لهذا خلق الله الندم.. هل يرفع أردوغان شعار حسن البنا بعد سبعة عقود من اغتياله؟

الإثنين، 24 سبتمبر 2018 02:00 م
لهذا خلق الله الندم.. هل يرفع أردوغان شعار حسن البنا بعد سبعة عقود من اغتياله؟
رجب طيب أردوغان
بيشوى رمزى

 
 
"لهذا خلق الله الندم".. ربما كانت الكلمة الأخيرة التي يذكرها التاريخ لمؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا، قبيل اغتياله فى عام 1949، عندما وجد نفسه عاجزا عن ترويض الوحش الذى أنشأه بيده، فأصبح سفك الدماء شعارا الجماعة فى تلك الفترة، حيث استهدفوا القضاة والمسئولين فى الحكومة المصرية فى ذلك الوقت، وعلى رأسهم القاضى أحمد الخازندار، بينما خرج حينها قيادات الجماعة، وعلى رأسهم قائد التنظيم الخاص عبد الرحمن السندى عن طاعة المرشد المؤسس، والذى اتسمت نهايته بطابعها المأساوى ذو الشكل الدرامى بمقتل الرجل، الذى نجح فى استحضار العفريت بينما فشل فى أن يصرفه فى نهاية الأمر.
 
لكن بالرغم من مرور أكثر من سبعة عقود كاملة على هذا المشهد، فإنه يبدو متكررا، وإن كان الأمر أصبح على نطاق أكثر اتساعا، فإذا كان البنا يسعى ليجد لنفسه مكانا على الساحة السياسية فى مصر عندما أسس جماعته، عبر تربية جيل من المتطرفين، رأى فيهم القدرة على فرض كلمته على المجتمع، فهناك من يحمل نفس الطموحات المتمثلة فى الهيمنة والنفوذ، لكن ربما على المستويين الإقليمى والدولى، وهو ما يبدو واضحا فى السياسات التى تبناها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان منذ بداية وصوله إلى رأس السلطة فى بلاده عام 2002، حيث كان حلم استعادة الخلافة الإسلامية دائما ما يداعب خياله، بينما انتهج كافة الأساليب التى تمكنه من أسر القلوب عبر تبنى الشعارات الدينية البراقة، ليتحول بعدها نحو العنف والفوضى فى سبيل تحقيق طموحاته، ولكن ربما ستصبح النهاية واحدة وهى الفشل.

الحلم يتحول إلى كابوس.. أردوغان يواجه نفس معضلة البنا 
 
لعل الاتفاق الأخير الذى أبرمه أردوغان مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، هو بداية النهاية لحلم النفوذ والهيمنة، الذى طالما سعى نحوه الرئيس التركى طيلة السنوات الماضية، عبر تقديم الدعم لجماعات العنف فى العديد من دول المنطقة، لتكون السند والداعم له لتحقيق طموحاته الإقليمية التوسعية على حساب القوى الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يقوم الاتفاق، والمعروف باسم "أتفاق إدلب" على تجريد الميليشيات من أسلحتها، وتفكيكها، وعلى رأسها جبهة النصرة.
 
إلا أن نهاية الحلم ربما لا تمثل الكابوس الوحيد للرئيس التركى ونظامه الداعم للإرهاب، وإنما يبقى التحدى الحقيقى متمثلا فى قدرته على الوفاء بالتزامه الذى قطعه أمام الرئيس الروسى بالقيام بمثل هذا الدور، خاصة أن قيادات تلك الميليشيات ربما لا يأمنون على أنفسهم إذا ما تخلوا عن أسلحتهم، فى ضوء تواتر الحديث عن احتمالات قيام الجيش السورى بغارات ضد معاقل ضد التنظيمات فى إدلب بدعم من روسيا، وهو ما يضع أردوغان أمام نفس المعضلة التى سبقه فى مواجهتها مؤسس الجماعة الإرهابية الأم قبل قرابة سبعة عقود من الزمان، ألا وهى مدى قدرته على ترويض الوحش الذى قام بتربيته.
 
بين حجرى الرحى.. تركيا بين انقلاب الميليشيات وغضب المجتمع الدولى
 
لكن يبقى الرئيس التركى بين حجرى الرحى، ففى الوقت الذى لا يمتلك فيه أردوغان القدرة على تحدى الأوامر الروسية فى ضوء الوضع الدولى المتأزم لأنقرة فى المرحلة الراهنة، جراء توتر علاقتها مع حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة والقوى الرئيسية فى أوروبا، تبقى الأوضاع الاقتصادية والأمنية فى الداخل التركى تحديا أخر، إذا ما فشل أردوغان فى احتواء غضب الميليشيات الموالية له، حيث يمكن أن تشن تلك الجماعات موجات جديدة من الهجمات الإرهابية فى سوريا تدفع ألاف السوريين إلى التدفق نحو تركيا وهو ما يضع المزيد من الضغوط على الاقتصاد التركى الذى يعانى انهيارا كبيرا بسبب الانخفاض الكبير الذى تعانيه الليرة التركية فى المرحلة الراهنة، والعقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة على أنقرة فى الأسابيع الماضية.
 
وربما لم تقتصر موجات الهجرة من الأراضى السورية إلى تركيا على اللاجئين، وإنما قد تمتد إلى عناصر الجماعات الإرهابية، والذين قد يتجهوا إلى الأراضى التركية ربما ليجدوا فيها ملاذا آمنا، فى ظل نهج أردوغان القائم على فتح بلاده أمام عناصر التنظيمات الإرهابية لحمايتهم من القصاص العادل فى بلدانهم، وهو ما يمثل تهديدا صريحا لأمن تركيا فى المستقبل، خاصة وأن الأعراف المجتمعية فى تركيا ربما لا تروق كثيرا لعناصر تلك الميليشيات فى المرحلة المقبلة، كما أنهم ربما ينظرون للنظام التركى نفسه باعتباره هدفا له خاصة بعد صفقته مع النظام الروسى، والتى قد ينظرون لها باعتبارها خيانة.
 
تنازلات أردوغان.. الرئيس التركى لم يأبه بدراسة التاريخ
 
وهنا ربما لم تقتصر كلمة النهاية على مجرد حلم الهيمنة والنفوذ، وإنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، خاصة وأن الرئيس التركى عندما أقدم على دعم تلك الميليشيات لم يأبه بمراجعة تاريخهم ودراسته دراسة متأنية، وبالتالى فإن انقلابهم عليه لا يبدو أمرا مستبعدا، خاصة وأنه يقدم على تقديم التنازلات على حسابهم كلما زاد الخناق المفروض عليه من قبل المجتمع الدولى، وهو ما يبدو واضحا ليس فقط فى اتفاق إدلب، ولكن فى العديد من المواقف الأخرى من بينها إقدامه على اعتقال عناصر موالية لجماعة الإخوان الإرهابية تزامنا مع فوز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة فى نوفمبر 2016، والمعروف بتوجهاته المناوئة للجماعة، بالإضافة إلى قيام السلطات التركية بالقبض على مقدم البرامج بقناة الشرق الإخوانية هشام عبد الله الشهر الماضى بسبب عدم امتلاكه أوراق للإقامة.
 
الرئيس التركى ربما يواجه العديد من المعطيات الصعبة فى المرحلة المقبلة، تزايد الضغوط عليه بصورة كبيرة، وبالتالى ستكون الخسائر المحتملة جراء سياساته الداعمة للميليشيات المتطرفة كبيرة للغاية، وسيدفع نظامه والشعب التركى كذلك ثمنها، وهو ما قد يدفع إلى تكرار كلمات مؤسس الجماعة الإرهابية، التى ربما كانت بمثابة ملهمة له ولنظامه طيلة السنوات الماضية.
 
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق