حرب أكتوبر.. تحولات الاقتصاد من الاستنزاف إلى التعبئة ومن الانتصار للتنمية

الأربعاء، 03 أكتوبر 2018 08:00 م
حرب أكتوبر.. تحولات الاقتصاد من الاستنزاف إلى التعبئة ومن الانتصار للتنمية
مدينة نويبع
كتب: مدحت عادل

تبقي الحروب دائما هي التجربة الأكثر قدرة على ترك الأثر في مصير الدول والبصمة على الأرض، فكل ما تملكه الدولة من مقومات بشرية واقتصادية أصبح علي المحك ورهن الاختبار، ومن بعدها إما إلي الصعود والنمو أو إلي الهلاك.

وفي حرب السادس من أكتوبر عام 73، شهدت الدولة المصرية تحولات اقتصادية كبيرة في فترات ما قبل الحرب وبعده، فكان منطق الإعداد للحرب هو السائد والغالب علي الوضع الاقتصادي في تلك الأوقات، من أجل تسخير وتعبئة كافة الموارد المتاحة لتمويل الحرب على خط المواجهة العسكرية، ولكن كيف مرت تلك الأيام علي المواطن المصري الساعي لتلبية احتياجاته اليومية والثأر لاسترداد الأرض.

مر الاقتصاد المصري بنقط تحول وتحديات كبيرة قبل حرب 73، حيث خرجت مصر من حرب 67 بخسائر اقتصادية كبيرة نتجت عن حالة لا سلم ولا حرب قدرت بنحو 635 مليون دولار، من بينها عائدات قناة السويس التي توقفت والسياحة في سيناء، بالإضافة إلي الإيرادات البترولية التي تعدت المليار جنيه في 5 سنوات، انخفض معدل النمو إلي -3 ، وتراجع معدلات نمو القطاع التجاري إلي -4.

وبعد حرب 67 تم تخصيص ما يقرب من 20% من الدخل القومي للتسليح، وتعبئة مليون جندي على خطوط القتال لـ 5 سنوات متتالية، وهو ما يعزز الضغوط على الاقتصاد المصري المحاصر في ذلك الوقت، ولكن سرعان ما ارتدت مؤشرات الاقتصاد المصري نحو الارتفاع مرة أخري، عن طريق تعويض خسائر الاقتصاد من حصيلة الضرائب والجمارك، حيث ارتفعت الحصيلة الإجمالية للضرائب بنسبة 19.17% في الفترة من عام 1970 وحتى 1973.

وخلال السنوات الثلاث، ارتفع معدل النمو الصناعي إلي 4.9%، وسجل عام 1970 نسبة 28% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بينما حقق القطاع الزراعي ثباتا لاعتماد تمويله علي رأس المال المجتمعي والأهلي بشكل كبير، بينما لم يتأثر القطاع التجاري كثيرا وبلغ ذروة النمو إلي 33% عام 1973.

نويبع
 

وصاحب سنوات التحول الثلاث من وضع الاستنزاف إلي الحرب تغليب فكرة الاقتصاد الموجه بتدخل الدولة بتفاصيل الإنتاج، حيث تم التوقف عن استيراد بعض السلع وحتى التصنيع المحلي منها مقابل دعم التوجع لصناعات أخري لها أولوية مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والتصنيع الغذائي، لدعم المجهود الحربي.

بعد حرب 73، بقيت معركة أخري علي الجبهة الاقتصادية، وهي مرحلة التعمير لسيناء التي تعرضت في فترة الاحتلال إلي استنزاف شديد للموارد البترولية والمعدنية، وكان التخطيط المقترح أن تحتوي سيناء علي خطوط دفاع تنموية لمنع أية فرصة لعودة الاحتلال مرة أخري وجعل قناة السويس هي خط الدفاع الأخير وليس الأول، وفي هذا الإطار أعدت الدولة خطط تنموية لاستغلال مواردها البترولية والتعدينية والسياحية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة