث علي مصاحبة أهل الدين في كل شئ لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وحسن طرائقهم ويأمن المفسدة من جهتهم، فإذا كان الأختيار من البداية سواء للمرأة أو الرجل، فتكون أسرة قوية في مجتمع قوي، 
فينبغي الحذر في الأختيار لأنه بناء أسرة، هي حجر في بناء مجتمع، يساهم في بناء دولة خالية من التخلف والعصبية والرجعية، 
فينبغي علي الأسرة أن يسودها الود والرحمة والطمئنينة، وكل هذا لا يحدث إلا بالتمسك بحدود الله وطاعته
 وهدي سنة رسوله، وعلي كل من الزوجين الصبر والمصابرة في أوقات الشدة والأستعانة عليها بالله يأتي الفرج، وعلى كل منهما أن يحترم الأخر وأن يتأسوا بأخلاق وسلوكيات دينية معتدلة، وربما تكون هناك مشاكل غير معروفة وغير ملموسة، ففي هذه الحالات ربما تكون أمور فلكية وروحانية، سحر مثلاً أو عين(حسد)، ففي هذه الحالات يجب الأستعانة عليها بالقرأن وقراءة الرقية الشرعية علي ماء ويشرب منه لمدة شهر، بفضل الله تزول كل هذه المشاكل الروحانية، والتي كانت سبباً في خراب كثير من الزيجات، وأعلم أخي القارئ، أنه إذا  تأسس البيت علي أسس دينية قوية،فإنه من الصعب والمستحيل أن ينهار، ولا ننسي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المرأة، قال{ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا}.
واستوصوا بالنساء خيراً، المراد بالنساء هنا هم الزوجات، وذكرهن بعد الجار من ذكر الحاضر بعد العام، لأن الجار يشملهن أيضاً وقد خصصن بالذكر لأنه فيهن معني أكثر من معني الجوار، وهو معني الأسرة التي تتألف من الرجل والمرأة، ويدخل فيها أولادهما بعد ولادتهم، فيجب علي الرجل أن يحسن معاملة امرأته أكثر من الجار، لأنها أشد اتصالاً به، فإيذاؤها أسوء أثراً من إيذائه{فإنهن خلقن من ضلع أعوج، قيل إن حواء خلقت من ضلع أدم عليه السلام، فيكون لكل النساء حكمها في ذلك لأنهن مثلها في الأنوثة، وقيل إن هذا علي التشبيه والتمثيل، بدليل ما ورد في حديث أخر {المرأة كالضلع}، والتشبيه هنا ضمني، لأن من خلق من شئ يشبهه، ويجوز أن يكون ذلك كناية عن عوجهن وقوله تعالي{خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يجوز حمله علي ظاهر هذا الحديث، ويجوز أن يكون معناه: وخلق من جنسها زوجها{ وإن أعوج في الضلع أعلاه} ضرب هذا مثلاً لأعلي المرأة، لأن أعلاها رأسها والرأس يشتمل علي اللسان، وعوجها يظهر في رأسها ولسانها، فالضمير الغائب للضلع وهو يذكر ويؤنث، هو ليس للمرأة، لأنك إذا بالغت في تقويمها كسرته بطلاقها، وإن أهملتها دامت علي عوجها، فيجب الأعتدال في تقويمها، وأخذها فيه باللين والرفق، "فاستوصوا بالنساء خيراً" كرر الأمر بهذا للتأكيد، وفي الحديث ندب إلي الأخذ بالمدارة، لاستمالة النفوس، وتأليف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن، والصبر علي عوجهن، لأن من رام تقويمهن فاته الأنتفاع بهن مع أنه لا غني له عن امرأة يسكن إليها، ويستعين بها علي معاشه، وأمر العوج في النساء مبني علي الغالب فيهن، ولاسيما عند تفشي الجهل فيهن بإهمال تعليمهن، فإذا تعلمن قل هذا فيهن، بل كان فيهن من هو خير من بعض الرجال، وكفاك بأمهات المؤمنين فضلاً وعلماً ومنزلة في الأسلام، وعن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال{ اكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم} والمقصود  بخياركم لنسائهم، لأن النساء أولي بحسن المعاملة من غيرهن، ليكمل نظام الأسرة بحسن الأخلاق ويمكنها أن تربي أولادها تربية كريمة، وبهذا تنهض الأمة في دينها ودنياها، لأن الأمة تتكون من الأسرة، فإذا اكمل نظام الأسرة كمل نظام الأمة والمجتمعات.
 قد تكون النساء غير صالحات فليستعن الرجال عليهن بالصبر، وليجتهدوا في مقابلة الإساءة بالإحسان بقدر ما يمكن، وفي هذا الحديث توجيه من أعظم التوجيهات النبوية ويعلو به قدر الأسلام، ويجعله الدين الصالح للإنسانية كلها، لأنه يسمو بشرائعه عن أن تكون تقاليد تقصد لذاتها، ويجعل الأخلاق التي يرضاها العقل والشرع هي المقصود والأهم منها، وفي الحديث دلالة علي مكانة الأخلاق في الأسلام، لما فيها من بناء المجتمع القوي والأسرة المتماسكة السعيدة، والفرد القوي الفاضل المحافظ علي أداب الأسلام.
 
يجب علي الزوجين أن تكون الأخلاق متبادلة بينهما وكل منهما يعرف واجبه تجاه الأخر بالأخلاق والمعاملة الحسنة، حفظ الله الأسرة من النزاع والشقاق، وحفظ الله مصرنا الغالية وتحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق