ميادين مصر في قبضة العشوائية.. حكاية 20 فنانا حاصرهم الروتين فتوقفوا عن الجمال

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018 08:00 ص
ميادين مصر في قبضة العشوائية.. حكاية 20 فنانا حاصرهم الروتين فتوقفوا عن الجمال
تمثال مشوه لنفرتيتي في محافظة المنيا

تُقاس حضارة الدول وتقدمها بشكل شوارعها وميادينها وحالة تخطيطها العمراني. كانت مصر قديما متقدمة في هذا الأمر، لكنها الآن تعاني حالة من التراجع في مستوى الجمال والنظام في شوارعها.

وقائع عديدة خلال السنوات الماضية شهدت تشويها للشوارع والميادين بتماثيل ومنحوتات غير جميلة، أو تشويه تماثيل ومنحوتات قائمة بالترميم الخاطئ أو التعامل العشوائي. كان الأمر في حاجة للاستعانة بخبرات فنية ومواهب إبداعية لإنجاز هذه المهمة، وحدث الأمر بالفعل، لكن يبدو أن البيروقراطية كان لها رأي آخر.

في السنوات الماضية، امتلأت ميادين مصر بتماثيل مشوهة، لقادة وعسكريين، وهو الأمر الذي امتلأت به صفحات التواصل الاجتماعي متهكمة على أشباه الفنانين، والتساؤل حول أسباب تجاهل كبار النحاتين أصحاب الأعمال الخالدة تلاميذ العظماء القدامى أمثال الفنان محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر وفتحى محمود صانع تمثال طلعت حرب وغيرهم.

وأمام الوضع المذري سعى جهاز التنسيق الحضارى برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، تنفيذ مبادرة لتجميل ميادين مصر بمختلف محافظاتها، وذلك في مارس 2016، وبالفعل لاقت المبادرة ترحاب واسع من قبل مجموعة من الفنانين التشكيليين والنحاتين وصلوا إلى 20 فنان شاركوا فيها جميعا من أجل إزالة القبح عن عيون المارة والاحتفاظ بجمال البلد.

وتوقفت المبادرة فجأة على الرغم من زيارة المواقع ميدانيا وبداية رسم الماكيتات الأولية لها، وصناعة المجسمات والتواصل مع الأحياء المختلفة التى تقع تلك الميادين، تحت إشرافها المباشر لتقديم الدعم اللازم لعملية التنفيذ، وذلك دون إبداء أسباب واضحة. 

عدد من المشاركين في المبادرة قالوا إنها توقفت دون إبداء أسباب واضحة، وباتت شرارة حماسهم حالة تراخى وانسحاب من المشهد كامل.

حدد المشاركون 15 ميدانا فى عدد من المحافظات وهى «القاهرة والقليوبية والجيزة والإسكندرية» كمرحلة أولى، بشارك فيها 20 فنان تشكيلي ونحات، يعتبرون المبادرة «المشروع الوطنى لتطوير ميادين مصر»، واجبا عليهم، وذلك لأن ما حدث في ميادين مصر أضر بسمعتها الفنية.

وفوجئ الناحتون بعقبات بروقراطية وقفت عقبات أمامهم تسببت في توقفها فجأة، حيث كان من المفترض وجود جهات راعية وداعمة، كجمعيات أهلية، والمستثمرين المدعوين للمشاركة، بحسب تصريحات للمهندس محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضارى.

وأبدى الفنانون استياءهم رافضين تكرار التجربة إلا فى حالة إسناد المشروع لإحدى مؤسسات الدولة القوية وفقا لتعبيرهم، الفنان النحات ناثان دوس يقول: «نعانى من تشوه بصرى في الميادين وعلى الرغم من أننا دولة مؤسسات إلا ان الجهات المعنية بالأمر من وزارة ثقافة ونظيرتها التنمية المحلية ومسؤولى الأحياء وغيرهم كل منهم يعمل فى منأى عن الآخر».

وأضاف: «لدينا فنانين جديرين بعمل تماثيل رائعة، ولكن لا يتم الاستعانة بهم أو لو حدث ذلك يتوقف المشروع فجأة دون إبداء أسباب مثلما حدث مع المبادرة»، متابعا: «من عام ونصف اشتركت فى تلك المبادرة واسند لى مهمة تصميم تمثال أمام متحف الحضارة، وبالفعل نفذت الماكيت الخاص به وبذلنا وقت وجهد وتوقف المشروع فجأة وإذا كان السبب يتعلق بأمور مادية أو أن تكلفة المشروع ستكون عالية فعلينا أن نعى جيدًا أن تنفيذ المشروع كان سيقوم على جهد إنسانى ومواد خام جيدة لننتج شيئا يليق بمصر وحضارتها».

وبحسب الفنان عصام درويش، المسند إليه تجميل ميدان روكسي، تحمسنا للتجربة فى بدايتها بشدة، ولكنه سرعان ما بدأ هذا الحماس يقل تدريجيًا بسبب الإجراءات البيروقراطية، كان لدينا إصرار أن نقدم أعمال محترمة، متابعًا: «قدمت ماكيت للتمثال الخاص بتلك المنطقة وتحمس القائمين على جهاز التنسيق الحضارى له كثيرا وتم تقديمه للحى لإيجاد الدعم اللازم له لبدء مرحلة التنفيذ وكالعادة توقف كل شيء».

وعلق المهندس محمد أبوسعدة رئيس جهاز التنسيق الحضارى، وصاحب المبادرة، أن الجهاز والفنانين المشاركين فى المشروع انتهوا من وضع التصورات الفنية المتعلقة بالميادين المختارة، ولكن تنفيذ تلك الرؤية هو أمر بيد المحافظات والمجالس المحلية، وقد يكون سبب التوقف نقص الامكانيات المادية ومخصصات كل محافظة.

وأضاف أن أول الميادين التي دخلت حيز التنفيذ ميدان الإسماعيلية بمنطقة مصر الجديدة، متابعًا: نحن بحاجة لرصد ميزانية خاصة لتنفيذ هذا المشروع على الأقل فى المناطق والميادين الحيوية فى المحافظات، وبعدها ننتقل إلى القرى ليعم المظهر الجمالى فى جميع أنحاء الجمهورية».

ونفى المهندس محمد زين العابدين رئيس حى مصر القديمة، في تصريحات صحفية عرض أي نماذج لماكيتات خاصة بتجميل تماثيل ميادين مصر القديمة، يوضح: «وزارة التخطيط تحدد لنا أوجه الإنفاق والمخصصات المالية من طرق وأعمدة إنارة وغيرها، ولا يوجد فيها بند خاص بتجميل الميادين أو تطويرها».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق