المانيا: إعادة اكتشاف أشرس صياد للنازيين بفضل السينما
الأحد، 03 يناير 2016 04:37 م
يعيد الألمان اكتشاف شخصية المحقق فريتز بوير، الذي انخرط في ملاحقة النازيين ومحاكمتهم بعد عقود طويلة من النسيان، وذلك بفضل فيلمين ابصرا النور في اقل من عام.
و«فريتز بوير» هو ابن عائلة يهودية عانت من اضطهاد النازيين، لكنه لم يكن مؤمنا بديانة والديه، بل كانت دوافعه السياسية والاجتماعية هي قناعاته الاشتراكية اليسارية.
ولسنوات طويلة، كان بوير ابغض المحققين في قلوب الالمان بعد الحرب العالمية الثانية، اذ كان ينظر اليه على انه يزدري الامة الالمانية الناهضة من ركام الحرب والنازية.
ورأت صحيفة سودويتشي تسايتونغ ان تجسيد شخصية المحقق في هذين الفيلمين ونضاله الشرس بعدما تناولته افلام وثائقية عدة "تضعه أخيرا في الموقع الذي ينبغي ان يكون فيه: في الضمير الجمعي" للامة الالمانية.
ويروي فيلم "متاهة الصمت" للمخرج جوليو ريكياريلي والمرشح لجوائز اوسكار للعام 2016 واحدا من نضالاته الكبرى، حين قدم للمحاكمة 22 نازيا عملوا في معسكر اوشفيتز، كاشفا للرأي العام آلية عمل هذا المعسكر الرهيب.
وكان لهذه المحاكمة التي جرت بين العامين 1963 و1965 في فرانكفورت تأثير كبير على الراي العام، فقبل ذلك كان الالمان يظنون ان الصور المنشورة عن معسكرات الاعتقال كانت جزءا من دعاية الحلفاء، بحسب ما يروي القاضي ايراردو كريستوفورو روتنبرغ لصحيفة دي تسايت.
كسر الصمت
وكانت جهود المحقق تواجه انتقادات شديدة، ففي احدى المرات قال له احد زملائه "أتريد ان يتساءل كل شاب الماني حول ما ان كان والده قاتلا؟"، فأجابه "نعم، هذا ما اريده تماما".
اراد بوير "كسر الصمت حول جرائم النازية" في الوقت الذي كانت المانيا الغربية السائرة بعد الحرب الثانية على طريق ما يعرف بالمعجزة الاقتصادية، ترغب بطي صفحة الماضي، بحسب رونين شتاينك الذي كتب سيرة للمحقق.
وجعله ذلك هدفا لمجموعات النازيين الجدد، وعرضة لمحاولات اغتيال.
ويروي الفيلم الثاني "فريتز بوير بطل الماني" للمخرج لارس كروم محاكمة المسؤول النازي ادولف ايخمان، والتي جعلته عرضة لمزيد من الضغوط والتهديدات والعداء.
وكان يقول "ما ان اخرج من مكتبي حتى اشعر اني في أرض معادية"، في وقت كانت فيه دوائر القضاء تعج بالموالين للنظام النازي السابق، بحسب المؤرخ فرنر ريتز صاحب كتاب "فريتز بوير وفشل العدالة".
وقد سلم المحقق وثائق الى السلطات الاسرائيلية اتاحت توقيف ايخمان ومحاكمته في الوقت الذي كان القضاء الالماني مترددا ولم يطالب بتسلم المسؤول النازي لجعله يمثل امام محاكمه.
- انتصار متأخر -
كان بوير منخرطا في قضايا اصلاحية متعددة، من تأهيل المقاومة الالمانية ضد النازية الى اصلاح السجون، وقد كبر تأثيره بعد وفاته، سواء في المحاكم أو في خارجها.
ومع انه لم ينجح في فرض وصفه لمعسكرات الاعتقال النازية بانها "مؤسسات للموت الجماعي" اثناء محاكمات فرانكفورت، الا ان وجهة نظره اصبحت حقيقة سائدة بعد خمسين عاما، وحضر هذا الوصف في محاكمة جون ديميانيوك في العام 2011 ومن ثم في محاكمة اوسكار غرونينغ صيف العام 2015.
في يوليو من العام 1968 وجد بوير ميتا في حمام منزله في ظروف غامضة، لكن افكاره ما زالت مفيدة "لجيل شاب يطالب بديموقراطية المجتمع والقطع مع التراث الاستبدادي"