جعلونى مجرما.. فى قضية مذيعة بورسعيد براءة الأطفال وجريمة الإعلام

السبت، 04 أغسطس 2018 08:00 م
جعلونى مجرما.. فى قضية مذيعة بورسعيد براءة الأطفال وجريمة الإعلام
زينب عبداللاه

حالة من الجدل والغضب والاستفزاز أثارها فيديو مذيعة بورسعيد الذى تستجوب فيه مجموعة أطفال متهمين بالتهريب.

ويعد هذا الفيديو نموذجا مثاليا لما يمكن أن يرتكبه الإعلام من جرائم فى حق المجتمع ، وكيف يمكنه أن يرسى أسوأ القيم و يؤدى إلى تبرير الجريمة ، خاصة وأن الجريمة الإعلامية فى هذا الفيديو مكتملة الأركان .

 فالمذيعة وقفت موقف القاضى لتحاكم أطفالا يتضح من الفيديو أنهم مجبرون على أن يقفوا أمام الكاميرا ، وكان من بينهم من هو أكثر ذكاءا من المذيعة ،فاستطاع أن يقلب دفة الحوار لصالحه ويكسب تعاطف المجتمع ويضعها  فى موقف حرج ويظهر ضعف حجتها.

فكرة الفيديو فى حد ذاتها تتنافى مع أخلاقيات ودور الإعلام ، فلا يجوز بأى حال من الأحوال إجبار متهم على الوقوف أمام الكاميرا ليدلى بأية اعترافات ، وكل مواثيق الإعلام تحرم وتجرم تصوير المتهمين ، فما بالنا لو كانوا أطفالا ؟ ، وهو الخطأ والجريمة التى يقع فيها الكثير من الإعلاميين ووسائل الإعلام ، ويثير التعاطف مع المتهمين فى أحيان كثيرة ، أو يؤدى إلى التشهير بمتهم لم تثبت إدانته ، وقد يكون بريئا.

ودون أى تقدير لموقف الأطفال وكونهم ضحايا يستغلهم كبار المهربين ، نصبت المذيعة من نفسها قاضيا ووقفت تحاكمهم  وتعطيهم محاضرة فى الأخلاق والقيم وتؤكد أنهم يرتكبون جريمة تضر بالمجتمع ، فوضعت نفسها فى موقف حرج حين واجهها أحد هؤلاء الأطفال ورد عليها بذكاء ومنطق جعله يكسب مزيدا من التعاطف ، بل يبرر أى جريمة يرتكبها هؤلاء الأطفال حتى وإن كانت أكبر من الجريمة المتهمين فيها بحجة الفقر والعوز وإعالة أسر فقيرة ليس لها أى مصدر للرزق ،  وهو ما يحوى خطورة كبيرة فى مبدأ تبرير الجرائم بصرف النظر عن هذه القضية تحديدا.

انتصر الأطفال المتهمون فى هذه القضية بذكائهم وبرائتهم وظروفهم على إعلام يفتقد كل مقومات الوعى و الذكاء الاجتماعى والأخلاقيات المهنية ، فكسبوا تعاطف المجتمع حتى أن المهندس نجيب ساويرس أرسل محامى للدفاع عنهم وإنهاء أزمتهم ووعد بتوظيفهم ، بينما خسرت المذيعة وتخلى عنها الجميع ، واعتذر محافظ بورسعيد عن  الفيديو، مؤكدا أن المحافظة  أبلغت لجنة التضامن الاجتماعى وحماية الطفل بعد القبض عليهم لحمايتهم ، وأدان ما فعلته المذيعة .

وهكذا سيكون مصير كل إعلامى ينسى أخلاقيات مهنته ويسعى لتحقيق مجد إعلامى دون أن يعرف ماله وما عليه ، ودون أن يراعى حقوق المواطنين والمجتمع .

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق