أطفال الشوارع (2)

الثلاثاء، 04 سبتمبر 2018 02:40 م
أطفال الشوارع (2)
سمر جاد تكتب:

 
ما يزال "سعيد" محتجزاً فى إحدى دور الأحداث، لم يعد يعلم كم من الوقت مضى منذ آخر يوم أمضاه فى الشارع...ذلك الشارع الذى كان بيته الوحيد منذ كان فى السابعة...إنه مدان بالإتجار بالمخدرات....كيف تأخذنا شفقة بهؤلاء الذين يعيشون على حساب تدمير عقول شبابنا...ولكن هل كان هناك خيار أمام "سعيد"؟
لقد إختار الطريق الخاطئ، لأنه كان الطريق الوحيد الذى عرفه.لقد كان فى السابعة عندما فر من دار الأيتام ،هرباً من سوء المعاملة،  فوجد نفسه وحيداً فى تلك الحياة، يصارع من أجل البقاء ، فى حين من هم فى مثل سنه، إنما يلعبون و يلهون، والأهم،  أنهم يجدون من يوجههم فى الاتجاه الصحيح ؛فمع غياب الأهل، و المدرسة و غياب الدور المجتمعى و تردى مؤسسات الإيواء، وقع "سعيد" و أمثاله فريسة للاستغلال، لأغراض بعيدة كل البعد عن الإنسانية.
نعم هناك جهود غيرعادية تبذلها حالياً وزارة التضامن الاجتماعى من أجل استقطاب أمثال "سعيد" ولكن هل تلك الجهود وحدها تكفى؟
أمام الوزارة تحديات كبيرة للقضاء على  تلك الظاهرة و على وجه السرعة، لتفادى إنفجار تلك القنبلة الموقوتة فى وجوهنا جميعاً..
والحل يتطلب العمل على محورين، الأول  من خلال استقطاب الأطفال الموجودين حالياً فى الشوارع و الذين يزيد عددهم  على 16 ألف طفل فى مصر.
و تقوم وزارة التضامن بتدريب العاملين فى دور الأيتام ، و دور الأحداث ليصبحوا مؤهلين للتعامل مع الأطفال، كما تراقب أدائها بشكل مكثف من خلال كاميرات مراقبة فى الدور، و من خلال حملات تفتيش مكثفة على مدار الساعة.
كما أطلقت الوزارة برنامج ( أطفال بلا مأوى) و الذى يهدف إلى  تقديم الرعاية و إعادة تأهيل أطفال الشوارع لدمجهم فى المجتمع.ولقد قامت الوزارة بدراسة تجارب دول شرق آسيا و على رأسها كمبوديا فى مواجهة تلك الظاهرة.و تتعاون 27 منظمة من منظمات المجتمع المدنى ، و المجلس القومى للأمومة و الطفولة مع الوزارة  فى هذا البرنامج.
و لكن ما الذى يدفع بهؤلاء الأطفال إلى الشارع ؟؟ هذا هو المحور الثانى الذى يجب العمل عليه .
و الأسباب فى الحقيقة ،لا تخفى على أحد...فهى أسباب اقتصادية تؤدى إلى تخلص الأهل من الأطفال و تركهم فى الشارع و علل إجتماعية أصابت مجتمعنا مثل انتشار العشوائيات,و العنف الأسري ، و أطفال الزنا.
ولذلك يتعين وجود تشريع قانونى يجرم إهمال الأبوين لأولادهم بتركهم فى الشارع أو للعنف المفرط معهم، و على الدولة توفير مظلة تأمين اجتماعية و اقتصادية تكفل لأطفال الشوارع حياة كريمة، مع تفعيل دور المجلس القومى للأمومة و الطفل و زيادة قدراته التمويلية،وكل هذا من شأنه تجفيف المنابع.
والأهم من هذا و ذاك ألا ننسى أن وزارة التضامن على الرغم من الجهود التى تقوم بها مشكورة، لن تستطيع وحدها حل تلك المشكلة. ففى كامبوديا، كان إنخفاض مستويات الفقر بها من 50% فى عام 2007 إلى ما لا يزيد عن 20% عام 2012 هو السبب الرئيسى فى تقليص ظاهرة أطفال الشوارع.
فارتفاع معدلات الفقر فى كمبوديا ،هى التى دفعت بنسبة كبيرة من الأطفال من سن  5 إلى 17 سنة إلى الانخراط فى نشاطات اقتصادية مما جعل متوسط سن العمل فى كمبوديا لا يتعدى ال10 سنوات...
وهناك كما هو الحال فى مصر، فإن الموروث الثقافى  لشريحة لا بأس بها من المجتمع ،يسمح لكل أفراد العائلة بالمساهمة فى إعالة الأسرة ... بل و يحتم عليهم ذلك لمواجهة الفقر، حتى أصبح التسول مهنة متعارف عليها بين هؤلاء الأطفال.
ولكن تلك المهنة و غيرها من الأعمال غير المشروعة، التى يجد أطفال الشوارع أنفسهم منساقين إليها، إنما تلحق بهم أضراراً نفسية لا طائل لهم بها...فهم يشعرون بأنهم غير جديرين بالنجاح...بل أحياناً غير جديرين بالحياة..مما يجعل من عملية تأهيلهم عملية معقدة ، تحتاج إلى متخصصين نفسيين ، ولكنها خطوة ضرورية لإعادة إدماجهم بنجاح فى المجتمع.
إن استقطاب هؤلاء الأطفال لتصحيح مسارهم يحتاج إلى جهد مجتمعى، و يمكن لمن يريد أن يكون له دوراً إيجابياً لإنقاذ مستقبل هؤلاء الأطفال أن يتطوع فى برنامج حماية أطفال بلا مأوى و ذلك من خلال ملء استمارة بيانات على موقع وزارة التضامن الاجتماعى للتواصل معهم أو التوجه إلى مقر البرنامج داخل الوزارة فى العجوزة.
وإذا وجدت طفلاً بلا مأوى و أردت مساعدته فى الانضمام إلى إحدى الدور المراقبة من قبل الوزارة فيمكنك الاتصال على الخط الساخن 16000 .
 
ولقد طلبت من القراء-فى مقالى(أطفال الشوارع) بتقديم اقتراحاتهم لحل تلك المشكلة  فاسمحوا لى أعرضها  لكم مع كامل احترامى و تقديرى لكل الآراء  :
 أستاذة ماهى تقول:  إن الحب والحنان يصنعون المعجزات يجعلون الشخص السيئ يخرج الخير الذي بداخله ولكن كيف نامن لهؤلاء الاطفال الحب والحنان والامان فيجب على المجتمع تقبل ظروفهم ويجب ايضا ان يكون هنالك رقابه حقيقيه على كل دار ايتام وعلى كل مواطن يرى طفل في الشارع ان يعامله معامله حسن لقد علمنا رسول الله ان لانقهر اليتيم والا نرد السائل . و اقتراح بخصوص سعيد لما لا يتخذه الضابط شاهد على هؤلاء التجار عديمي الانسانيه الذين يستغلوا قسوة الحياه على هؤلاء الاطفال ويعطيه فرصه اخر للحياه مع توجيهه بكل الحب للطريق الصحيح وحينها سنكسب جميعا مواطن صالح بدل من مجرم وراء القضبان .
أستاذة نانسى تقول : ارجو من الله ان نجد حلاً لأطفال الشوارع وان يوجد دور لرعاية هؤلاء الاطفال ليس فقط اطعامهم وكسائهم وانما ايضا تعليمهم حرفة تفيدهم وتفيد المجتمع."
أستاذة ثناء  تقول :"هؤلاء الأطفال هم حقاً قنبلة موقوتة يجب أن يتم احتواءهم و بأقصى سرعة...من خلال مدارس عسكرية تحتضنهم و تعودهم الالتزام و الانضباط.أحيي الكاتبة على إثارة هذا الموضوع المهم للغاية."
أستاذة سلوى تقول: "يجب فى رأيى إحكام الرقابة على دور الأيتام و على مؤسسة الأحداث كذلك فالهدف يجب أن يكون التقويم أكثر منه العقاب. موضوع رائع....وأشكر الكاتبة على فكرة أن نشاركها أفكارنا."
أستاذ باسم يقول : "إن ظاهرة أطفال الشوارع تمس أمننا القومى....فهم أول من يتم استغلالهم من قبل الارهابيين.أرى أن وزارة التضامن تتخذ بعض الخطوات الجيدة فى هذا المجال..لكن مازلنا نحتاج للكثير بدون شك."
د.أحمد ضيف يقول: "الموضوع الذى اختارته الكاتبه الحساسه من الموضوعات التى تدمى القلوب واعتقد ان مشكلة اطفال الشوارع تكمن فى اخذها بجديه من جانب الدوله التى يجب ان تعيد تشكيل ورعاية ومتابعة دور الرعايه والملاجئ والتعامل مع هؤلاء الاطفال على انهم مشروع رجال صالحين وليس مجرد النظر اليهم على انهم مشكله من مشاكل الدوله."
أستاذة منال تقول: "مقال مؤلم ووضح كمية القسوة في المجتمع ولكن كما بنينا 57 وكم الدعاية والاعلام ممكن بناء دور للرعاية واعادة التأهيل بما في ذلك اقسام الشرطة مع الحث علي الرحمة في التعامل مع الاطفال."
 
و ختاماً كما قال سيدنا عمر رضى الله عنه : ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته)....فدعونا نحارب الفقر.
 

 

تعليقات (5)
جيتار سعيد
بواسطة: منال سعد
بتاريخ: الثلاثاء، 04 سبتمبر 2018 04:47 م

معك في الاستمرار في حملة اطفال الشوارع ولكن لي سؤال هل هذة الظاهرة موجودة في الدول المتقدمة

اطفال الشوارع 2
بواسطة: انجي حازم
بتاريخ: الثلاثاء، 04 سبتمبر 2018 05:03 م

موضوع التعليق حيوي اوي و احي الكاتبة علي المقالة الراءيعة و الموضوعية جدا لان اطفال الشوارع يعتبروا قنبلة موقوتة محتاجين حلول كثيرة لمشكلاتهم و احي الكاتبة مرة اخري بصراحة علي وضعها رقم الخط الساخن لوزارة التضامن الاجتماعي للابلاغ عن أي اطفال في الشارع،لان دي مشكلة محتاجة تعاون من جميع الاطراف،الدولة و المجتمع واطفال الشوراع نفسهم

مقال مثير للاهتمام
بواسطة: huda
بتاريخ: الثلاثاء، 04 سبتمبر 2018 09:51 م

صمت كثيرون عن التحدث فى مثل هذا الموضوع منذ فترة طويلة حيث لا يوجد نتيجة للقضاء على ظاهرة اطفال الشوارع نشكرك على احياء هذا الموضوع واستمرى ونحن معك واقتراحى ان يتم عمل دوريات "مستمرة" من الشرطة للقبض على الاطفال وتجميعهم لتعليمهم ما يفيدهم ويفيد مجتمعنا ارحم واكرم لهم من الشوارع وفسادها

اطفال الشوارع والاقتصاد
بواسطة: د. احمد ضيف
بتاريخ: الثلاثاء، 04 سبتمبر 2018 10:48 م

من المؤكد ان هناك ارتباط وثيق بين انتشار ظاهرة اطفال الشوارع والحاله الاقتصاديه للدوله ... ونرجو من الله ان يأتى اليوم الذى نرى فيه الدوله تعتبر ان حل مشكلة اطفال الشوارع لا يقل اهميه عن اى مشروع قومى تهتم به الدوله وتتضافر جهود كل الوزارات والهيئات لتنفيذه وذلك بالطبع لن يحدث الا بعد حدوث تحسن ملموس فى الحاله الاقتصاديه.

شكروامتنان وتقدير للكاتبه العظيمه
بواسطة: Mahy
بتاريخ: الأربعاء، 05 سبتمبر 2018 11:51 ص

اشكرك اولا على اهتمامك بالكتابه عن هؤلاء الاطفال واشكرك ايضا على وضع تعليقي في مقالك وارجع مره اخره و اقول انهم في امس الحاجه للحنان وليس الشده يجب ان تتوافر شروط معينه في من يعملون في دور الايتام اولها الحنان والحكمه ،فاني اعتقد ان الشخص الذي يمتلك الاثنين يمكنه ان يعوضهم الحنان الذي فقدوه والحكمه في تربيتهم التربيه الصحيحه والصبر على اخطائهم وتعليمهم منها وتصحيح سلوكهم . شكرا شكرا للكاتبه العظيمه سمر جاد

اضف تعليق