رغيف عيش أقدم من الأهرامات.. هل تصدق أن في الأردن خبزا عمره 14 ألف سنة؟ (صور)

ربما يكون الأثر الأكثر عظمة وتكاملا وقِدَمًا في العالم حتى الآن هي الأهرامات في الجانب الغربي من صحراء الجيزة، ورغم عظمتها وأنها إحدى عجائب الدنيا السبع، فالأيام تكشف أحيانا أمورا لا تقل عجبا.

 

المقبول عقلا والشائع وسط الناس أن الآثار التاريخية المصنوعة من الأحجار أو المعادن هي الأطول عمرا والأقدر على عبور الزمن، وباستثناء مومياوات المصريين القدماء، يصعب أن يتخيل أحد أن أثرا عضويا مصنوعا من مواد طبيعية متحللة يمكنه أن يعبر السنوات والقرون ويعيش أكثر من 14 ألف سنة، ولكن هذا ما حدث في الأردن.

 

في مفاجأة مدهشة للباحثين والمستكشفين الأثريين، عُثر مؤخرا في الأردن على بقايا متفحمة لقطعة خبز في موقد حجري شمال شرقي الأردن، يعود عمرها إلى حوالي 14 ألفا و500 سنة، ما يعني أن سكان هذه المنطقة قد عرفوا طرق إنتاج الغذاء الحيوي قبل قرون، وقبل آلاف السنين من اكتشافهم الزراعة.

 

الاكتشاف الذي نُشرت تفاصيله أمس الاثنين، يكشف أن الصيادين في منطقة شرقي البحر المتوسط قبل عشرات القرون نجحوا في إنجاز هذا الحدث المهم، بصنع الخبز في وقت أقدم مما كان معروفا لدى الباحثين والمستكشفين في السابق، وقبل أكثر من 4 آلاف سنة على معرفة الزراعة واستقرارها كنشاط بشري.

 

قطعة الخبز المسطحة التي عُثر عليها، هي من خبز "غير مخمّر" على الأرجح، وتشبه الخبز المستدير إلى حد كبير، وهي مصنوعة من حبوب برية مثل الشعير أو القمح أو الشوفان، ومن درنات بعض الأنواع القريبة من ورق البردي المائي، الذي طُحن وتحول إلى دقيق قبل عجنه وصناعة الخبز منه.

 

 

الفترة التي يعود إليها تاريخ قطعة الخبز المذكورة (عُثر عليها في موقع أثري بالصحراء السوداء في الأردن) تخص حضارة تُعرف بـ"النطوفية"، مال أتباعها إلى نمط حياة مستقر بدلا من الحياة البدوية القائمة على الترحال.

 

في هذا الإطار تقول آمايا آرانز أوتايجي، الباحثة فى علم النباتات الأثرية بجامعة كوبنهاجن الدنماركية والمعد الرئيسي لبحث نشر في دورية (بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسز) إن "وجود خبز في موقع له هذا العمر حدث استثنائي" مشيرة إلى أن أصول الخبز ارتبطت حتى الآن بالمجتمعات الزراعية المبكرة، التي بدأت نشاطها الزراعي بزراعة حبوب مثل البقوليات، وكان أقدم دليل سابق على الخبز يعود لموقع تركي عمره 9 آلاف و100 سنة فقط.

 

الباحثة الدنماركية استكملت حديثها حول الكشف الأخير وأهميته، قائلة: "علينا الآن أن نُقيّم ما إذا كانت هناك علاقة بين إنتاج الخبز ونشأة الزراعة، من الممكن أن يكون الخبز سببا في إيجاد حافز للناس على الاشتغال بالزراعة وتطويرها".