آخرها ما حدث بالأردن.. هل يلتفت وزراء الثقافة العرب لمشكلات مصادرات الكتب في المعارض؟

الأحد، 14 أكتوبر 2018 01:00 م
آخرها ما حدث بالأردن.. هل يلتفت وزراء الثقافة العرب لمشكلات مصادرات الكتب في المعارض؟
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم
وجدي الكومي

باتت أخبار مصادرة المطبوعات في معارض الكتب العربية حدثا مألوفا، بل أصبح هو الحدث المعتاد، الذي كفت الصحافة عن الالتفات له، وكف الكثير من الناشرين ممن يتعرضون لخسارة كبيرة جراء هذه المصادرة عن الشكوى، وكف القراء أيضا عن التحرك لاتخاذ أي موقف شعبوي رسمي، حتى ولو بالتظاهر على غرار ما حدث عام 2010، حينما شهد أحد معارض الكتب العربية بمنطقة الخليج، أكبر مصادرة للكتب، بلغت حد توجيه الدعوة للمؤلف صاحب الكتاب، للمشاركة بفعاليات في المعرض، وندوات، وحرمان كتبه من التداول.

ويبدو أن وزراء الثقافة العرب في غمار انشغالهم بمحاور مهمة بلا شك من قبيل " الأدوار الثقافية في ترسيخ الهوية العربية" و"مواجهة مشكلات التطرف والغلو" و" إنتاج ثقافي عربي متكامل" و" تعزيز الحوار والتواصل مع العالم من خلال الفنون العربية السينما والفنون التشكيلية والموسيقى".

وعلى الأغلب لن يناقش وزراء الثقافة العرب المقرر انطلاق اجتماعهم غدا الأحد، مشكلات مصادرة الكتب، التي شهدتها بعض من معارض الكتب الخليجية، مؤخرا، وسارع عدد من الكُتاب والروائيين بكتابة أسماء كتبهم التي تلقوا أبناء بمصادرتها في هذا المعرض، أو ذاك عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي.

وأحدث وقائع مصادرة الكتب، ما جرى في معرض عمان بالأردن، وكشف رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين فتحي البس في تصريحات صحفية أن اتحاد الناشرين الأردنيين توصل إلى اتفاق مع كل الجهات في الأردن على ألا تكون هناك رقابة مشددة ونون إلى أنه خلال المعرض تلقى استفسارات حول العناوين المعروضة بالمعرض، ليست لأسباب دينية أو سياسية، لكن بعضها كان له علاقة بالمحتوى الذي اعتبرها البعض خارج عن العادات والتقاليد، مشيرا إلى أنه طالب الناشرين عدم عرض هذه العناوين.

أي أن رئيس اتحاد الناشرين المنوط به حماية مصالح الناشرين والدافع عنهم من قرارات المصادرة، هو الذي يمارس المصادرة.

وتبدو فكرة مصادرة الكتب في معارض الكتب بالدول العربية، مضحكة للغاية في زمن انتعشت فيه التجارة الإليكترونية، وشحن الكتب، وصار بالإمكان أن يتوجه القارئ إلى صفحات الانترنت لشراء نسخة من الكتاب الذي تم مصادرته، والعديد من المواقع الإليكترونية التي تعرض في أحد أقسامها مؤلفات ورقية للشحن والبيع عن طريق البريد، تمنحك فترة 5 إلى 6 أيام لتسلم الكتب في أي مكان بالعالم، وهو ما يهدم الفكرة التي يروم من ورائها مصادرو الكتب ويحبط مخططهم الرامي إلى فرض الوصاية على العقول.

المشروع الثقافي العربي أمام التحديات الراهنة
المشروع الثقافي العربي أمام التحديات الراهنة

 

إن مصادري الكتب في الواقع يمارسون عملا كريها إلى النفوس، فهم يحجبون الأفكار، ويتصورن أنفسهم آلهة بوسعهم أن يتحكم في العقول التي خلقها الله حرة، عقول بوسعها أن تفكر، وتتوصل إلى اليقين، وتتوصل إلى تكوين رأي، مصادرو الكتب يظنون أنفسهم قادرين على فرض وصاية على الناس، وتوجيه أبصارهم إلى ما يرغبون هم أن ينظروا إليه، وسرعان ما تخفق محاولات مصادري الكتب، فالكتب بما تحويه من كتب، بوسعها أن تتنقل عبر الحدود، وتحلق في السماوات، سواء تم بيع الكتاب عبر وسيط إليكتروني شرعي، أو سواء تم تصوير الكتب بطريقة PDF- وهي إحدى الطرق المكروهة التي تنتهك حقوق الملكية والفكرية للمؤلف- وعندما يتم تصوير الكتب بطريقة PDF، فإن مصادري الكتب يتسببون في خسارة فادحة للمؤلفين مرتين، الأولى عندما منعوا من تداول الكتاب بين الناس، والحكم عليه حكما موضوعيا، والثاني أن من صور الكتاب، ورفعه على الانترنت بطريقة PDF، انتهك حق المؤلف والكاتب.

ويتسبب مصادرو الكتب في الغالب بسبب حماقتهم في انتشار كتب رديئة – بعضها كذلك- لأن بعض هذه الكتب تتناول موضوعات بطريقة مباشرة، زاعقة، وبعضها يتناول أفكار حساسة بطريقة سطحية، الغرض منها هو تحقيق انتشار الكتاب، على حساب معالجة موضوعه بطريقة معمقة، وفيها بحث واستقصاء، وهو ما يغري مصادري الكتب بمصادرته، مما يحقق النتيجة العكسية تماما لما رغبه المصادرون، فبينما يحلمون ألا تنتشر هذه الكتب المصادرة، تتسبب قراراتهم في انتشارها انتشارا سريعا وفعالا أكثر مما لو كانوا سمحوا بعرضها في معارض الكتب، ومرت بهدوء دون إثارة الجلبة حولها.

المأمول أن ينظر وزراء الثقافة العرب إلى قضايا الكتاب العربي بعين الاعتبار، ووضعهم في حسابهم، وفتح نقاش حول مشكلات انتقال الكتاب بين الأقطار العربية، والتفكير في حق الشعوب أن تقرأ ما ترغب في قراءته، ومنح الحريات المسلوبة لكل قارئ واحترام حقه في أن يقرأ ما يريد، وأن يجد ما يرغب في قراءته متوفرا في معارض الكتب، وأن يضعوا في اعتبارهم، أن مصادرة الكتب لا تخنق الأفكار، أو تمنعها، بقدر ما تسبب خسارة كبيرة للناشرين والمؤلفين والقراء، نظرا لانتهاك حقوق الملكية والفكرية.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق