نهاية دولة المماليك في «مرج دابق»: ذكرى معركة حسمتها الخيانة

الجمعة، 24 أغسطس 2018 10:00 م
نهاية دولة المماليك في «مرج دابق»: ذكرى معركة حسمتها الخيانة
معركة مرج دابق
أشرف أمين

 

«مرج دابق» معركة حربية وقعت بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول والدولة المملوكية بقيادة السلطان قنصوه الغوري في يوم 25 من رجب 922هـ الموافق 24 من أغسطس 1516م في مكان يسمى دابق، وهو اسم لقرية تقع بالقرب من مدينة حلب في شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية.

 

خرج العثمانيون بجيش ضخم يضم 125 ألف مقاتل على وجه التقريب ومعهم 300 مدفعا وعدد كبير من حملة القربينات (بنادق بدائية) وترك سليم ابنَه سليمان نائباً عنه في إسطنبول.

 

كان عدد قوات المماليك في المعركة غير محددة وإن كانت تقدر بخمسة آلاف مقاتل من مصر بالإضافة لجيوش إمارات الشام (من 10 إلى 20 ألف على أقصى تقدير) أبدى المماليك في هذه المعركة كثيراً من الشجاعة والبسالة، وقاموا بهجوم زلزل أقدام جيوش العثمانيين، وأنزل بهم خسائر فادحة وكبيرة، حتى فكر القائد «سليم الأول» في الانسحاب وطلب الأمان من المماليك، غير أن هذا النجاح في القتال لم يدم طويلاً فسرعان ما دب الخلاف بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني وسادت الخيانة بين جيوش المماليك.

 

وسرت إشاعة في جيش المماليك أن الغوري سقط قتيلا، فخارت عزائمهم ووهنت قواتهم، وضاع في زحام المعركة وفوضى الهزيمة والفرار، نداء الغوري وصيحته في جنوده بالثبات والصمود وسقط عن فرسه جثة هامدة من هول الهزيمة، وتحقق للعثمانيين النصر الذي كان بداية لأن يستكمل سليم الأول فتوحاته في الشام وأن يستولي على مدنه واحدة بعد أخرى، بعدها سلَّم معظمها له بالأمان دون قتال.

 

كانت العلاقة السائدة بين دولتي العثمانيين والمماليك مبنية على التعاون لمواجهة الأعداء، و نتج بينهم  العديد من التحالفات، ويظهر ذلك من خلال تعاون الأسطولين العثماني والمملوكي في حربهما ضد البرتغاليين، و بدأت الخلافات بين الدولتين تطفو على السطح مع بدء المشاحنات بين الشاه إسماعيل الصفوي سلطان فارس، والسلطان سليم، حيث سعى كلٌ منهم على حدا لعقد تحالفٍ مع المماليك لمواجهة الطرف الآخر.

 

وكان السلطان سليم الأول اتجه لتوحيد الأمصار الإسلامية لتكون تابعة للدولة العثمانية، وخاصة بعد أن تنامي الوجود الصليبي في المنطقة وسقوط الأندلس التي لم تحاول الدول الإسلامية الموجودة في ذلك الوقت إنقاذها، وأيضًا ظهور البرتغاليين الذين احتلوا بعض القواعد في اليمن وعمان بعد اكتشافهم لطريق رأس الرجاء الصالح.

 

و بسبب الضعف الشديد الذي أصاب دولة المماليك في مصر والشام بحيث أصبحت غير قادرة على صد هجمات البرتغاليين من الجنوب، وهجمات الأسبان من ناحية الغرب.

 

كما كان السلطان سليم شديد الغضب على السلطان الغوري ودولته في مصر؛ بسبب مساعدتها للصفويين أثناء قتالهم مع العثمانيين، وأيضًا لتخاذل المماليك في التصدي لتهديدات البرتغاليين للأمة الإسلامية، وأيضًا لوجود نزاعات بين العثمانيين والمماليك على إمارة ذي القادر في شمال سوريا على الحدود الفاصلة بين الدولتين.

 

وحاول السلطان قنصوه الغوري تهدئة الأمور بعدما أحس بعزم سليم الأول على مهاجمة دولته، فأرسل إليه سفيرًا ليمتص غضبه، ولكن سليم الأول لم يستمع لهذه المحاولات وقام بطرد السفير وتوجه بجيوشه إلى الشام، وعندما علم السلطان الغوري بذلك لم يجد مفرًّا من إعداد العدة لمواجهته، فأعد جيوشه وتوجه للقاء العثمانيين.

 

وقد نجح السلطان سليم الأول في استمالة ولاة بلاد الشام المماليك إلى جانبه ووعدهم ببقائهم في إماراتهم إذا ما تم له النصر على السلطان الغوري، ثم سار بجيشه لملاقاة المماليك عند «مرج دابق» بالقرب من حلب في (25 من رجب 922هـ/ 24 من أغسطس 1516م)، واحتدم القتال العنيف بينهما، وأبدى المماليك في بداية هذه المعركة ضروبًا من الشجاعة والبسالة، وقاموا بهجوم خاطف علي العثمانيين، وأنزل بهم خسائر كبيرة.

 

ولكن دب الخلافات بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني بقيادة الأمير المملوكي «خايربك»؛ فتسلل ولاة الشام بجيوشهم وانضموا للعثمانيين، فضعف أمر المماليك وهزموا هزيمة منكرة وتمزقت قواتهم، وسرت إشاعة في جيش المماليك أن الغوري سقط قتيلا، فخارت عزائمهم ووهنت قواتهم، وفرّوا لا يلوون على شيء، ولم تفلح محاولات الغوري في تجميع جيشه بنداءاته وصيحته في جنوده بالثبات والصمود، وسقط عن فرسه جثة هامدة من هول الهزيمة، وتحقق للعثمانيين النصر الذي كان بداية لأنْ يستكمل سليم الأول فتوحاته في الشام، وأن يستولي على مدنه واحدة بعد أخرى، بعدها سلَّم معظمها له بالأمان دون قتال.

 

وبهذه المعركة أصبحت الشام في قبضة سليم الأول، أي ما يعادل نصف دولة المماليك، وأول سقوط هذه الدولة ذات الأمجاد السابقة، ثم واصل السلطان سليم زحفه إلى القاهرة، وتمكّن من دخولها بعد أن انتصر على المماليك في موقعة الريدانية، وبذلك قضت الدولة العثمانية علي سلطة المماليك.

 

فتح الانتصار للعثمانيين في هذه المعركة الباب لدخول دمشق فدخلها سليم الأول بسهولة. وبدأ بالتجهيز لغزو مصر والقضاء على الدولة المملوكية بعد أن أحكم سيطرته على الشام. وفى مصر قام المماليك بتنصيب طومان باي سلطاناً وبدءوا في التجهيز لصد العثمانيين. إلّا أن تكاسلهم وتقاعسهم وخيانة بعضهم كان كفيلاً بسقوط الدولة وهزيمتهم في معركة الريدانية ومن ثم استيلاء العثمانيين على مصر وانتهت دولة المماليك في مرج دابق.

 

تعليقات (1)
الفبريكه
بواسطة: حبيبه
بتاريخ: الأحد، 28 نوفمبر 2021 02:45 ص

جميل جداجدا

اضف تعليق