ذكرى ميلاد ابن البلد

محمد رشدي.. قصة نجاح بدأت بورقة من «قمامة» موسيقار الأجيال

الجمعة، 20 يوليو 2018 02:00 م
محمد رشدي.. قصة نجاح بدأت بورقة من «قمامة» موسيقار الأجيال
الفنان الراحل محمد رشدي
زينب عبداللاه

 
 
جاء الصبى القروى محمد عبد الرحمن الراجحي من  بلدته دسوق بمحافظة كفر الشيخ  يحلم بأن يشق طريقه فى عالم الفن والغناء، كان يأمل أن يساعده قريبه الذى يعمل مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، ولكنه فوجئ بأن قريبه يعمل ساعيا فى مكتب الملحن الكبير، تمنى الصبى أن يرى مكتب الأستاذ فاصطحبه قريبه إلى المكتب ليرى المكان الذى تولد فيه روائع الطرب، وبينما يتحسس كرسى موسيقار الأجيال وقعت عيناه على ورقة ملقاة فى صندوق القمامة فمد يده إليها ، قرأها فوجدها أبياتا من الشعر، استأذن قريبه أن يأخذ الورقة، فسمح له قائلا: «طالما الأستاذ رماها يبقى ورقة مش مهمة، خدها».. لم يكن الشاب وقريبه يعلمان حينها أن هذه الورقة ستكون بداية لمسيرة وموهبة فنية فريدة أثرت فى تاريخ الطرب وهزت عرش نجومه وأن صاحبها سيصبح صوتا للفلاحين والعمال.
 
 
فى مثل هذا اليوم الموافق 20 يوليو 1928، كان ميلاد صوت الموال الفنان الراحل محمد رشدى هذا الصوت الذهبى والموهبة التى تعزف على أوتار القلب فيرقص فرحا وطربا وغزلا وحبا وشوقا حين يشدو باسم محبوبته عدوية أو يغنى قولوا لمأذون البلد، و تحت الشجر ياوهيبة، أو يحكى عن مشاعر عرباوى، ويعبر عن مشاعر ولاد البلد من الفلاحين والعمال وأهل بحرى والصعيد، فى مواويله بملحمة أدهم الشرقاوى، حتى قال عنه الشاعر عبدالرحمن الأبنودى قبل أن يراه وقبل أن تبدأ رحلتهما فى الإبداع معا: «الراجل ده لابس تحت البدلة صديري».
 
 
وقبل أن يأتى رشدى من بلدته دسوق إلى القاهرة حفظ القرآن الكريم في كُتّاب القرية، وكان يعشق صوت ليلى مراد، ويحلم بأن يصح مطربا مشهورا، ووعده أحد أعيان بلدته بأن يلحقه بمعهد الموسيقى ويسهل له مقابلة أم كلثوم في حال نجاحه، وبالفعل نجح المرشح بالبرلمان وأوفى بوعده، فأحضر كوكب الشرق إلى دسوق، وأثناء الزيارة قدم لها  محمد رشدي، الذى غنى أمامها «تومبيل يا جميل ماحلاك»، فقاطعته قائلةً: «تعالى يا فلاح.. اسمه أوتوموبيل»، وبعدها أكد النائب ضرورة توجهه إلى القاهرة للالتحاق بمعهد الموسيقى عام 1948.
 
 
من سلة المهملات بدأت مسيرته الفنية، إذ كانت الورقة التى وجدها فى سلة قمامة موسيقار الأجيال أبيات للشاعر حسين طنطاوي، فلحنها لنفسه الكلمات وغناها في اختبارات الإذاعة ولقيت رواجًا.
 
 
وحين سمع  حسين طنطاوي كلماته يغنيها هذا المطرب الناشئ تقدم بالشكوى  لمختلف جهات التحقيق، ولكن رشدى قابله وأنهى معه الأزمة بأن دفع له  3 جنيهات نظير هذه الأبيات.
 
 
و غنى  رشدى أغنية «قولوا لمأذون البلد»، التى حازت شهرة واسعة ولفتت الانتباه إلى هذا الصوت الجديد، ومن الغريب أنه غناها قبل إلقاء بيان الضباط الأحرار أثناء ثورة 23 يوليو، وقتها أبلغه المسؤولون بضرورة مغادرة الإذاعة، وولكنه فوجئ بوجود محمد أنور السادات وبرفقته جمال حماد، لإلقاء بيان الثورة، وسمحا له بالغناء. 
 
 
وبعدها ألف الأبنودى أغنية «تحت الشجر ياوهيبة»، والتى رفض عدد من الملحنين تلحينها حتى وافق عبدالعظيم عبدالحق، وبحث الأبنودى عن رشدى حتى يغنيها، وبالفعل غناها وحققت نجاحا مدويا، وغنى رشدى عدوية فسطع نجمه أكثر وأكثر، وبعدها بدأ تعاون ثلاثى الإبداع رشدى وبليغ حمدى والأبنودى، وقدم رشدى مزيدا من  الروائع ومنها: «طاير يا هوا، ع الرملة، كعب الغزال»، إضافة إلى تألقه فى غناء 85 موالا فى ملحمة «أدهم الشرقاوي».
 
 
شعر عبدالحليم حافظ بالقلق من نجاح رشدى وأراد أن يقدم هذا اللون من الغناء الذى جذب الجمهور، وهو ما دفعه إلى الاتجاه للغناء الشعبي ، فرغب فى التعاون مع الأبنودى وبليغ  وقدم «على حسب وداد قلبي»، و«أنا كل ما أقول التوبة». ومثل محمد رشدي للسينما 6 أفلام، ولكنه لم يكمل مسيرته فى التمثيل، وغنى أغانٍ دينية ووطنية، وظل يعمل ويغنى حتى وفاته وكان آخر البوم له «دامت لمين»، الذى حقق نجاحا واسعا.
 
 
و في عام 1993، أصيب محمد رشدي، بنزيف، ورغم تحسن حالته بعدها إلا أنه خاض صراعا طويلا مع المرض أفضى و تدهورت صحته من جديد، إلى أن توفاه الله في 2 مايو 2005، عن عمر يناهز 77 عامًا، ولم صديق عمره الأبنودى يفارقه حتى أخر يوم فى حياته.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق