تحويل الأجهزة الداعمة للثقافة لمؤسسات ربحية.. هل نعيش عصر خصخصة الخدمات الثقافية؟

الإثنين، 22 أكتوبر 2018 01:00 م
تحويل الأجهزة الداعمة للثقافة لمؤسسات ربحية.. هل نعيش عصر خصخصة الخدمات الثقافية؟
وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم وأحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة
وجدي الكومي

إجراءات عديدة تصلح أن نضعها بجانب بعضها بعضا، لنلمس من ورائها أن الحكومة تتجه إلى خصخصة الخدمات الثقافية، وتحويلها إلى خدمات ربحية.

من هذه الإجراءات رفع أسعار الكتب التي زاد الجدل حولها مؤخرا، حدا أن دخلت إحدى مؤسسات الدولة غير الربحية (غير الهادفة للربح) المجال ورفعت أسعار المطبوعات المدعومة، وأعنى بها هيئة قصور الثقافة، إحدى أجهزة وزارة الثقافة.

من هذه الإجراءات أيضا، زيادة أسعار إيجارات أجنحة الناشرين المصريين والعرب، ليصل سعر الجناح للناشر المصري إلى 960 جنيها في المتر، و160 دولار للناشر العربي أو الأجنبي.

وتشي هذه الإجراءات الحكومية، المتجهة لكعكة الخدمات الثقافية، وترغب في النيل منها، بزيادة الأسعار، أن الحكومة ترغب في خصخصة الخدمات الثقافية، التي هي كرغيف العيش، لا ينبغي رفع أسعارها، لأن الثقافة كالتعليم.. من حق المواطنين كالماء والهواء.

والخدمات الثقافية التي تدعمها الدولة حاليا، ممثلة في إصدار الكتب من جهات النشر الحكومية، مثل هيئة الكتاب، والمركز القومي للترجمة، وهيئة قصور الثقافة، سبق للمواطن تمويلها من ضرائبه، التي يدفعها للدولة، أو التي تخصمها من راتبه، فنشر الكتب في هذه الجهات الحكومية، أجره مدفوعا مسبقا للدولة، وطرح هذه الأعمال بأسعار رمزية، هو عملها الواجب المنوط بها، طالما أنها لم تدعم الناشرين في القطاع الخاص، لتخفيض أسعار مطبوعاتهم.

واللافت أن اتجاه الدولة لرفع أسعار الكتب، تحججا بارتفاع أسعار خامات الطباعة، والورق، وخلافه، أمر غريب في حد ذاته، لأن خامات الطباعة، والورق المستورد الذي ارتفعت أسعاره يرجع في الأساس إلى أن الدولة لم تخفض الجمارك على هذه الخامات المستوردة، وقديما اقترح أحد الناشرين على الدولة أن تقوم بتخفيض الجمارك على خامات الطباعة المستوردة، مما يسمح بتخفيض أسعار الورق، وبالتالي تخفيض تكلفة نشر الكتب.

إذن لدى الدولة حلول تمكنها من الاستمرار في تقديم خدمات ثقافية مدعومة، بدلا من الاتجاه للحل السهل على غرار الناشر المستقل، أو القطاع الخاص، الذي يرفع أسعار الكتب نظرا لأنه يعمل من رأس ماله الخاص.

ولكن الحكومة لا تنظر إلى هذه الحلول لغياب التعاون والتنسيق بين الوزارات المختلفة، وبدلا من أن تتلقى قصور الثقافة وغيرها من جهات النشر بوزارة الثقافة دعما مكلفا يرهق ميزانية الدولة، يمكن وزارة الثقافة ببساطة من وزارة المالية، خفض تكاليف الجمارك على مواد وخامات الطباعة.

الجزء الآخر المتعلق بتقديم خدمات ثقافية مدعومة، هو المتعلق بأسعار أجنحة الناشرين في معرض الكتاب، ونعرف جميعا أن هذا أيضا جزء متعلق بهيئة المعارض، أو مركز المؤتمرات الدولية في التجمع الخامس، وهو المركز الذي سيشهد نقل معرض القاهرة الدولي للكتاب إليه هذا في دورة المعرض الخمسين، ومن المفهوم أن تكلفة تجهيز المكان الجديد تستدعي أن يساهم العارضون من المعارض المختلفة، كمعرض الكتاب، والمعرض الصناعي، وغيرها من معارض، في رد جزء من نفقات التجهيز.

لكن بالنظر إلى طبيعة مهنة النشر في مصر والوطن العربي، سنجد أن هذه الصناعة أضعف من صناعات أخرى، وبالتالي زيادة أسعار تأجير الأجنحة للناشرين المصريين والعرب، سيكون كدفع حجر دومينو في صف طويل، يصل في النهاية إلى القارئ المصري الذي سيذهب إلى معرض الكتاب، ليجد أسعار الكتب مرتفعة، أكثر من أية دورة.

وإن كان نقل معرض الكتاب يحل مشكلات عديدة في نظر منظمي المعرض، إلا أن رفع أسعار إيجار أجنحة الكتب، سيتبعه رفع أسعار الكتب على كاهل القراء والجمهور، وهو ما قد يهدد صناعة النشر ويؤثر في مبيعات الكتب، ونجاح تنظيم معرض الكتاب في الدورات المقبلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق