ماذا بين الشيخ "العسل" والكوافير؟

السبت، 13 أكتوبر 2018 10:39 ص
ماذا بين الشيخ "العسل" والكوافير؟
طلال رسلان يكتب

بح الصوت وجفت الأقلام من الاستغاثة بؤلي الأمر في الأزهر الشريف، من تلك الدعاوى السلفية المعلبة الأخطر على المجتمعات من أعمال تنظيم "داعش" الإرهابية، صحيح أنه لا يفل الفكر إلا الفكر، وقد حارب علماء الأزهر تلك الفتاوى، إلا أن الأمر لم يفلح مع تلك الذقون حتى بالتجاهل، في الآخر ستجد فتوى أحدهم تقفز في وجهك وتطاردك في أي مكان بالعالم الافتراضي، هذا فيديو على يوتيوب، وهذا على صفحته الخاصة، وهكذا وهكذا.
 
بالأمس القريب أحدهم، ليس له نصيب من اسمه، يدعى عبد الهادي عسل، خرج علينا بفتوى ليس لها محل من الإعراب، أو مقام تذكر فيه، بعدم جواز ذهاب المرأة إلى الكوافير حتى ولو كانت العاملات فيه سيدات، قائلا: "لا يجوز ذهاب المراة إلى الكوافير للتزين، وهو جرى إيه احنا فلاحين"، ثم أدلى بدلوه واصفا الذهاب إلى الكوافير بالعاهة الفكرية التى تنفر من الدين، ولا بأس أن يؤكد بعد ذلك أن الشرع لا يُحرم أن تتزين المرأة.
 
وقال الداعية السلفى عبد الهادى عسل، فى فتواه التى نشرها فى فيديو من خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك :" جمال المرأة فى وضوئها وصلاتها وسجودها وسوف تصبح قمر"، مشيرا إلى أن أجمل نساء النبي كانت السيدة عائشة ورغم ذلك تزوج عليها الرسول، مضيفًا :" من غض البصر عن النساء سيجد الجمال فى زوجاته".
 
بغض النظر عن الفتوى المنافية للعقل من الأساس، وقد ترك هذا المدعو الكل كليلة ووقف على عاهة المجتمع الفكرية من وجهة نظره بذهاب المرأة إلى الكوافير، لا يليق أبدا أن تصدر مثل هذه الفتاوى التى تحرم كل شيء في حياتنا، باستخدام لغة التكفير والتنفير فى كل الأمور، هم دعاة فتنة، ليس من الدين أن يتم التحريم فى كل الأمور واستخدام الدين والأحاديث الضعيفة لتبرير كل ذلك لإصدار فتاوهم التى تحث على الفتنة وإشعال الرأى العام .
 
هذا "العسل" بفتواه يهدم ما تخطوه الدولة في محاربة التنظيمات الإرهابية على مدار أعوام كاملة مجتمعة، حذرنا وحذر من سبقونا بعقود بأن المجتمع عائم على خلايا تكفيرية وفكر داعشي، في مدارسنا، ومساجدنا، وشوارعنا، وبيوتنا، ولابد من اجتراء جذورها، وإلا سيبقى الوضع كما هو عليه، ننتصر على التنظيمات الإرهابية باليمين، ويربي هؤلاء عقولا تكفيرية بأفكارهم باليسار.
 
لن أخفيكم سرا عن كم المتابعات لفتاوى برهامي الشاذة، وكم المباركات للشيخ الجليل، لا حفظه الله ولا رعاه، والاستماتة في الدفاع عن هرطقة يدلو بها دلوه، ويا ويلك وويل أهلك لو حاولت الاقتراب من ذقن الشيخ، ستدخل إليك جحافله لتكيل لك بما وسعت به يداهم. وفي أقرب مناسبة ستقع الكارثة بأن أحدهم يتعدى على امرأة خارجة من الكوافير مثلا وبكل بساطة، فقد أعطاه مولاه صك الغفران وبشرى بجنة عرضها السموات والأرض من ذي قبل.
 
تخيل معي لو أن شابا في الحادية عشرة من عمره، قليل الخبرة، غائب المعرفة، ما زال لم يأخذ حقه من خبرات الحياة وصدماتها، حديث عهد بما توسوس إليه به نفسه، عندما يسمع هذا الهراء، تخيل ابنتك لو رأت أمامها فتوى برهامي هذه "إنه يجوز ترك الزوج زوجته للمغتصب حال التأكد من إصرار المغتصب على قتله واغتصاب الزوجة، وذلك فداء لحياته قياسا على فتوى العز بن عبد السلام، عن وجوب تسليم المال للصوص حفظًا للنفس من القتل"، واعتبر برهامى أن حفظ النفس فى هذه الحالة أولى إذا تيقن أن دفاعه عنها سيؤدى إلى قتله، أو ما ورد عن "برهامى" في تحريم تعليق صور "بطوط" في المنزل، وحكم عدم الانحناء فى الألعاب الرياضية مثل الكاراتيه، وغيرها وغيرها وغيرها.
 
لماذا يترك الأزهر هؤلاء بصفحاتهم؟ أما آن للقائمين على الأمر تتبع هؤلاء وإغلاق صفحاتهم بدلا من الوقوف عند الرد عليهم، يخرجون هم بفتاويهم علينا في المساء، ويخرج علماء الأزهر بالردود عليها في الصباح، إلى متى سنترك هؤلاء من غير محاسبة أو تطبيق للقانون، ألا يعد هذا من قبيل ازدراء الأديان، وتضليل وإفساد المجتمع؟، متى سنجد واحدا من هؤلاء عبرة لمن بعده ومن على شاكلته، عزاؤنا الوحيد فيما هو قادم أن تنجح الجهود في حلحلة الفكر الداعشي أن يتربى أبناؤنا على دين السماحة والعفو والبعد عن التطرف، أن ينعم جيل جديد بالحياة بعيدا عن كره الآخر وتكفيره وتنصيب الأنفس يد الله في الأرض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة