نحن نجيبك على السؤال الأهم.. لماذا فتحت مصر باب استيراد الأرز؟

الثلاثاء، 10 يوليو 2018 08:00 ص
نحن نجيبك على السؤال الأهم.. لماذا فتحت مصر باب استيراد الأرز؟
الأرز - أرشيفية
كتب محمود حسن

- الأرز يستهلك أكثر من ربع حصة مياه مصر من المياه والزيادة السكانية فرضت تغييرا فى الخطط الزراعية
- مصر تحاول إعادة تنظيم مواردها والمياه المستهلكة لرى فدان أرز واحد تكفى لزراعة 5 أفدنة قمح
- الاستهلاك المحلى يبلغ 3 ملايين طن أرز والكميات المحددة للزراعة تكفى هذا الاستهلاك

قرار هام اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالموافقة على استيراد الأرز، وهو القرار الذى كان قد اتخذه مجلس الوزراء فى يونيو الماضى، وانتظر موافقة الرئيس عليه، ولعل الكثيرين يتساءلون عن سر اتخاذ مصر التى طالما عرفت بكفاية هذا المحصول لمواطنيه، فما سر لجوء الدولة لهذا القرار مؤخرا؟.

فى هذه السطور سنجيبك عن أسباب اتخاذ هذا القرار، وسنشرح لك كيف أن هذا القرار هو خطوة اقتصادية واستراتيجية شديدة النجاح.

- الأزر المحصول الذى يستهلك أكثر من ربع مياه مصر
نعم ما قرأته فى هذا العنوان أمر صحيح، على مدار السنوات الماضية كان متوسط استهلاك الأرز من المياه، حوالى 28% من حجم حصة مصر من مياه نهر النيل، حيث يستهلك الفدان الواحد من زراعة الأرز 7000 متر مكعب من المياه، فى حين وصلت نسبة الرقعة الزراعية من الأرز حوالى مليون و100 ألف فدان.

ودونا عن بقية المحاصيل فإن الأرز يحتاج إلى أن يظل المحصول مغمورا تماما بالمياه طوال دورته الزراعية، ويستغل الكثير من المزارعين مسألة أن تكون الرقعة الزراعية من الأرز مغمورة بالماء تماما فى تربية سمك المياه العذبة، ليكون مصدر دخل إضافى لهم.

- المناخ المصرى التحدى الرئيسى لزراعة الأرز
لعلك تتابع الآن أزمة الأطفال التايلانديين الذين دخلوا الكهف وحاصرتهم مياه الأمطار، على مدار أسابيع عملت مضخات ضخمة متواصلة لمحاولة إخراج مياه الأمطار من داخل الكهف الضخم، لكن رغم ذلك لم ينخفض مستوى المياه سوى 1 سم فقط، لكن ما علاقة هذا بالأرز؟، الأمطار الموسمية المتواصلة والتى تسببت فى فيضانات جنوب شرق آسيا، وجعلت هؤلاء الأطفال عالقين، جعلت من منطقة جنوب شرق آسيا هي المنطقة المثالية لزراعة الأرز والقدرة على ملئ الأحواض.

فى تايلاند على سبيل المثال يبلغ متوسط الأمطار 1430  بوصة، بينما تبلغ هذه النسبة فى مصر فى المتوسط 2 ونصف بوصة فقط!، وعلى السواحل الشمالية تصل إلى 7.8 بوصة فى فصل الشتاء، لا يتوقف الأمر عند معدل هطول الأمطار القليل الذى يساهم فى تلك الزراعة، بل إن ارتفاع درجة حرارة المناخ تتسبب فى تبخر الكثير من المياه فى فصل الصيف، خاصة فى جنوب البلاد والصعيد، ما يجعل هذا المحصول غير قابل للزراعة بأى شكل من الأشكال فى صعيد مصر.

أما المحصول نفسه فتبدأ زراعته فى فصل الصيف، بداية من مايو وحتى سبتمبر، ما يعنى أن عملية الغمر تبدأ فى أكثر الشهور انعداما لوجود المطر، وارتفاعا فى درجة الحرارة، ما يجعل ما يستهلكه المحصول من الزراعة فى مصر أكثر من غيره من الدول.

- قرار شجاع لإعادة تنظيم الموارد
بعيدا عن "هرى السوشيال ميديا" فإن المسألة بسيطة، لديك موارد محدودة ولديك زيادة سكانية رهيبة هي الأكبر فى العالم كله، بمعدل 2.5% سنويا، بينما مواردك ثابتة ولا تتغير، إذا كنت تواجه هذه المشكلة فى بيتك فأنت فى حاجة إلى تباديل وتوافيق، لديك محصول معين يستهلك 28% تقريبا من مواردك، لكن لديك محاصيل أخرى تستوردها أيضا يمكن أن تستخدم نفس الكمية من المياه لزراعتها.

القمح مثلا يستهلك فى الفدان الواحد 1200 متر متر مكعب من المياه، أى أن ما يستهلكه الفدان الواحد من المياه لزراعة الأزر، يمكن به أن تتم زراعة ما يقرب من 6 أفدنة من القمح!، هذه ليست فقط مجرد عملية تباديل وتوافيق بل هى فرصة لزيادة الرقعة الزراعية والذهاب لاستصلاح أراضى جديدة.

قد يقول قائل إن عملية الاستيراد تهدر العملة الصعبة، لكن هذا غير حقيقى، ففى المقابل فإنك من الممكن أن تتجه بعض المحاصيل التى تذهب للتصدير، مثل الموالح على سبيل المثال والتى يحتاج الفدان منها للزراعة حوالى 2000 متر تقريبا من المياه، ما يعنى أن ما يذهب لزراعة فدان من الأزر ممكن أن يذهب إلى زراعة 3 أفدنة من الموالح، ما يعنى وبحسبة بسيطة إن ما قد نجنيه من مكاسب لتصدير الأرز نستطيع أن نجنى 3 أضعافها من تصدير الموالح، لذا فإننا وبكافة الحسابات نربح بهذه الطريقة.

 

- كم سنزرع محليا وكم سنستورد؟
قد يفهم البعض، ويشيع آخرون أن الدولة منعت زراعة الأرز تماما، ولكن هذا ليس حقيقيا، فقد حددت الدولة أماكن محددة للزراعة لكن ما حدث أن مصر قررت أن تنزل بالخطة الزراعية إلى 824 ألف فدان، وهناك 9 محافظات فى شمال مصر ستقوم بالزراعة، وهى الإسكندرية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط، والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد.

والمفاجأة أن المساحة التى حددتها الدولة هي كافية بشكل كبير لاستهلاك مصر، إذ أن استهلاك المصريين حوالى 3 مليون طن من الأرز، فى حين أن المساحة المحددة تكفى لإنتاج هذه المساحة المطلوبة، وسيكون اللجوء للقرار واستيراد الأرز من الخارج هو مجرد تغطية لأى مشكلة مفاجئة قد تطرأ فى الأمر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق