الوصول للتختة الأولى.. تاريخ من المعارك والمحسوبية هروبًا من لقب «البليد»

الخميس، 27 سبتمبر 2018 02:00 ص
الوصول للتختة الأولى.. تاريخ من المعارك والمحسوبية هروبًا من لقب «البليد»
كتب| أحمد قنديل

يستعد كلا المنافسين، للدخول بالمعركة السنوية التي تخاض في الأشهر الأخيرة من كل عام، فيقف كل منهما بجانب يلتقط أنفاسه، التي يحسب كل منهم احتمالية أن تكون الأخيرة، لعلمهم يقينًا أن معركتهم قد يكون نهايتها الموت للخاسر، بينما يحصد الفائز هدفه المنتظر الذي أوصاه ذويه على الوصول إليه مهما كان الثمن المدفوع.

لم يكن الوصف خاص ببطولة قتال عالمية معقودة، وإنما هو مشهد قريب لما يعيشه التلاميذ في مصر تزامنًا مع بداية كل عام دراسي جديد في شهر سبتمبر، فلم تكن الحادثة المشهورة إعلاميًا التي وقعت في محافظة الدقهلية بأول يوم دراسي والتي تضمنت مقتل تلميذ إثر تدافع التلاميذ سعيًا لحجز المقعد الأول في الفصل الراسي، هي الأولى من نوعها، فكم من حالات اختلفت في نتائجها وتشابهت في مضامينها.

"الديسك الأول ده كان حلم ياما جريت عليه لكن عمري ماشفته".. بهذه العبارات استرجع المهندس أحمد طه ذكرياته خلال فترة الدراسة، وتحديدًا عندما كان في المرحلة الابتدائية منذ 14عامًا، مؤكدًا أن هذا الحدث منذ قديم الأزل ومازال مستمر.

صورة تعبيرية - ازدحام الفصول
صورة تعبيرية - ازدحام الفصول
ويقول طه، في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، "اذكر جيدًا أنه في أول يوم دراسي في الصف الثاني الابتدائي كنت على مقربة من الوصول أولًا إلى الفصل بعد انتهاء طابور الصباح، لأكون أول من يلحق بالمقعد الأول كما كان والدي يوصيني ويعدني بالمكافأة في حال تحقيقي ذلك، ولكن فوجئت أن كان هناك زميل دفعني من الخلف ويحجز لأصدقائه الجلوس بجواره، ما جعلني مضطرًا للجلوس بالمقعد الثاني".

ويضيف، "عندما عدت في هذا اليوم إلى المنزل وأخبرت والدي بما حدث، وجدته يعبر لي عن سعادته بوصولي للمقعد الثاني وكانت مكافآتي هذا اليوم بإهدائي الحلوى التي أحبها"، مشيرًا إلى أن الأهالي يعتقدون بالخطأ أن المقعد الأول سيجعل المعلومة الدراسية تصل بشكل أفضل إلى التلميذ.

ويتابع: "كان هناك بعض الطلاب لا يكترسون لهذه المعركة التي تدور كل عام من الأساس، بل كانوا يبحثون عن المقاعد الخلفية، حتى يضحوا بعداء عن أعين ومتطلبات المعلمين وكذلك أسئلتهم، وكان يطلق على هذا الشخص لقب (البليد)، بينما كانوا الآخرون يتنافسون عدوًا من أجل اللحاق بالمقعد الأول، وأحيانًا يصل الأمر للاقتتال من أجل هذا ويصاب البعض إثر العنف الجسدي".

صورة تعبيرية - ازدحام المدارس

صورة تعبيرية - ازدحام المدارس
ومن جانبها، قالت ربة المنزل همت سعيد، إنها لم تكن تكيل اهتمام بشأن حال أطفالها في المدارس وكذلك عن المعركة الدائرة كل عام في المدارس مع بداية العام الدراسي، مشيرة إلى أن زوجها قبيل وفاته كان يعمل معلم وله معارف جيدة بالمدرسة التي كان يدرس بها أبناؤها، وهو الأمر الذي عاد عليهم بالنفع، فكانت المقاعد الأولى دائمًا من نصيبهم سواء بالحجز أو من خلال إجبار المدرسين لزملائهم بالعودة إلى الخلف وتفريغ المكان من أجل أن يجلس أبنائها.

في ذات السياق، علق عبد الله أحمد – مهني بالأعمال الحرة، حول معركة "الديسك الأول"، "لم أكن أشغل بال أولادي بهذه المسألة فكنت أخاف عليهم من التدافع، وأن يتسبب ذلك بمكروه لهم، فكنت أذهب بنفسي إلى المدرسة وأحجز لهم المقعد"، موضحًا أن حارس المدرسة كان يساعده على ذلك بعد أن يقوم بالدفع له.

ويضيف، "من المعروف لدينا أن التلميذ يكون أفضل عندما يجلس في الأمام قريبًا من معلمه، فذلك سيمنعه من الشرود خلال الحصة، ويبقى طوال الوقت منتبها ويجعله منتبهًا طوال الوقت".

وواصل: "قاعدة جميعنا نعرفها منذ الصغر ونورثها لأبنائنا، إن التلميذ الذي يجلس في مؤخرة الفصل هو شخص "بليد" وسيكون مستقبله غير جيد"، لذا يجب الهروب من هذا اللقب.

صورة تعبيرية - الفصول الدراسية

صورة تعبيرية - الفصول الدراسية
أكد مايكل فارس - صحفي، أنه كان يجلس في الصف الأمامي من الفصل، بسبب كون والديه يعملا بالإدارة التعليمية بمحافظة سوهاج، وهو ما كان يجعل العاملون بالمدرسة يساعدوه على ذلك، مشيرًا إلى أنه حتى في حال سبقه زميل وجلس في المقعد الأول، كان المعلمين يطالبوه بالتخلي عن مكانه.

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة